ينكبّ العلماء حالياً على تطوير لقاح جديد يساعد في التخلّص من الإدمان على التدخين والنيكوتين، ويتمّ تناوله بعد التوقف عن التدخين وليس قبله. ويأخذ هذا اللقاح بعين الإعتبار طريقة الإدمان وسلوك المدمن والعلاج المعتمد المساعد للتوقف عن التدخين، بحيث يصبح فعّالاً بصورة أكبر على المدى الطويل، علماً أن التجارب بيّنت أن هناك من 20 % إلى 30% من الأشخاص الذين يتوقفون عن التدخين خلال سنة من تناولهم لهذا اللقاح.
لمعرفة المزيد عن هذا اللقاح وسبل الحدّ من إدمان النيكوتين، «سيدتي» حاورت الإختصاصي في الأمراض الصدرية الدكتور جورج جوفيليكيان.
- ما هو الهدف من هذا اللقاح؟
يتمثّل الهدف في منع النيكوتين من الوصول إلى الدماغ، فيفقد فاعليته ويتوقّف عن إرسال موجات متصلة بالدماغ كـ «الدوبامين» المسؤول عن الإحساس الإيجابي بالإدمان على التدخين. وفي الحالات العادية عندما يدخّن الشخص بدون الإستفادة من هذا اللقاح، تتكوّن مضادات للنيكوتين، جزيئياتها صغيرة ولا تستطيع أن تحرّك جهاز المناعة، ولكن عندما يتمّ تناول هذا اللقاح يزداد إنتاج المضادات ويصبح بإمكانها تحريك جهاز المناعة بشكل جيّد لمقاومة الإدمان.
- هل بدأ استعمال هذا اللقاح أم مايزال في مراحله الأولى؟
مايزال هذا اللقاح الجديد في مراحل أولية من الدراسات والتجارب، وهو يحتاج إلى بضع سنوات إضافية من الدراسة كي يتمكّن من تأمين التدخّل الإضافي لمساعدة المدمنين على إيقاف التدخين. وهو يعمل بطريقة تختلف عن سائر الأدوية التي تعمل على التخفيف من حدّة الإدمان، إذ يمنع وصول النيكوتين إلى الدماغ. وقد بيّنت الدراسات الحديثة أنّ من توقفوا عن التدخين بعد تناول هذا اللقاح قاربوا 3 أضعاف من لم يتلقوه، وتقتصر الأعراض الجانبية لهذا الأخير على تحسّس جلدي بسيط مكان اللقاح.
- هل من توجّه نحو أدوية جديدة؟
يهدف التطوّر الحاصل على هذا المستوى إلى تحسين نوعيّة الدواء، ولكن هناك مئات من الدراسات الحالية التي تعمل على ابتكار مجموعة من الأدوية التي تأخذ بعين الإعتبار معاناة المدخّن من مشكلات في شرايين القلب أو زيادة الوزن أو مشكلات في النوم.
- ماذا عن تحسين العلاجات الموجودة؟
يتمّ العمل اليوم على تحسين نوعية العلاجات الموجودة، وذلك من خلال بديل للنيكوتين حيث يتمّ استعمال كمية ثابتة وعالية منه بطرق عدّة، لإدخاله في جسم الإنسان، وعلى طريقة تناوله وأخذه قبل البدء بالتوقف عن التدخين... وقد أثبتت بعض الدراسات أنّه من المفيد مزج أنواع عدّة من بدائل النيكوتين، ومعالجة الأشخاص قبل قرارهم بالتوقف عن التدخين.
- ماذا عن السيجارة الإلكترونية، وهل ينصح بها؟
تولّد هذه السيجارة الأحاسيس نفسها التي تولّدها السيجارة الكلاسيكية، وهي تحتوي في داخلها على بطّارية وقطعة الكترونية فيها سائل يجمع بين النيكوتين وبعض المواد ذات النكهات الخاصّة. وفي كل مرة تدخن فيها هذه السيجارة، يختلط هذا السائل بالهواء ويخرج على شكل دخان، ما يعطي الإنطباع بأنّها سيجارة عادية. ولكن الشركات التي تنتجها تصوّرها على أنّها العلاج البديل للتدخين، إلا أنّ منظمة الصحة العالمية لا تعتبر هذه التقنية بديلة ولم تطلق الضوء الأخضر لاستعمالها بعد، وذلك لغياب الإثبات العلمي الذي يسمح بتحديد فعاليتها. وقد طالبت «المنظمة» جميع المنتجين عدم وضع موافقتها على هذه السيجارة.
وسائل تقليدية
- ماذا عن الوسائل التقليدية لإيقاف التدخين؟
تتعدّد هذه الوسائل، أبرزها:
1- اللصقات المكوّنة من النيكوتين البديل: تحتوي على كميّات معيّنة من النيكوتين، ما يجعل الكميّة المتناولة خاصّة بكل شخص، إذ يمكن لهذه اللصقات أن تحتوي على 5 ميلليغرامات إلى 21 ميلليغراماً من النيكوتين، وتوضع صباحاً وتترك لمدة 16 الى 24 ساعة حسب الحالات. ينصح باستعمالها عموماً، وقد أظهرت النتائج انه بين 16 الى 20 في المائة من المدخّنين استطاعوا وقف التدخين بعد سنة من استخدامهم لها. ومن حسنات هذه الطريقة العلاجية هي أن الكميات التي تحتويها مختلفة، ما يساعد كلّ مدخّن على الحصول على الكميّة التي تلائم نسبة إدمانه. ولكن هناك من لا يحتمل هذه اللصقات على جلده بسبب التحسس. ومن المفيد التذكير والتشديد انه لا يجوز للمريض التدخين اثناء استعمال هذه اللصقات، خشيةً من الجرعات الزائدة!
2- علكة النيكوتين: تشبه اللصقات، وتحتوي على نيكوتين يدخل من خلال اللسان ويعوّض عن النقص الحاصل في هذه المادة، ويمكن للشخص مضغ الكميّة التي يحتاجها من هذه العلكة. وتتقارب نتيجتها من تلك التي تحقّقها اللصقات، أي أن هناك 19 في المائة من الأشخاص الذين توقّفوا عن التدخين بعد استعمالها لمدّة سنة. ومن حسنات هذه العلكة أنّه بالإمكان استعمالها مع اللصقات، خصوصاً لدى الشعور بالأعراض المفاجئة لنقص النيكوتين، وهي مفيدة للأشخاص الذين توقفوا مراراً عن التدخين. ومن سيئاتها، ضرورة مضغها بطريقة بطيئة جداً، لتسمح للسان بامتصاص النيكوتين.
3- حبوب ماصّة: بعضها يوضع تحت اللسان، علماً أن هذه المنتجات تلعب دوراً مشابهاً للعلكة، وذلك بهدف إيقاف الأعراض الفجائية للحاجة الى النيكوتين. من حسناتها أنّ تناولها سهل، ولكنها في حالات قليلة جداً قد تسبّب آلاماً في الرأس.
4- الأدوية التي يتمّ تنشّقها: تؤمّن النيكوتين بواسطة التنشّق من خلال الفم. وإذا أراد الشخص أن يدخّن، فمن الممكن أن تزوّده هذه الطريقة بالكميّة التي يحتاجها من النيكوتين. وهي تعالج أعراض نقص النيكوتين، ولكن المشكلة أن تأثيرها بطيء بالنسبة إلى حاجة المدمن.
5- السيجارة الخالية من التنباك: تخلو من التنباك أو النيكوتين، وهي تساعد في حال إدمان حمل السيجارة، إلا أن نتيجتها ليست فعّالة ولا تساعد في التخلّص من الإدمان على النيكوتين.
6- الزيبان: دواء يساعد على التخلّص من إدمان النيكوتين، ويعمل على هورمونات يفرزها الدماغ مسؤولة عن مرور الكهرباء الدماغية، ويخفف بعض الأعراض المتصلة بالإدمان على التدخين. نتيجته شبيهة بلاصق النيكوتين، لأن هناك 20 في المائة من الأشخاص الذين توقفوا عن الادمان بعد تناوله لمدة سنة. ومن حسناته أنّه يخفّف من درجة الاكتئاب، ولكنه بالمقابل يجفّف الفم ويشعر من يتناوله ببعض القلق والدوار.
- هل من علاجات جديدة أخرى؟
هناك دواء أساسه «الفارينيكلين» يتم تناوله عبر الفم، يعمل بواسطة هورمونات يفرزها الدماغ مسؤولة عن مرور الكهرباء الدماغية. تفوق فاعليته الزيبان واللاصق.
- هل يفيد الوخز بالابر والتنويم المغناطيسي؟
إن الوخز بالإبر تقنية صينية قديمة، تتمثّل في وضع إبر بطريقة خاصّة على بعض النقاط الموجودة في جسم الإنسان، ما يساعد على تخفيف الرغبة بالتدخين. وهناك من يتركون خيطاً رفيعاً في الأذن لمدة 3 أسابيع يساعدهم على وقف التدخين، الا أن نتيجة هذا الأخير لم تتجاوز التوقّف دون دواء. أمّا التنويم المغناطيسي فيساعد على تحسين النوم عند المدخّن، ما يجعله يتخلّى عن التدخين في عمق تفكيره. ومن الممكن أن يساعد بعض المدمنين، إلا أنّه قد لا يكون فعّالاً لدى آخرين.