يعرف "الاستسقاء" أو "الحبن" Ascites بأنه رشح مائي أو تجمّع للسائل الحر في تجويف الغشاء البريتوني (الغشاء المغلّف لتجويف البطن)، ما يؤدّي إلى انتفاخ البطن وامتلائها. ويعزو الأطباء حدوث هذه الحالة، إلى سببين: الفشل الكبدي، وارتفاع ضغط الدم البوابي Portal Hypertension. وتفيد دراسة نشرتها "الجمعية البريطانية لأمراض الجهاز الهضمي"، في هذا الإطار، إلى أن "الاستسقاء" يشكّل واحداً من بين أهم مضاعفات التليّف الكبدي والذي يلاحظ لدى حوالي 50% من الحالات التي تخضع للمتابعة والملاحظة الطبية لأكثر من 10 سنوات.
"سيدتي" تسلّط الضوء على داء الاستسقاء عبر معلومات مستمدّة من الاستشاري في أمراض جهاز الهضم والكبد في مستشفى سليمان فقيه بجدة الدكتور نادر فريد.
تتعدّد الأسباب المسؤولة عن تجمّع أو تراكم السائل الحر أو سائل الاستسقاء Ascitic Fluid في التجويف البريتوني، أبرزها:
1 انخفاض نسبة الزلال (الألبومين): يعتبر انخفاض نسبة الزلال في دم المصاب بمعدّل أقل من الطبيعي مؤشراً خطراً لحدوث رشح في الغشاء البريتوني، وذلك في حالات فشل خلايا الكبد وتليّفه نتيجة عدم قدرته على إنتاج "الألبومين"، ما يؤدي إلى انخفاض الضغط الأسموزي للدم. ويظهر عجز الكبد بشكل واضح غالباً في حالات النزف الشديدة أو التعرّض لعدوى أو الإصابة بالإسهال.
2 ارتفاع ضغط الدم داخل الأوردة المتّجهة للكبد (الوريد البابي): يؤكّد الأطباء في جامعة هارفارد أن زيادة ضغط الدم داخل الوريد البابي تمثّل قوةً طاردةً تعمل على دفع السائل المرتشح من الأوعية الدموية إلى تجويف البطن، علماً أن هذا العامل لا يكفي وحده لحدوث "الاستسقاء"، بل يجب أن يرتبط حدوثه بقصور الكبد وعدم قدرته على تكوين "الألبومين"، كما في حالات تليّف الكبد. وتجدر الإشارة إلى أن سبب ارتفاع ضغط الدم في حالات التليف ينتج عن إعاقة سير الدم في الوريد البابي، ما يرفع مستوى الضغط داخلها. ويبدأ سائل الاستسقاء، في هذه الحالة، بالتدفّق إلى التجويف البريتوني والتجمّع فيه نتيجة التبادل المستمر للسائل عبر غشاء البريتون بين الأوعية الدموية وتجويف البطن، ما يقابله تسرّب ماء الجسم إلى تجويف البطن وحدوث "الاستسقاء". ولذا، يتعرّض المصاب إلى الجفاف ما يدفع أعضاء الجسم إلى محاولة الاحتفاظ بالماء، كالكلى التي تحاول الاحتفاظ بالصوديوم وبالتالي بالماء، الغدة فوق الكلوية التي تقوم بإفراز هرمون "الألدوستيرون" المحفّز للجسم على الحفاظ على الصوديوم والماء من أجل إعادة السوائل مرّة أخرى إلى الأوعية الدموية.
3 عوامل أخرى: زيادة نسبة هرمونات معيّنة في الجسم تشجّع الجسم على الاحتفاظ بالماء والأملاح نتيجةً لضعف كفاءة الكبد في الحفاظ على التوازن بين الهرمونات.
أعراضه...
تشكّل الأعراض التالية أبرز الأسباب المسؤولة عن "الاستسقاء":
_ امتلاء البطن وانتفاخها، خصوصاً بعد تناول الطعام.
_ امتلاء البطن وانتفاخها بشكل مفاجئ، خصوصاً عند تعرّض مريض الكبد لظروف طارئة وحادّة (النزيف والإسهال الشديد وارتفاع درجة الحرارة)، عادة ما يزول عند التخلّص من المسبّبات.
_ تراكم السائل بالبطن بشكل تدريجي، وهذا الأخير يشكّل حالةً صعبة العلاج لأنها مزمنة.
_ الشعور بالضيق وبصعوبة في التنفس نتيجة الضغط الواقع على الحجاب الحاجز.
_ الهزال الشديد، مع تناقض نحافة الأطراف وضخامة البطن وانتفاخها (الشكل العنكبوتي).
_ احتقان الأوردة الجانبية بجدار البطن وتمدّدها.
_ تراكم سائل الاستسقاء الحر بجانبي البطن.
_ ظهور خطوط بيضاء على جانبي البطن.
_ الجفاف الذي يتمثّل في نقص إفراز العرق.
_ يحدث مع "الاستسقاء" أو بعده تورّم في القدمين، قد يبلغ في بعض الحالات تورّم كيس الصفن ما يعرف طبياً باسم "الوذمة" بسبب ارتشاح الماء ونقص البروتين بالدم.
_ تشوّه شكل السرّة أو انقلابها.
_ تسرّب جزء من سائل "الاستسقاء" إلى تجويف الغشاء البلوري المحيط بالرئتين خصوصاً في الجهة اليمنى، ما يزيد من صعوبة التنفس.
_ تقلّ كمية البول لدى المصاب ويزداد تركيزه.
_ ألم نفسي شديد غالباً ما يظهر عند النوم والمشي وصعود السلم، يبلغ في الحالات الحرجة مرحلة تجعل المريض عاجزاً عن ارتداء ملابسه.
وتشمل مضاعفات "الاستسقاء": فتق السرة Umblical Hernia أو أي جزء آخر من جدار البطن، نتيجةً لجراحات أو مناطق مفتوحة بالبطن من قبل، وذلك في الحالات المتقدّمة من الإصابة، والالتهاب البريتوني الناتج عن عدوى ميكروبية لسائل "الاستسقاء" داخل تجويف البطن، والارتشاح البلوري والذي يصاب به حوالي 70% من المرضى ويكون في الجانب الأيمن أو الرئة اليمنى.
طرق العلاج
•العلاج الغذائي: ينصح الخبراء بالتخفيف من تناول الصوديوم بمصادره المعروفة وأبرزها ملح الطعام، مع الامتناع عن استهلاك المخلّلات والأسماك المملّحة واللحوم المحفوظة والمصنّعة والجبن المحتوي على نسبة عالية من الأملاح وبعض أنواع البسكويت والخبز والفطائر، فضلاً عن المشروبات الغازية والمعلبات بشكل عام والخضر المحفوظة. ويذكر الباحثون ضرورة الحد من تناول الخضر عالية المحتوى من الصوديوم كالسبانخ، مع أهمية متابعة وزن المريض بصورة دورية.
•العقاقير المدرّة للبول: يتمّ تناولها بإشراف الطبيب المعالج.
•بزل البطن: يشمل سحب السائل البريتوني عبر استخدام تقنية خاصة، وذلك في حال شعور المريض بضيق شديد في التنفس أو صعوبة في الحركة.
وفي حال عدم استجابة المريض للطرق العلاجية السابقة، يلجأ الأطباء إلى إحلال كمية البروتين المفقودة أثناء عملية البزل عن طريق إمداد المريض ب "الألبومين" عبر الوريد.