يصيب التصلّب اللويحي الجهاز العصبي المركزي الذي يتكوّن من المخ، النخاع الشوكي والعصب البصري. وهو مرض مزمن يعتقد أنه يحدث نتيجة الإختلال في الجهاز المناعي بالجسم، إذ تهاجم خلايا الجسم الطبيعية، مع تدمير لما يسمّى «مايلين» وهو العازل الواقي المغلّف للألياف العصبية، فيعوق التواصل بين الخلايا العصبية للجهاز العصبي المركزي، مؤدّياً لظهور أعراض المرض.
«سيدتي» شاركت في المؤتمر الذي نظّمته «باير» مع
الجمعية الألمانية للتصلّب اللويحي وعادت بهذا التقرير الطبي:
1- في سطور...
رغم أن السبب الحقيقي لهذا المرض غير معروف، إلا أن الأبحاث ترجّح وجود عوامل بيئية وأخرى وراثية مشتركة تؤدّي للإصابة به، علماً أنه اكتشف سنة 1870، فيما لم يبدأ علاجه سوى في سنة 1990. وهو ينتشر في المناطق البعيدة عن خط الإستواء كأوروبا وأميركا الشمالية. وتتمثّل العوامل البيئية المسؤولة في بعض أنواع البكتيريا أو الفيروسات التي قد تؤدّي إلى تدمير غشاء «المايلين» في الإنسان والحيوان، إذ اتّهمت فيروسات عديدة بالتسبّب في هذا المرض، ولكن تغيب الإثباتات القاطعة عن الأمر. وفيما لا يعتبر هذا الداء حالة وراثية ولم يتمّ تحديد أي عامل وراثي (جيني) ليكون مسبّباً له، إلا أن هناك احتمالاً بنسبة 2% لظهور المرض لدى أبناء المرضى.
وثمة أربعة أنواع من المرض، لكل منه صفاته الخاصة، إلا أن أكثرها شيوعاً هو ذلك النوع الحميد والذي يستمرّ المصابون به معافين لسنوات عدّة، وتكون نسبة العجز ضئيلة لديهم لمدّة 10 إلى 15 عاماً، وذلك حتى يستفحل المرض ويظهر العجز كلياً، مترجماً بالإعاقة إذا لم يتمّ اتّخاذ إجراءات صحية تشخّص المرض قبل تفشّيه في الجسم.
2- النساء أكثر من الرجال
يعاني حوالي 2.5 مليون إنسان في العالم من التصلّب المتعدّد للجهاز العصبي، إلا أنه يصيب النساء بنسبة أكبر من الرجال (3 نساء مقابل رجلين). ويبدأ بالظهور بين عمر 10 سنوات و59 سنة، لكنه غالباً ما يصيب من تتراوح أعمارهم بين 29 و33 سنة، علماً أن خطر الإنتحار يبقى الأعلى عند المرضى، وذلك بنسبة 7.5%.
3- أعراض تتطوّر
تختلف أعراض المرض من شخص إلى آخر، ولا يمكن التنبّؤ بها، وقد تشمل:
التعب، الإرهاق، ضعفاً في الرؤية في إحدى العينين أو كليهما، ضعف إحدى الساقين أو كليهما، الإحساس بالتنميل أو الخدر في الوجه أو الأذرع أو الساقين أو جذع الجسم، الشدّ العضلي، الدوار، إزدواجية الرؤية، التأتأة في الكلام، عدم التحكّم في التبوّل، التنميل الناتج عن انحناء الرقبة للأمام وحزاماً من التنميل حول الصدر أو البطن. ولكن، ليس من الضروري أن يعاني المصابون من أحد أو كل هذه الأعراض التي غالباً ما تختفي أو تتحسّن بعد بضعة أيام.
وغالباً ما يتمّ تشخيص المرض بعد الحصول على تاريخ مرضي، إكلينيكي مفصّل من المريض، وإجراء اختبار دقيق للجهاز العصبي. ويتبع ذلك إجراء أشعة بالرنين المغناطيسي على المخ لتوضيح وجود تدمير لغشاء «المايلين» من عدمه، إذ يجب وجود عرضين ممدودين لتأكيد وجود المرض إكلينيكياً ألا وهما:
- وجود المرض في أجزاء متعدّدة من الجهاز العصبي المركزي (بعد تحديده بالتصوير بواسطة الرنين المغناطيسي)
- حدوث انتكاسة مرّتين منفصلتين (يفصلهما شهر واحد على الأقل).
4- جديد الطب
أظهرت الأبحاث أن البدء المبكر في علاج «بيتافيرون» قد يؤخّر في ظهور الإعاقة، فقد أظهر بحث حسب أستاذ علم الأعصاب الإكلينيكي البروفسور ديفيـد بيتس خلال هذه الندوة، خفوضاً في خطورة حدوث إعاقة مؤكّدة بسبب التصلّب المتعدّد مع العلاج المبكر مقارنة بالعلاج المتأخّر. وأظهرت نتائج الدراسة الرئيسية أن البدء في إعطاء «بيتافيرون» للمصاب بعد الهجمة الإكلينيكية الأولى يؤخّر تطوّر المرض لأكثر من سنتين في 40% من الحالات، وأن البدء المبكر للعلاج يخفّض بوضوح ظهور إصابات نشطة جديدة في المخ.
ومن جانبه، يؤكّد الإختصاصي في الأمراض العصبية في جامعة القاهرة الدكتور ساهر هاشم لـ «سيدتي» أن «السبب الأكيد للتصلّب المتعدّد غير معروف، وأن الأبحاث تفيد بأنه نتيجة مشتركة لعوامل وراثية وبيئية».
بدوره، سلّط مدير قسم فيزيولوجيا الأعصاب في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور راجا صويا الضوء على أهمية مجموعات دعم المرض. وقال: «يزداد عدد وخدمات هذه المجموعات بالمنطقة، وهي توفّر الدعم النفسي والعملي بصورة كبيرة للمرضى الذين يتمّ تشخيصهم في لبنان والدول المجاورة، وذلك بتقديم نظام التمريض المتوفّر في لبنان لدعم المريض وتشجيعه على الإلتزام بالعلاج».
5- العلاج المتاح
ثمة أدوية حديثة متاحة تساعد في تغيير مسار المرض عن طريق التخفيف من عدد مرّات الإنتكاسات وشدّتها، لتؤخّر ظهور العجز. وهذه الأدوية التي يطلق عليها إسم الأدوية المعوّلة للمرض، تقلّل من عدد الأيام التي يقضيها المريض متأثّراً بالأعراض. ولذا، ينصح بالإستخدام المبكر للدواء الذي يحدّ بكفاءة من ظهور الإصابات ومنع خمور المخ، مع الأخذ بعين الإعتبار الوصفة العلاجية للطبيب وعوامل عديدة كالإنتكاسة لمرّات عدّة إلى درجة العجز، نوع المرض، طول فترة المرض ونتائج الرنين المغناطيسي، بمعنى أهمية مشاركة المريض الطبيب في اختيار نوع العلاج.