يعتبر المعمول أو "الكعك" من الأصناف الواجب توفرها في معظم البيوت الحجازية في شهر رمضان المبارك، حيث تحرص البيوت خاصة التي تحتضن نساء كبيرات في السن على تجهيز كميات كبيرة منه استعداداً لاستقبال الشهر المبارك.
يرجع البعض تاريخ المعمول إلى عصر الفراعنة، فالنقوشات التي تتزين بها حبة المعمول كانت ترمز في ذلك الوقت إلى "الشمس" التي عرفت عند الفراعنة بالإله "آتون"، وهو أحد آلهتهم، و الفراعنة يصنعون المعمول داخل المقابر، وقد استمر المصريون في صنعه وتقديمه في المناسبات وعند زيارة الموتى والقبور إلى هذه الأيام.
والمعمول كباقي أصناف الأطعمة التي انتشرت خارج منطقتها لتمتد إلى العالم أجمع، وأصبح من الأطعمة التي تعرف بها مناطق مختلفة من بينها منطقة الحجاز، حيث اشتهرت الأمهات والجدات بصنعه في المنزل وتقديمه مع القهوة بجانب التمر وبعض الأكلات الحجازية الخفيفة والمعروفة في رمضان.
وكانت البيوت الحجازية تتنافس على إعداد المعمول بطرق مختلفة حيث يتم حشوه بالتمر، ويقمن بنقشة بأداة خاصة لتزينيه، ومن ثم بات يُصَنع بأشكال مميزة أكثر حيث يوضع في مصبات جاهزة من الخشب ويرش بعض السكر الناعم عليه بعد إخراجه من الفرن.
وعلى الرغم من انتشار مصانع الحلويات في الوقت الحاضر والتي تتفن في صنع المعمول بمختلف النكهات والأشكال، إلا أن المعمول الذي يصنع يدوياً في المنزل تضل نكهته مختلفة ومطلوبة، حيث تحرص أم عبدالله المدفعي على صنع كميات كبيرة من المعمول قبل رمضان في المنزل هي وبناتها.
وقالت "على الرغم من وجود اشكال مختلفة من المعمول في الأسواق وبنكهات متنوعة واسعار مناسبة، إلا أن الذي يُصنع في المنزل تضل له نكهة مميزة لا يعرفها أبناء الجيل الحالي الذي اعتاد على الأكلات الجاهزة".
وأضافت "دائماً أصنع المعمول في المنزل بطريقتنا نحن اهل الحجاز، حتى أن كثير من المعارف والأصدقاء يطلبون أن أصنع لهم كميات قبل شهر رمضان"، ويصنع المعمول الحجازي بدقيق البر أو الدقيق الأبيض، والسميد، وقليل من الزبدة اللينة، ورشة خفيفة من الملح، واضيف الشمر والمحلب والحبة السودة، وفقاً لأم عبدالله.
وبالنسبة للحشوة تحرص أم عبدالله دائماً على أن يكون التمر طري ولونه فاتح، وتُضيف عليها بعض الهيل المطحون والسمسم وقليل من الزيت".
والمعمول كباقي الأكلات التي شهدت تطوراً من خلال إضافة حشوات مختلفة ، فهناك المعمول التمري التقليدي، وهو الأكثر شيوعاً، والمعمول الذي يُحشى بالمكسرات والجوز والفستق، ومؤخراً باتت يُحشى المعمول بالشكولاته والمشمش والتين والخوخ وجوز الهند.
وفيما يتعلق بالأضرار التي قد يتركها تناول المعمول على الصحة لاسيما في شهر رمضان الكريم الذي تكثر فيه التجمعات العائلية وتناول المأكولات الرمضانية في هذه التجمعات، خاصة عند متابعة المسلسلات، فإن اخصائيين التغذية يحذرون من الافراط في تناول المعمول لاسيما وأن الحبة الواحدة تحتوي على قرابة 500 سعرة حرارية، لكونها تحتوي على 35% نشويات، و35% سكر، و35%دهون.
لذلك فإن تناول ثلاثة حبات من المعمول يمنح الجسم الطاقة التي يحتاجها ومايزيد عن ذلك فيتم تخزينه في الجسم على شكل دهون، وقد تؤدي إلى اضطراب نسبة الجلوكوز في الدم وارتفاع الضغط وتصلب الشرايين وغيرها من الأضرار، خاصة وأنه اليوم لم يعد يُحشى بالتمر فقط بل بنكهات مختلفة من الممكن ان تسبب أضراراً جسيمة عند تناولة بكميات كبيرة في آن واحد.