عندما نتكلم عن قضية التحرُّش بالمرأة، فإننا نجد شريحة توجه أصابع الاتهام إلى المرأة بحجة أنها تقدم أحياناً على تصرفات وتلميحات هي دعوى مبطنة وضوء أخضر من قبلها للرجل حتى يتحرَّش جنسيّاً بها.
«سيِّدتي» ومن خلال حملتها ضد التحرُّش، التقت مجموعة من شخصيات المجتمع السعودي للتعرف إلى آرائهم وردودهم على متّهِمي المرأة بفتح الباب على مصراعيه أمام الرجل للتحرُّش بها:
بين المحرِّض والضحية
تأسف الكاتبة لميس الإمام لكون ظاهرة التحرُّش بالمرأة تتصدر قائمة الظواهر المتفشية في المجتمع السعودي والعربي، مشيرةً إلى أن عدد حالات التحرُّش في المملكة السعودية وصل إلى 2797 حالة، وأن ثمة إجماعاً على أن المرأة هي المحرِّض، في حين أنها الضحية وغير مسؤولة؛ مطالبة الجهات المسؤولة بدراسة أسباب هذه المشكلة ومعالجتها.
لا مبررات
وتردّ الشاعرة إلهام محمد بكر على متّهمي المرأة بالمسؤولية عن التحرُّش بأن الله أمر الجميع بغض البصر؛ وهو ما يضرب به الرجل عرض الحائط عند إقدامه على التحرُّش؛ مؤكدةً على أن هناك خللاً في التربية بتلقين الأطفال فكرة أن المرأة خلقت للفراش فقط! وهذا ما يناقض الواقع، إذ أصبح للمرأة دور مهم في كل الأماكن جنباً إلى جنب الرجل.
الحلقة الأضعف
يعارض الأستاذ ورئيس قسم في كلية الطب في جامعة أم القرى الدكتور عبدالله قليل الخشي اتهام المرأة بالمسؤولية عن التحرُّش بها، مؤكداً أن الرجال، وخصوصاً ضعاف النفوس، مسؤولون بشكل كبير عن التحرُّش بالمرأة. ويشير إلى أن المرأة في مجتمعنا تعتبر الحلقة الأضعف، وبسبب النظرة الدونية لها من قبل البعض صارت ضحية للعنف والتحرُّش. أما عن سُبل مكافحة هذه الظاهرة، فيرى أنه لابد من تعزيز دور المنابر الإعلامية من خلال استضافة المتخصصين في محاربة هذه السلوكيات، فضلاً عن الدور الكبير الذي تلعبه الأسرة والمؤسسات التعليمية في غرس القيم النبيلة لدى الأبناء.
مسؤوليتها بالسلبية
الكاتبة ومقدمة البرامج على قناة الإخبارية السعودية ميسون أبوبكر، أثنت على حملة «سيِّدتي» ضد التحرُّش بالمرأة، مؤكدةً موقفها المضاد لمن يتهمون المرأة بأنها سبب التحرُّش بها. واعتبرت أن صمت المرأة وعدم معرفتها بحقوقها لهما دور في انتشار هذه الظاهرة؛ لأن عدم ردعها ومطالبتها بعقاب المتحرِّش بها هو سبب لجرأته وتكرار فعلته مع غيرها.
القرآن الكريم حسم المسؤولية
ويأمل أستاذ النقد الأدبي الحديث في جامعة الملك سعود في الرِّياض، وعضو مجلس الشورى، الأستاذ الدكتور عبدالله بن أحمد الفَيْفي أن يصدر قانون «منع الإيذاء والتحرّش» عن مجلس الشورى، والذي طال انتظاره والجدل حوله. أما مَن يُخيّل إليه أن مجتمع اليوم يمكن أن يُحكم بمنطق العشائر والقبائل؛ فيعتبر أنه إمّا ضالّ أو مضلّل.
وألمح إلى أن ظاهرة التحرُّش غالبة من الذكور ومحتملة من الإناث، وحين تقع حادثة من هذا القبيل يجب أن يُحمّل كلّ طَرَفٍ مسؤوليّته، ففي القرآن الكريم حسمٌ للمسؤولية في هذه المسألة، حيث قال تعالى: «قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ؛ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ، إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ، وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ، وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا».. وبالتالي لا مجال لتعميم التجريم، فهذه الآيات تُرسي تعاليم مجتمعٍ ملتزمٍ سويٍّ راشد، وليس مجتمع وأد أو تهتّك.
مثلث القضاء على التحرُّش
ولمكافحة ظاهرة التحرش؛ تؤكد الاختصاصية الاجتماعية في جامعة الملك سعود فاديا العبد الواحد، على ضرورة تكاتف جميع وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع؛ لوضع خطة عمل ترتكز على ثلاثة جوانب رئيسة، هي:
- التوعية بالآثار النفسية السلبية للتحرُّش على الرجل والمرأة، وهي مهمة الاختصاصيين والأطباء النفسيين.
- توعية المرأة بضرورة حماية نفسها وكيفية قيامها بذلك، ويقوم بها الاختصاصيون الاجتماعيون ورجال الشرطة.
- سنّ العقوبات الشرعية والقانونية الصارمة ضدّ التحرُّش، وهذا دور القضاء والمحامين.
تابعوا المزيد من الجدل والآراء حول موضوع اتهام المرأة بالتسبب بالتحرش، في عدد "سيدتي" رقم 1800، ونأمل المشاركة بآرائكم حول ذلك عبر "سيدتي. نت".