عُرضت في جامعة واشنطن نتائج دراستين، مفادهما أن الإختلاف في نسبة أعداد نوعين من فصائل البكتيريا الصديقة في الأمعاء يلعب دوراً هاماً في مدى تحلّل مكوّنات الأطعمة التي يتناولها الإنسان، إضافة إلى ما تقوم به أنظمة الجهاز الهضمي. هذه الإشارة تبيّن أنه يوجد اختلاف واضح في عمل بكتيريا الأمعاء الصديقة لدى البدناء عمّا هو الحال لدى النحفاء، وكذلك بين حيوانات التجارب البدينة والنحيلة في المختبرات، ما يُعلّل بدانة البعض أو حفاظ البعض الآخر على معدّل طبيعي للوزن أو تعرض البعض للنحافة، رغم تناولهم نفس كمية الوجبات الغذائية وأنواع محتوياتها.
ثمة حوالي 500 سلالة مختلفة من البكتيريا في القناة الهضمية تلعب أدواراً هامة في صحّة وسلامة هذه المنطقة، وتؤثّر بصورة غير مباشرة في الجسم بكامله، موضحين أن هذه السلالات المختلفة تساعد على هضم الطعام. وتتوافر هذه البكتيريا النافعة طبيعياً عن طريق الأغذية التالية:
- الزبادي أو اللبن الرائب: يحتوي على بكتيريا «لاكتوباسيللس» Lactobacilli أو «بيفيدوس»Bifidus .
-الأدوية التي تحتوي على «اسيدوفيلوس» Acidophilus، علماً أن الأقراص التي تباع في الصيدليات تحتوي عادة على جرعة قليلة للغاية من هذه البكتيريا.
- الأغذيــة التي تشجّع نموّ البكتيريا المفيدة «بروبيوتيـك»، كالخرشوف والشوفان والكراث والبصل والثوم والخبز والعصيدة والطحين الأسمر والفول النابت والحلبة المبرعمة والموز والحليب والزبدة و«التوفو».
وفي الموازاة، إن لتناول الألياف دوراً كبيراً في عملية الجو المعوي أو الجو الحامضي الذي يساعد على تكاثر البكتيريا المفيدة في الأمعاء. وهذه الألياف الغذائية لا تتواجد في الحبوب والخبز الأسمر حصراً، بل في الخضر والفاكهة وغيرها من الأطعمة، ولكن:
- إن الأطعمة المكوّنة من الحبوب، كالقمح والأرز والشعير والشوفان والذرة تحتوي على الألياف الغذائية الأقل تحلّلاً، والتي تعتبر الأكثر أهمية للألياف الغذائية، أما الحبوب الأخرى كالعدس والفاصولياء واللوبياء المجفّفة فهي أكثر تحلّلاً من سابقتها، بينما تعتبر الألياف الغذائية التي تحتويها الفاكهة والخضر الأكثر تحلّلاً من غيرها.
البكتيريا والرشاقة
إن غالبية الأغذية المذكورة آنفاً منخفضة في سعراتها الحرارية، ويمكن استهلاك كميّات منها بدون الخشية من زيادة الوزن، فضلاً عن أن هذه الأغذية التي تحتوي على البكتيريا المفيدة تقوم بإحراق الدهون، وخصوصاً تلك المحيطة بالمعدة.
وتلعب بكتيريا المعدة دوراً هاماً في عملية الهضم، وإن لم يكن حجم هذا الدور معروفاً بعد، إلا أنها على سبيل المثال تزيل السعرات الحرارية من المواد التي لم يتمّ هضمها، كالألياف النباتية. وهناك بكتيريا تستهلك السكريات وهي تمثّل نسبة %6 من الميكروبات الموجودة في القولون، كما تنتج أكبر كمية من «الأنزيمات» التي تقضي على النشويات، وهذه «الأنزيمات» تمكّنها من تحليل الألياف التي تحتوي على كميات من السكريات، لكي تستهلكها تلك البكتيريا.
إحذري...
- التسخين يقتل البكتيريا بنوعيها الضار والمفيد. لذا، يمكن التمتّع بتناول الزبادي إما مبرّداً أو بدرجة حرارة الغرفة، وكذلك بعض الخضر والفاكهة من غير تعريضها للحرارة.
- أفضل طريقة لإعطاء القناة الهضمية جرعة صحية من بكتيريا «البروبيوتيك» تكمن في تناول طبق من حساء البصل الفرنسي أو مرشوش الطحين الأسمر مع الخبز المحمّص أو بضع قطع من الخرشوف المخلوط بقليل من الزبدة أو زيت الزيتون.
- إن تناول المضادات يقضي حتى على البكتيريا المفيدة. لذا، تأكّدي من زيادة استهلاككِ لها أثناء تناول المضادات، ممّا يساهم في الحدّ من مشكلات نقص البكتيريا المفيدة ويحدّ من انقراضها ويعزّز سلامة الجهاز المناعي.
-إن بكتيريا «هيليكوبكتر بيلوري» Helicobacter pylori تتواجد بالمعدة، إلا أنه لدى خروجها من الفم تكون ضارّة بدرجة كفيلة أن تقتل ذلك الإنسان في بعض الأحيان، وأن تصيبه بمرض خطير في أحيان أخرى. وتقوم هذه البكتيريا عندما تخرج من الفم بواسطة النفخ بالتحوصل على الطعام الساخن، حيث إن البكتيريا كائنات حسّاسة للحرارة فتقوم بحماية نفسها بالتحوصل، ثم يتناول الإنسان ذلك الطعام حيث تتواجد البكتيريا فيه بشكل كبير جداً وتكون في أتم الإستعداد للدخول إلى الجسم من الفم، ثم المريء إلى أن تصل إلى المعدة، فتقوم بالتنشيط وإفراز انزيم «اليورياز» Urease enzyme الذي يسبّب التهاب الأغشية المبطّنة للمعدة، مسبّباً بذلك خرقاً في الجدار حيث تبدأ المعدة بهضم نفسها!