أخذ التَّلاسُن بين الجنسين -في عصر الميديا الجديدة- طابع التراشق عبر تبادل إطلاق النيران الصديقة، وحينما دخلنا عصر «البلاك بيري – الآي فون» أخذت هذه المعارك منحى الشتائم المضادة، فمثلاً عندما أطلق نسوة من المدينة وصف «nick name» «أبو سروال وفانلة» على الرجل، لم ينتهِ اليوم حتى اشتعلت القذائف الرجالية؛ بإطلاق وصف «أُم الرُّكَب السّود» للمرأة..!
وبدأت معركة الكلمة بالكلمة، والوصف بالوصف، وانتفض البعض على طريقة رجال المطافئ؛ لإخماد لهيب المعركة، بالبحث في أسباب سَواد الرُّكبَة؛ لتتفكر المرأة في سواد رُكبتها؛ عوضًا عن الغضب والانفعال، وكأن السَّواد وصمة عار، وأرجعوا ذلك السَّواد
للاحتمالات التالية:
يُحوَّر مسمى الكذب في لغة العوام «بالرُّكبة»، وقد يكون تفسير وجود السَّواد دليلاً على إنتاج الكذب ووفرته بقول المرأة..!
إن قلة المياه أدت إلى عدم توفير الاستحمام، وبالتالي تراكم السَّواد، ودليله قول إعرابية لابنتها: «عيدان في العام؛ عيد يستحب فيه الاستحمام، والآخر فلا داعي للاستحمام فيه» ما يؤكد هذا الاحتمال النساء اللاتي يسكنَّ بجوار البحار والأنهار، لا تكاد تجد تلك البقعة برُكبتهن..!
إن الطفلة العربية تحبو على رُكبتيها؛ وتجثو عليهما فترات طويلة، والأم تتجاهل حماية رُكبة ابنتها؛ حتى إذا كبرت تحرص على ستر الرُّكبَة، ولبس الفساتين الطويلة، ولا عجب في ذلك حين نسمع أن الفساتين –غالبًا- ما تقاس بالرُّكبة، فيقال تحت الرُّكبة أو فوقها..!
جاء سواد الرُّكبة حجابًا حاجزًا للفصل بينه وبين بياض السَّاق، لأن البياض لا يميزه إلا ضده وهو السَّواد، ولذلك قال الشاعر في وصف
حبيبته:
فالوجهُ مِثل الصبحِ مُبيَضٌّ
والشَّعرُ مِثل الليلِ مُسْوَدُّ
ضِدّانِ لمّا اسْتَجْمَعا حَسُنا
والضدّ يُظْهِرُ حُسْنَه الضِدُّ
قد يكون السَّواد ناتجًا عن زيادة الوزن بالقسم الأعلى من الجسم، وباعتبار أن الرُّكبَة هي من تصل بين القسمين؛ اسوَدّ لونها من ثقل ما تحمل..!
عندما تتألم المرأة من الولادة أو الحُزن، تضرب رُكبتها، فتسوّد الرُّكبَة نتيجة اللسعات الحارقة من اللطم..!
حسنًا.. ماذا بقي؟!
بقي القول: الخير والجمال في جميع النساء، فلا فرق بين رُكبة سوداء ولا بيضاء، إلا بالاجتهاد والعمل، ومازال القلم يتذكر رواية إحدى الخاطبات؛ بأن الرجال يحرصون على المرأة ذات الرُّكَب السّود؛ لأنه يدل على تسترها ونشاطها، ومن منا لا يحب المرأة التي تبدو كالنملة نشيطة، رُكبتها سَوداء كأنها خريطة الدَّهنَاء..؟!