قبيح المنظر، قميء الرائحة، ثقيل الدم، ذلك الحيوان المقزز آكل الزبالة «إنه الخنزير».. كان له معي حوار خيالي، وأنا أمر بجوار أكوام الزبالة، أراد أن يزعزع يقيني بالله.. تخيلوا.. قال لي في ثقة بالغة: «سوف يصاب أبناؤك الصغار بإنفلونزاي الحبيبة».
فقلت له: اصمت يا أبله، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، فإذا كان الله قد قدر شيئا لأولادي فسيتم حسب قضائه وقدره، وليس لأنك قلت.
أنا على يقين بأن كل إنسان كتبت أقداره وهو في بطن أمه.
قال: من أين أتيت بهذا اليقين؟ وماذا سيفعل لك هذا اليقين وأنت تسمعين كل يوم عن المئات من أطفال المدارس وهم يسقطون الواحد تلو الآخر يصارعون إنفلونزاي، ويقف الجميع عاجزين عن الحد من انتشارها، وكأنها النار في الهشيم؟ ده شطارتي يا سيدتي.
قلت في ثبات: بالرغم من كبر حجمك، أيها الخنزير فإنك حيوان تافه.
ألم تسمع عن حشرة أيها الخنزير صغيرة مثل النملة كيف تتعامل مع الله باليقين الذي تتعجب أنت منه؟
دعني أحدثك عن يقين النملة لعلك تتعلم شيئًا يا أبله، فقد جاء في الأثر أنه في يوم من الأيام رأى سيدنا سليمان نملة وهي تحمل حبة أرز فوق ظهرها، وتمشي في مشقة بالغة لتصل وتخزنها في جحرها، فأشفق عليها -عليه السلام- من التعب، فقال لها: أيتها النملة كم يكفيك من الأرز في السنة؟ فقالت له: حبتان.
فقال لها: إليك بهما واستريحي.
فشكرته النملة، بعد أن أمدها عليه السلام بالحبتين، وبعد عام فتح عليها سليمان عليه السلام، فوجدها أكلت حبة واحدة وأبقت الثانية.
فقال لها في غضب: أيتها النملة أتكذبين على نبي الله؟! فقالت له: حاشا لله أن أكون كاذبة، ولكن عندما كنت أسعى كان رزقي على الله، فكان لا ينساني، أما عندما اعتمدت عليك خفت أن تنساني أو يُحال بيني وبينك، فالله هو الرزاق ذو القوة المتين.
وأنا على يقين بذلك، فهذه الحشرة الصغيرة الممتلئة باليقين ضربت للبشرية كلها أكبر درس في الاعتماد والتوكل على الله.
قال الخنزير في عجب: أتقصدين أن هذه الحشرة أفضل مني؟!
قلت: الفضل من عند الله.
أتدري أيها الخنزير أني أدعو الله دائمًا أن أكــون في يقــين هذه الــنملة، فأنا أدعو الله في كل صــلاة أن يحفظ أولادي من هذا الوباء، وكلي يقين وثقة بأنه سوف يستجيب لي.
فالسر الحقيقي لاستجابة دعائنا هو أن ندعو ونحن في كامل الثقة بأن الله يسمعنا ويستجيب لنا، فقد قال: «ادعوني أستجب لكم» دون قيود.. دون أفضلية، فقط باليقين بأن السميع المجيب سوف يقبل هذا الدعاء.
ليت كل إنسان يكون مع الله في أي محنة أو ابتلاء يمر به، ليت كل إنسان يعلم أن لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوه بشيء فلن ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، وإن اجتمعوا على أن يضروه بشيء فلن يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف.
نظر إليَّ الخنزير في خجل وطأطأ رأسه، وانصرف بعيدًا عني.
فرفعت يدي إلى السماء وقلت: اللهم احفظنا واحفظ أطفالنا وبلادنا.. آمين..آمين.