أنا زوجة في الثامنة والثلاثين.. نشأت في أسرة مفككة بسبب إدمان والدي الخمر.. وشدته الزائدة بين الحرمان والضرب والإهانة لنا أمام الجميع.. وأم سلبية لا حول لها ولا قوة أمام سطوته.. وعجزهما عن كبح تدفق مشاعرهما نحو أحدنا دون الآخر.. أي التفرقة في الحب والمعاملة والمشاعر بين الإخوة، فنشأنا مشتتين لا نشعر بمحبة بعضنا.. أحدنا أخذ الحب والخير والدلال كله، والبقية ينظرون متألمين متحسرين.. جميعنا تزوج وأنجب.. ولكننا لا نجتمع ولا نشتاق لبعضنا.. ليس بيننا لهفة الأخوة.
تزوجت لأول مرة وأنا في السابعة عشرة.. حرمت من إتمام تعليمي.. وبعد سبعة أشهر من زواجي طلقت..!! ولكن والدي زوجني لأول طارق، وجدته مثل أبي يشرب الخمر، مسلوب الإرادة، وبلا شخصية، فعدت لأسرتي.. ولكن والدي أعادني، فلن يسمح بطلاقي للمرة الثانية.. أجبرت على العودة أمام إصرار والدي وعدم دفاع أمي.. قررت العودة إليه على أن أقلع شوكي بيدي (كما يقال)..
حاربت.. كافحت لأرسم صورة جميلة.. اشتغلت بشهادتي المتواضعة، لأساعده وأوفر له ولأولادي الأربعة مصروفهم، عشرون عامًا مرت على الكفاح والتعب، لأصنع «برستيجًا» كاذبًا أمام أسرتي بأن حياتي هانئة.. وأنني نجحت في سد ورأب الصدع الذي كنا نعانيه.. مرض زوجي ولازم الفراش لخمس سنوات مضت، وقفت إلى جانبه وعالجته إلى أن بترت ساقه، ومات متأثرًا بأوجاعه.. مرت سنوات وكنت أعمل لأوفر حياة كريمة لأبنائي.. وخلال سنوات عملي تعرفت على شخصية مرموقة ومحترمة من عائلة معروفة.. كان ينصحني بكل صغيرة وكبيرة، يشاركني المشاكل التي تواجهني.. كان نعم الأخ والصديق.. كنت أرتاح إليه كثيرًا.. ولم يكن يمر يوم دون أن أستشيره بأمر، لمح لي ذات مرة بأن يتزوجني في حال وفاة زوجي.. ولكنه تجاهل الأمر الآن.. يعجبني فيه إصراره على الاهتمام بأسرته وتلبية طلباتهم.. وبنفسه.. ولكني أجده قاسيًا أحيانًا، إن غضب، يستمر غضبه لأيام طويلة، يقاطع فيها من أَغضَبه.. ولا يقبل الجدال.. أحيانًا أشعر ببخله.
سيدي.. أنا الآن بين الرغبة في الاستمرار معه والزواج والحروب.. إذا تقدم أتنصحني بالقبول؟.. أم بالرفض؟.. هو يعجبني لأنه قوي الشخصية.. لبق.. ذكي.. جميل.. حكيم.. وفي نفس الوقت خائفة ومترددة؛ لأنه شكاك، يغار لأبسط الأمور.. ولكني أميل للموافقة، لأني أشعر معه بالحماية والأمان.. فماذا أفعل لو تقدم لخطبتي؟!
المعذبة الولهانة
قصتك أدمت قلبي.. حتى إنني أسأل نفسي كيف حدث كل هذا؟ المهم.. لا أريد أن أنصحك أو أنهاك.. ولكني أفكر معك وأرى أن تكون هناك شروط واضحة بينك وبينه.. حتى لا تستيقظي ذات يوم وتجدي أنه يفضل أسرته الأصلية على علاقته بك.. أو يهملك أنت وأولادك من أجل زوجته الأولى وأولادها..
حددي مسائل الإنفاق.. ومواعيد حضوره وغيابه حتى يمكن أن تستمري.. بهذا يمكن أن يكون الزواج أفضل من الوحدة في هذا العالم القاسي.
للتواصل مع الكاتب عبد الله باجبير [email protected]