برز اسمها في ستينات القرن الماضي.
وكانت أُنجيل عبّود أول إمرأة تؤسّس داراً للنشر في لبنان باسم "المؤسَّسة الأهلية للطباعة والنشر".
وهو العنوان الذي يتصدّر الطبعة الأولى من روايتي "طيور أيلول".
ولذلك قصة أستعيدها باختصار، لمناسبة اليوبيل الذهبي للرواية التي تبلغ اليوم عامها الخمسين.
***
وكنتُ في ذلك الحين، أعمل في الصحافة، وأحلم بسائحة تُتيح لي تحقيق حلمي من خلال كتابة رواية. وكان ذلك مستحيلاً لعدم توفُّر الوقت والمكان: ففي البيت كنت أقوم بمسؤولية الأمومة وربّة المنزل. وفي المجلّة أنصرف لما يخصّ عملي فيها.
***
وهنا اقترحت عليّ أُنجيل أن أهرب من كلا المسؤوليتين: العائلة والمجلّة، وألجأ صباح كل يوم إلى مكتبٍ صغير في مؤسّستها، حيث لا يعلم بوجودي أحد سواها.
***
لا أذكر بأنها سألتْني مرّة عمّا أكتب، كما لم تكن تكلّمني عن النشر، وهي الكاتبة، كانت تعلم بأنّ تلك المرحلة أشبه بالحمْل؛ والبذرة تحتاج إلى الصمت وسكينة الأعماق.
لكنّها كانت أوّل من قرأ المخطوطة، ونصحتْني أن أبحث بحرّية، عن ناشرٍ يعطي الكتاب حقّه.
***
وقد تلقّيت صدمة كبرى من أحد الناشرين المعروفين في حينه، عندما راح يحكم على الرواية من خلال حجمها وسعر المبيع؛ أما القيمة الأدبية!..
***
ما زلتُ أذكر الخيبة التي أصابتني؛ ونقلت خلاصة ما جرى إلى أُنجيل فقالت أردتك أن تُحاولي ثم تقرّري؛ أما من جهتي فقد أحببتُ الرواية وأعتبرّها عملاً مميّزاً.
***
وهكذا وضعتُ مولودي الأوّل "طيور أيلول" بين يدي أُنجيل عبّود، مع قبولي بمبلغ قدرُهُ ألف ليرة من حقوق نشر الطبعة الأولى.
وهي التي قامت بترشيح الرواية لجائزة "أصدقاء الكتاب"، وذلك بعدما اعتذرتُ عن تقديمها باسمي معتبرةً أن الكاتب لا يسعى إلى طلب التقدير، ويكتفي بتقديم عمله وحسب.
***
وفي حينه، نجحت الرواية في نيل الجائزة مُناصفة مع كاتب معروف هو الدكتور سهيل إدريس؛ إلى جانب نيلها جائزة الشاعر سعيد عقل.
وكانت من آخر الأعمال التي نشرتْها تلك الدار. إنما صاحبتها تبقى في الذاكرة رائدة شجاعة ونسمةً لطيفةً في عالم الأدب والنشر.