قد يتراءى لنا أن كثرة الكتب التي تحمل مثل هذه العناوين التالية تخلق فينا ألف سؤال واستفهام: الكاتب وكوابيسه– عوالم روائية– حديث الروائيين– تقنيات كتابة الرواية– رسائل إلى روائي شاب ...الخ ، ولا تنتهي الكتب التي تتشابه في عناوينها، فالرسالة التي تحملها قد تكون واضحة للعيان، وقد يجهلها البعض الآخر، فقد أصبحنا في زمنٍ يفتقر للكثير من العناصر الأدبية واللغوية، وخصوصًا في فن الرواية، الرواية التي باتت تنساق نحو بعدٍ آخر لم نكن نعهده، لكنه أصبح دخيلًا على المشهد الثقافي، للحد الذي أجتاح قوائم الكتب الأكثر مبيعًا بصورةٍ مريبة.


أحب الاحتفاظ بفكرة أن الكتب تشكل عملًا تطهيريًا، نوعًا من اليوغا، طريقة للسمو والتحرر من الوهم. هكذا قال لورانس داريل عن الكتب بشكلٍ عام.
ليس لديّ اعتراض بخلق عوالم روائية جديدة، بالغوص فيها والكشف عن أسبارها، ليست تلك المشكلة، المشكلة التي أصبح يراها ويستشعرها الكاتب والمثقف هي الهبوط المفاجئ في اللغة الروائية، في تماسكها وحبكتها، هذه الفجوة التي استحدثت من اللا شيء، لم تكن موجودة سلفًا، وهذا ما يميز الاعمال الأدبية الأصيلة عن غيرها، حيث أنها غير قابلة للتكرار وللتقليد،

أمَا المشهد الثقافي الذي بتنا نشاهده في كل المحافل الثقافية، فهو أمر لا يبشر بالخير، فقد أصبحت الكتب الفارغة والمحشوّة بعدمية الشعور، تحظى باهتمام كبير من قبل بعض القراء الذين يبحثون عن عباراتٍ مخدرّة، عباراتٍ تملؤها المشاعر الكاذبة، تاركين أمامهم كل الكتب العظيمة والخالدة جملةً وتفصيلا ، لكن هذا لا يعني أنها أصبحت لا تُقرأ، بل هنالك القراء والكتّاب النخبويين، الذين ما زالوا متمسكين بأصل الأدب واللغة المتجذرة بالعمقِ الإنسانيّ والروحيّ. لكن الأدب أصبح في أزمة ثقافية.