منذ سنوات، يطالب العديد من الكتّاب والنقاد بضرورة اعتماد الدراما السعودية على مشاركة أكثر من نجم في مسلسل واحد؛ لكسر حدّة سيطرة الممثل المنتج على الأعمال الدرامية، فكل فنان يقوم ببطولة عمل وينتجه و«يفصّله» على مقاسه في النص والإخراج ليكون البطل الأوحد، مما أضرّ بالدراما المحلية وأفقدها بريقها.
ولكن، في رمضان هذا العام، حشدت الدراما السعودية في بطولة أعمالها القليلة في 2015 كوكبة من أهم وألمع النجوم في عمل واحد، كما في الدراما السورية والمصرية حالياً. "سيدتي" تناقش في هذا التحقيق ظاهرة عودة الدراما السعودية إلى البطولة الجماعية.
مسلسلات البطولة الجماعية
هناك عدد من الأعمال في الدراما السعودية في رمضان 2015 يتصدى لبطولتها عدد كبير من النجوم، ومن أهم مسلسلات البطولة الجماعية، «منا وفينا» ويعرض في الفترة الذهبية على شاشة التلفزيون السعودي، وهو من تأليف ورشة نص أشرف عليها الفنان عبدالله السدحان وضمّت الكتّاب: عنبر الدوسري وحسين الراشد وسعد المدهش، وإخراج أسد فولادكار، وبطولة: عبدالله السدحان وفهد الحيان وحسن عسيري ومحمد العيسى وعبدالمحسن النمر وزهرة عرفات وليلى السلمان.
ومسلسل «سيلفي» الذي يعرض في الفترة الذهبية على قناة mbc، ويشرف الفنان ناصر القصبي على ورشة كتابة المسلسل التي تضمّ: خلف الحربي وناصر العزاز وعبدالرحمن الوابلي وعبدالعزيز المدهش، وإخراج أوس الشرقي، وبطولة: ناصر القصبي ويوسف الجراح وحبيب الحبيب ومحمد الطويان وعبدالإله السناني وهيا الشعيبي وريماس منصور وأمينة العلي.
وأيضاً مسلسل «الذاهبة» ويعرض على شاشة «روتانا خليجية»، من تأليف لبنى حداد ويزن أتاسي، وإخراج محمد البكر، وبطولة: تركي اليوسف وطلال السدر ونايف خلف وليلى السلمان ومطرب فواز وأمينة العلي وأفنان فؤاد ونادين جمالي. و«سوبر محصل» على القناة ذاتها للفنانين أسعد الزهراني وطارق الحربي والمخرج والمؤلف ومنتج العمل ثامر الصيخان. ومسلسل «مبتعثات» الذي يعتمد على البطولة النسائية الجماعية من إخراج هيفاء المنصور.
الحارثي: لا للتسرع في الحكم
قال المخرج ضيف الحارثي: «ربما تكون أهم ميزة في الدراما السعودية رمضان 2015 هي البطولة الجماعية، التي أعتقد أنها ستسهم في تطور مستوى الأعمال المحلية، وصنع حراك فني مختلف عن السنوات الماضية، حيث أن التنافس سينتقل من التنافس بين كل نجم على حدة إلى التنافس بين أعمال درامية سيسعى كل النجوم فيها لتقديم الأفضل».
وأكد أن تجربة البطولة الجماعية يجب ألا يتم الحكم عليها من قبل الجمهور والنقاد وصنّاع الدراما بما سيتم تقديمه هذا العام فقط، حتى وإن فشلت، بل أنه من المفترض تكرار التجربة خلال السنوات القادمة مع التعديل بما يحقق النجاح المأمول، معتبراً أن سبب فشل الأعمال المحلية، في الفترة الأخيرة، سيطرة فكرة المنتج الممثل. وأبدى اعتراضه على ما يتردد عن قلة المسلسلات التي تعرض هذا الموسم، مبيّناً أن الدراما المحلية عددها محدود في كل موسم منذ زمن طويل، عدا ثلاثة أو أربعة مواسم زاد فيها الإنتاج من قبل شركة «الصدف» لصالح mbc، وكان ذلك استثناء، حسب وصفه.
الحيان: البطولة الجماعية شيء إيجابي
اعتبر الفنان فهد الحيان أن عودة البطولة الجماعية للمسلسلات السعودية في رمضان شيء إيجابي لمصلحة الدراما المحلية والجمهور، مبيناً أن ذلك يتيح ظهور العمل الفني بشكل أكثر قوة حيث يتبارى النجوم في تنافس فني شريف لتقديم أفضل ما لديهم.
وقدم الشكر لهيئة الإذاعة والتلفزيون والمنتج خالد المسيند على حشد عدد كبير من النجوم في «منا وفينا» الذي يشارك في بطولته رمضان 2015، مشيراً إلى أن هذا الأمر لم يحدث منذ فترة طويلة، وذكر أن هذا العمل تمّ توفير كل سبل الإبداع الفني والإنتاج الاحترافي لتقديمه كعمل مميز للجمهور السعودي، مبيّناً أن الفنانين يعتبرونه تحدياً جماعياً لهم من أجل عودة الدراما السعودية للواجهة بقوة بعد سنوات من التراجع حتى أنهم يساندون بعضهم البعض في هذا المسلسل.
زريقان: هذا شرط نجاح لبطولة الجماعية
قال الناقد الفني يحيى زريقان: «البطولة الجماعية تكون مفيدة في حال بنيت على نص جيد وأسماء كبيرة وخبرة تخدم وتساند العمل وتضيف إليه، ولعل ما أضر الدراما المحلية في السنوات الماضية تحوّل الممثل لمنتج وتوزيع الأعمال حسب الجغرافيا».
وأضاف: «أتوقع أن يكون «منا وفينا» المسلسل رقم واحد في الأعمال السعودية لأنه يجمع أسماء كبيرة من نجوم الفن تحت راية منتج جيد، وأتمنى أن يقدم مضموناً جيداً ودراما حقيقية. أما باقي الأعمال فمجرد صورة درامية تعتمد على «الشو» وليس الفن الحقيقي».
العلياني: لا أستبشر خيراً في البطولة الجماعية
قال المخرج المسرحي صالح العلياني: «الدراما يتم تقييمها وفقاً لما تقدمه من قيمة فنية ورؤية إبداعية، وفي رمضان هذا العام، هناك قلة في الأعمال السعودية من ناحية العدد ربما تسهم في الخروج من السياق الدرامي الذي اعتدنا عليه في السنوات الماضية والتناول السطحي لقضايا المجتمع، والأهم من وجهة نظري أنها أسهمت في تجميع عدد كبير من النجوم في مسلسل واحد، مثل «منا وفينا» و«سيلفي» وغيرهما».
وتمنى أن تسهم البطولة الجماعية في رفع مستوى الدراما المحلية في رمضان، وإن كان لا يستبشر بذلك، حسب رأيه، حيث أن الأعمال السعودية التي تعرض هذا الموسم تدور في ذات الدوائر من حيث الأسماء والأفكار الدرامية، كما أن أغلبها لا زال أسير لون واحد من الدراما وهو الكوميديا المتواضعة في الكتابة والإنتاج والإخراج التي تعتمد على الاستخفاف والتسطيح وتكرار «الكاركترات».
بخيت: ليس من الضروري أن تنجح البطولة الجماعية
ذكر الكاتب عبدالله بن بخيت أن البطولة الجماعية ربما تسهم في الارتقاء بالدراما السعودية هذا العام شريطة أن يتم دمج النجوم في خلطة فنية ناجحة بداية من النص والإنتاج والتمثيل والرؤية الإخراجية، لافتاً إلى أنه ليس من الضروري أن تنجح جميع الأعمال التي يتصدى لبطولتها عدد كبير من النجوم، فالأمر مرهون بالتوليفة الفنية التي تؤطر هذا العمل.
ودلّل الكاتب على رأيه بأعمال درامية سابقة ضمّت ناصر القصبي وعبدالحسين عبدالرضا معاً وسعاد عبدالله وحياة الفهد في أعمال مشتركة إلا أنه لم يكتب لها النجاح المتوقع، منتقداً قلة الإنتاج الدرامي هذا العام.
النمر: هذا ما كانت الدراما بحاجة إليه
أكد الفنان عبدالمحسن النمر أن الدراما المحلية كانت بحاجة ومنذ سنوات طويلة لتجمع الفنانين السعوديين في مسلسل واحد، مشيداً بالتوجه إلى البطولة الجماعية في أغلب أعمال رمضان 2015 بالمملكة سواء في المسلسل الذي يشارك في بطولته «منا وفينا» أو «سيلفي» أو «الذاهبة» أو غيرها من الأعمال.
وشدد على أنه حرص على المشاركة في «منا وفينا» وعدّه تجربة هامة في مشواره الفني؛ لأنه بطولة جماعية كان يطالب بها منذ سنوات في الدراما السعودية ولم يكن ليفوّت هذه الفرصة الفنية.
المطيري: البطولة الجماعية ظاهرة صحية
يرى الفنان مشعل المطيري أن البطولة الجماعية ظاهرة صحية في الأعمال المحلية هذا العام، مشدداً على أنه قدم وعدد من نجوم الدراما السعودية من قبل العديد من المسلسلات كبطولة جماعية مثل «كوميدو» و«شيفت الليل» و«أم الحالة» وغيرها من الأعمال التي حققت نجاحاً كبيراً وقت عرضها.
وأشار إلى أن تواجد عدد من النجوم في عمل واحد يشكل زخماً ويعطي قوة للدراما السعودية، مبيناً أن الحكم على البطولة الجماعية سيكون للجمهور، وتمنى ألا يكون تواجد النجوم في عمل واحد مجرد فكرة إنتاجية للتسويق فقط دون أي تغيير أو تطوير فني