القطة هي واحدة من أكثر الحيوانات قرباً من بيئة الإنسان؛ إذ يعود تاريخ تدجينها إلى آلاف السنين، وهي موجودة في بيئتنا العربية سواء كانت قطة سائبة أو حيواناً مدللاً، يحمل اسماً محبباً، وينعم بالرعاية الخاصة، ويختلف اسم القطة باختلاف المناطق العربية التي تعيش فيها؛ فهي «بسة» في السعودية والأردن ولبنان وفلسطين وسوريا، و«بزون» في العراق، و«كطوة» في البحرين، و«مش» في المغرب، و«كديسة» في السودان، و«قطوسة» في تونس، و«سنارة» في عمان.
كما أنها لاعب أساسي في كثير من أمثلة وحكم هذه الشعوب؛ فالكل يجمع على مثل «غاب القط العب يا فار»؛ فيما يختص عرب آخرون بالمثل «ياكل وينكر زي القطط»، ومثل «اتفق القط والفار على خراب الدار»، و«البزون تفرح بعمى أهلها»، و«عمرك شفت بس... بيلاعب فار»، ويتفق معظمهم على أن رؤية القطة في المنام تعني التعب والمشقة، ويجمعون أيضاً على وصف المرأة كثيرة الإنجاب بالقطة «القطة الواحدة يمكن أن تلد 100 قطيطة صغيرة خلال حياتها، التي يبلغ متوسطها 15 عاماً».
هل القطة بسبع أرواح؟
وتكاد تجمع شعوب العالم على أن للقطة أرواحاً متعددة؛ ففي إيطاليا وألمانيا واليونان، يظن الناس هناك أن للقطط تسع أرواح، أما في الدول العربية؛ فثمة مثل شائع يضرب للشخص الذي ينجو من الموت ويتفادى الخطر، وهو «مثل القطط بسبع أرواح»، وربما يعود هذا القول الذي لا أساس علمياً له إلى سرعة جري القطة في حالة الهرب من الخطر؛ حيث تصل سرعتها إلى حوالي 48 كيلومتراً في الساعة، في حين أن بطل ألعاب القوى «آسافا باول» لا تتجاوز سرعته 43.5 كيلو متراً في الساعة!!
كما يوجد في أذن القطة الواحدة ثلاثون عضلة، تمكنها من تحريك كل أذن في نطاق 180 درجة كاملة؛ مما يساعدها على سماع الأصوات الخافتة جداً التي تصدر حتى من الفئران، كما أنها تستطيع الرؤية في الظلام، ولها حاسة شم أقوى من الإنسان، ولكن يبدو أن الحديث عن الأرواح المتعددة يعود بشكل أساسي إلى الليونة والرشاقة الطبيعية التي تبديها القطة في التخلص من المآزق والهرب من الخطر الذي يهدد حياتها؛ إضافة إلى أنها تسقط دائماً على قدميها باستخدام غريزتها اللا إرادية، ولكن القطة يمكن أن تموت أو تجرح؛ إذا ما سقطت من مكانٍ مرتفع، حالها حال بقية الكائنات.
القطط قد تصيبنا بالشيزوفرنيا!!
ونعود إلى الدراسة الحديثة التي نشرت مؤخراً في صحيفة Schizophrenia Research، والتي تهم بشكل خاص العوائل التي تربي وتعتني بالقطط في بيوتها؛ حيث تربط هذه الدراسة بين العيش مع القطط ومرض «الشيزوفرنيا» العقلي، وجاء في هذه الدراسة أن امتلاك القطط والعناية بها يمكن أن يسبب لطفل الأسرة أمراضاً خطيرة، منها «الشيزوفرنيا»، التي قد تظهر أعراضها في مرحلة المراهقة المتأخرة «من أعراضها الهلوسة والخيالات والهذيان، مع تغييرات كبيرة في السلوك»، وقد عمدت الدراسة إلى تحليل الأجوبة التي قدمتها حوالي 2,125 عائلة، لها علاقة بمرض «الشيزوفرنيا»، وظهر أن حوالي 50.6% منهم كانت عندهم قطة في البيت في مرحلة الطفولة، وجاءت هذه النتائج قريبة من دراستين كانتا قد أجريتا في التسعينيات، ويعتقد الباحثون بأن «التوكسوبلازما»، وهي خلية منفردة طفيلية تتواجد في بعض القطط، يمكن أن تكون هي السبب، وقال أحد المشاركين في هذه الدراسة: «إن هذا الطفيلي يصل إلى دماغ الإنسان ويشكل (خراريج) مجهرية تكون فعالة في تأثيرها على الناقلات العصبية في سن المراهقة المتأخرة؛ مما يسبب حدوث المرض».
وقد ظهر في دراسة سابقة بأن «التوكسوبلازما» التي تنتقل من القطط، يمكن أن تدخل إلى دماغ الإنسان باستخدام نوع من خلايا الدم البيضاء المتواجدة في جهاز المناعة، وأن هذا الطفيلي يعيش في كثيرٍ من الحيوانات، إلا أنه لا يكمل دورة حياته إلا في القطط، في حين تلفظه بقية الحيوانات خارج جسمها عن طريق البراز.