اتّسمت دراما رمضان عبر السنوات الماضية بوجود جرعة كوميدية قوية بعد قرار الكوميديانات بالتواجد في سوق الدراما بعد التراجع الكبير في سوق السينما، وكانت الكوميديا تمثّل حالة خاصة في شهر رمضان، لكن تغيّر الحال هذا العام وتراجع نجوم الضحك، حتى النجم عادل إمام الذي بدأ تصوير مسلسله الجديد «أستاذ ورئيس قسم» ينتمي مسلسله إلى الدراما الاجتماعية ويطرح من خلاله فكرة الإرهاب وتأثيره على الأوضاع السياسية في عالمنا العربي من خلال تقديمه لشخصية وزير في الحكومة المصرية. أسباب كثيرة وراء عدم وجود الكوميديانات جعلتنا نفتح هذا الملف مع الفنانين بعد قرارهم بالابتعاد عن ماراثون رمضان.
تضمّ القائمة محمود عبد العزيز ومحمد هنيدي ومحمد سعد وهاني رمزي وأشرف عبد الباقي، حتى الأعمال النسائية التي كانت تقدّم عبر مجموعات نسائية على طريقة ماجدة زكي وانتصار ولقاء الخميسي غير موجودة أيضاً.
هاني رمزي: لم أجد النص المناسب
هاني رمزي الذي مثّل خروجه مفاجأة رغم تعاقده على مسلسلين، «العريس 13» وعمل آخر يكتبه فداء الشندويلي قال عن ذلك:
«الحقيقة أنني كنت بالفعل أنوي تقديم عمل كوميدي في رمضان ولاسيما أنها كانت فرصة جيدة لعدم وجود أعمال، لكن كانت هناك مشكلتان أساسيتان الأولى تتمثّل في الإنتاج الذي لا يرغب في تقديم أعمال ذات ميزانيات كبيرة، والثانية أن كل النصوص الدرامية الموجودة ضعيفة من ناحية المضمون الكوميدي. والحقيقة أن كل الأعمال الكوميدية المتاحة قرأتها ووجدتها غير قوية، فقرّرت عدم المغامرة لكنني بالفعل سوف أقدّم مسلسل «العريس رقم 13» بعد موسم رمضان لأنني متعاقد عليه مند فترة، وحالياً نقوم بإجراء تعديلات عليه. فالأزمة الحقيقية لا تتمثّل في الإنتاج، لكن في السيناريوهات التي تكتب ولا تحوي أفكاراً جيدة».
ألعب دور المشاهد هذا العام
محمد هنيدي يفسّر أسباب عدم تواجده في دراما رمضان قائلاً: «تصوير الأعمال الفنية يتطلّب مجهوداً كبيراً جداً، وانشغلت خلال الفترة الماضية بتصوير فيلمي «يوم مالوش لازمة» الذي عرض في دور السينما. وكان لا بدّ أن أحصل على فاصل من التصوير دون الدخول في عمل فني خاصة إذا كان دراما لأن تصويره يتطلّب تركيز ما يقرب من 6 أشهر في التصوير وهذا أمر وجدته صعباً للغاية، ولهذا قرّرت أن أقوم بدور المشاهد في رمضان القادم. كما أنه ليس بالضرورة أن يتواجد الفنان سنوياً في الدراما طالما أنه استطاع أن يحقّق نفسه في السينما أو حتى في تقديم البرامج التي أصبحت تجد قبولاً كبيراً من النجوم والمشاهدين».
فيلمي عطّلني عن دراما رمضان
بينما محمد سعد يقول: «لم يكن في الإمكان أن أدخل تصوير مسلسل وقد تعاقدت على فيلم «حياة مدلدلة» لكي يعرض في موسم شم النسيم. ولذلك انشغلت في تصوير الفيلم، وكان لديّ مشروع فني لرمضان، لكن الاختلاف على الميزانيات جعلني أقوم بتأجيله بشكل كامل هذا العام. وأعتقد أن المسلسل الكوميدي أصبح أمراً في غاية الصعوبة لأسباب كثيرة ومتعدّدة، لعلّ أهمها أنه يحتاج إلى تشويق وإفيهات كوميدية جديدة عبر 30 حلقة، وهو ما يعادل بالضبط 30 فيلماً سينمائياً. الأعمال الكوميدية أصبح تواجدها بالشكل الذي يعجب الفنان صعباً، ولكنني في حالة بحث مستمر عن عمل يكون قوياً أستطيع من خلاله أن أرسم الابتسامة على وجه الجمهور.
وفي الوقت نفسه، لا يمكننا تحت أي ظرف أن نغفل شيئاً في غاية الأهمية وهو أن الإنتاج تقلّص بنسبة كبيرة هذا العام، وهو ما كان سبباً أساسياً في عزوف كثير من النجوم عن التواجد في أعمال فنية لأن النجوم الكبار لا يرغبون إلا في الظهور بالشكل الذي يليق بهم. وهذا من الممكن أن يكون متوفّراً في السينما، لكن في الدراما وبشكل صريح لم يعد موجوداً».
التكلفة الكبيرة هي السبب
بينما تؤكّد لقاء الخميسي والتي قدّمت من قبل الكوميديا في السينما مع محمد هنيدي في فيلم «عسكر في المعسكر» أو في الدراما في أعمال عديدة مع محمد سعد في «شمس الأنصاري» أو في مسلسل «راجل وست ستات» مع أشرف عبد الباقي ومسلسلات أخرى، أن السوق أصبح حالياً يلعب على المضمون في الأعمال التي يقدّمها المنتجون. وأجور الكوميديانات في الدراما أغلى بكثير من النجوم العاديين، وبالتالي من الممكن أن يقوم المنتج بعمل مسلسلين بتكلفة عمل كوميدي، وبالتالي حسابات المكسب والخسارة تجعل الكوميديا تتواجد بصورة ضعيفة سنوياً».
وتضيف لقاء: «أحب كثيراً هذه النوعية وهي السبب في زيادة شهرتي في العالم العربي، لكن عدم تواجدها جعلني أقدّم أعمالاً أخرى لأنني من الممكن أن أقدّم عملاً كل ثلاث سنوات لو وضعت نفسي في دائرة الكوميديا. وأعتقد أن المنتجين يجب عليهم أن يهتمّوا بالكوميديا في رمضان لأنها تحقّق نجاحات كبرى وحصيلتها من الإعلانات تكون كبيرة جداً، وأقول لهم المغامرة مطلوبة ومكسبها مضمون لأن الأعمال الكوميدية تحمل أسماء كوميديانات كبار».
تكاليف كبيرة
المنتج تامر مرسي الذي استطاع أن يجذب الفنان عادل إمام الى الساحة الدرامية يؤكّد أن السبب في تراجع معدّلات الإنتاج الكوميدي أنها تحتاج إلى ميزانيات كبيرة جداً، والمنتج في النهاية يقوم بعمل خطته طبقاً للمكسب والخسارة. وهناك أعمال كانت من الممكن أن ترى النور هذا العام، لكن تراجَع المنتجون عنها في اللحظات الأخيرة بسبب عدم وجود طلب على نجومها من القنوات الفضائية التي أصبحت تلعب الدور الأكبر في تحديد نجوم رمضان لأنها تقوم بدفع مبالغ كبرى في العرض الحصري أو العرض الأوّل. ويجب علينا أن ننتبه إلى أمر ضروري وهو أن معظم القنوات الفضائية عليها ديون للمنتجين من العام الماضي، وهذا ما جعل أغلب المنتجين يتراجعون عن معظم الأعمال ويركّزون في عمل أو اثنين على الأكثر.
السينما جعلتهم يعزفون عن الدراما
بينما ترى الناقدة ماجدة موريس أن السبب وراء تراجع الإنتاج الدرامي للأعمال الكوميدية ليست الأموال أو قلّة الموضوعات، ولكن الكوميديانات أنفسهم الذين يحبّون كثيراً التركيز في السينما فيقدّمون عملاً يصوّر في شهرين ويحصلون منه على الملايين ويركّزون في غيره. أما المسلسل الدرامي فيحتاج إلى تفرّغ كامل لمدّة 6 أشهر على الأقل، كما أن السوق السينمائي عاد إليه جمهوره مرّة أخرى وأكثر الفئات المطلوبة فيه هي الكوميديانات، وبالتالي السينما جعلتهم يعزفون عن الدراما، لكنني في كل الأحوال أتمنى أن يتراجعوا قليلاً عن شروطهم في الأجر إذا كانوا بالفعل يرغبون في تقديم أعمال كوميدية خلال شهر رمضان كي يساهموا في إسعاد الناس».
وتضيف ماجدة موريس: «النجوم عموماً يجمعهم مبدأ واحد وهو الحصول على أعلى سعر، وهذا الموضوع له علاقة كبيرة بمدى قبولهم العمل، يعني قبل اختيار أي شيء لا بدّ من موافقة المنتج على أجرهم حتى يتمكّنوا من دخوله. الكرة في ملعب النجوم وليس المنتجين خاصة أن الإنتاج الدرامي يعاني كثيراً في ظلّ أزمات القنوات الفضائية المصرية وديونها المتراكمة من العام الماضي»