أريده زوجا

 

أريده زوجا

 

سيدتي أنا فتاة يمكن أن توصف بأنها ابنة عصرها، فأنا من جيل حرص على التعليم والتفوق والعمل، والحمد لله إنني أنهيت دراستي الجامعية، وحصلت على عمل براتب مجزٍ، خُطبت، لكن الخطبة باءت بالفشل لأسباب لم أكن مسئولة عنها، وكانت بعلم الوالدين اللذين قدما لي كل الدعم في تلك الفترة، وسارت الحياة بشكل طبيعي، إلى أن عرضت عليّ وظيفة أفضل بكثير، وبضعف المرتب، في شركة دولية، مقرها إحدى العواصم الأوروبية، وبرضا أهلي سافرت، وأسست لحياة سلسة في العمل، واستقررت في مسكن لطيف، وحرصت على التواصل مع أبناء وطني، في إطار العرف والتقاليد، وللعلم فقط أنا فتاة ملتزمة بديني، ولا أستسيغ الخطأ، ومع أنني أقدر النعمة التي أنعم الله عليّ أشعر بوحدة تزيد بمضي الوقت، رغم أنني نشطة اجتماعيا، وأنني أستزيد من الفرص الثقافية التي تصادفني، فأتردد على المسارح والمعارض وقاعات الإنصات للموسيقى الكلاسيكية، إضافة إلى علاقتي مع المعارف والصديقات.

قرأت لك من قبل رأيا يقول إنه لا يعيب الفتاة أن تجهر برغبتها في الزواج، والحقيقة هي أنني رغم كل ما وصفت من إيجابيات في حياتي أشعر بأنني بحاجة إلى زوج، ورغم أنني التقيت بأكثر من شخص مناسب، أشعر بأن الأمور لا تتطور باتجاه ارتباط زوجي، ودهشت أكثر من مرة من أن الشخص المعني كان أيضا في مرحلة البحث عن زوجة، ولكن اختياره لم يقع عليَّ، بل على فتاة دونه في المستوى الثقافي والوظيفي، وحتى في المظهر، هذه الظاهرة أدهشتني، ثم أشعرتني بالقلق، إلى أن التقيت مصادفة بأحد أقاربي، تبادلنا المودة، ونما بيننا إعجاب متبادل، وصارح كل منا الآخر بمكنوناته وأحلامه وطموحاته، وكان الحديث يسترسل بيننا لساعات، وكان واضحا جدا أننا ننسجم فكريا وثقافيا، إضافة إلى صلة القرابة بيننا، كما أنه يكبرني في العمر، ولم يسبق له الزواج، عدت إلى مقر عملي على وعد بيننا بالتواصل، وبالفعل تواصلنا عبر الإنترنت والهاتف، وطلب مشورتي في بعض الأمور المتعلقة بالعمل، ثم تباعدت الاتصالات، شعرت بإحباط، وبأنني يجب ألا أبادر بالاتصال، وإلا رخصّت نفسي، وحين استشرت أمي أكدت لي أنني يجب ألا أبادر بالاتصال، أشعر بحزن، وكأن الفرصة في طريقها إلى الضياع، رغم كل الإيجابيات التي ذكرت لك، ما نصيحتك؟

 

الحائرة نرمين

 

 

 

عزيزتي وصفت نفسك بأنك فتاة عصرية؛ لأنك تعلمت وعملت وأنجزت، ولكن رسالتك تدل على أن التعليم والوظيفة والتجربة الاجتماعية لم تجعلك ابنة جيلك كما تتصورين، فأنت تفكرين بعقلية والدتك، التي لم تتعلم، ولم تخرج إلى الحياة العامة، ولم تتعامل مع كافة أنماط البشر بنجاح، تضاءلت عند أول عثرة في علاقتك مع شخص تؤكدين أنه مناسب لك، وأن بينكما انسجاما نفسيا وصلة قرابة، أليس من المحتمل أن يكون واقعا في مشكلة تتعلق بعمله مثلا، وأن كبرياءه يمنعه من مصارحتك بأنه في وضع ضعيف، خاصة أنك ناجحة في عملك، ومستقلة ماديا واجتماعيا؟ ألا تستدعي صلة القرابة التي تسببت في لقائك به وتواصلك معه أن تبادري بسؤال عن سبب انقطاعه عن الاتصال من باب الحرص الإنساني؟ لماذا تقدمين غرور الأنثى على العنصر الإنساني في هذه العلاقة؟ وهل لا يكفي كل النجاح الذي حققته في الحياة أن يحميك من أن تكوني كريشة في مهب الريح؟

حين تصادفني مشكلة أتصور أفضل الاحتمالات، وأتصور أسوأها، ثم أقف في مساحة وسط، وأنطلق بحثا عن حل، أقول لك هذا لكي أزين لك أن تبادري باتصال للسؤال عن الحال والأحوال، وإن اكتشفت أن هناك مشكلة تكونين قد أحسنت عملا، ودعمت الصلة الإنسانية بينكما، وإنْ اكتشفت أن التباعد كان فتورا حسمت الموقف لنفسك كما حسمته حين فشلت خطبتك الأولى، وأدركت أنك لم تكوني مسئولة عن الفشل، لو فترت العلاقات فللفتور أسباب، وأهمها البعد الجغرافي، منْ يبحث عن زوجة يبحث عن زوجة موجودة، ومستعدة لبناء أسرة، لا زوجة تعمل بالريموت كونترول، ومن ثم يجب أن يعلم هذا الإنسان أنك بحاجة إلى أنس الزوجية، وأنك مستعدة للعودة إلى الوطن لبناء أسرة، ويجب أن تسأليه عن أسباب عدم زواجه حتى الآن، وليس في تلك الأسئلة ما يعيبك، فهذا حق مشروع، وصراحة من نوع الصراحة التي يتبادلها الأصدقاء.

التعليم يجب أن يخدم المتعلم، لا أن يفصله عن ذاته الاجتماعية واحتياجاته النفسية، وظِّفي ذكاءك وعاطفتك الأنثوية، يجب أن يدرك أنك فرصته إلى السعادة، كما هو فرصتك، وأن بابك غير مغلق.

 

 

أقارب زوجي

 

سيدتي أنا سيدة شابة، متزوجة منذ فترة قصيرة، دبت الخلافات بيني وبين زوجي عدة مرات؛ لأنه يسمح لأقاربه وأصدقائه أن يزوروا بيتنا حتى لو كان غائبا، ولكي أتوخى الأمانة أقول إن زوجي إنسان كريم، ويعاملني بحنان ولطف، المشكلة أنه كثير الثقة بالناس، وإنني خجولة للغاية، ولا أشعر بالارتياح حين أجلس مع رجال، مهما كانت الأسباب والأعذار، وحين حاولت أن أفسر له وجهة نظري تعامل معي بعناد شديد، واتهمني بالانعزالية، ثم اتهمني بأنني لا أحب أقاربه وأصدقاءه، وحين اشتد انزعاجي استشرت والدي، فأشار عليَّ بألا أفتح الباب لأي رجل إنْ لم يكن زوجي موجودا، وصار أن أتى لزيارتنا ابن أخت زوجي، فرفضت أن أفتح الباب، وبسبب هذا الموقف صارت قطيعة بين زوجي وأسرة أخته، أنا لا أريد أن أكون سببا في قطع صلة الرحم، وأريد أهله أن يدركوا أني أحبهم، ولكني لا أريد مخالفة أوامر الله، أتمنى أن أشرح وجهة نظري لابن أخت زوجي برسالة على النت؛ لكي أريح ضميري، وأفهمه بأنني لا أمنعه من زيارة خاله، ولكن يجب أن تكون الزيارة في إطار المسموح به شرعا، فهل أخطئ إن فعلت ذلك؟ أتمنى أن أجد لديك نصيحة تُعيد المياه إلى مجاريها، أرجو أن تجيبيني بالسرعة الممكنة.

 

الحائرة ب. أ

 

 

عزيزتي ما دمت لا تشعرين بالارتياح حين يزورك أقارب زوجك من الشباب في غير وجوده فمن حقك رفض الزيارة؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن هناك وسائل لتحاشي المحظورات بكياسة لا تؤدي إلى إثارة حفيظة الزوج وأهله، هناك خيط رفيع بين الانعزالية وبين فعل الصواب، وبما أنك فسرت لزوجك وجهة نظرك ولم يقبل بها، فلك أن تتعاملي مع المواقف الطارئة بأسلوب يجمع بين درء ما تعتبرينه حراما ودرء ما يعتبره زوجك انعزالا، لا ترفضي أن تفتحي الباب، ولكن خابري زوجك هاتفيا، واطلبي حضوره بالسرعة الممكنة، واتركي ضيوفك في غرفة الضيافة بحجة إعداد القهوة، أو اطلبي من إحدى جاراتك أو صديقاتك أن ترسل لك أحد أولادها أو الخادم؛ لأنك تحتاجين مساعدة بسيطة، وحتى لا تتكرر الزيارات في غير وجوده سارعي أنت باستضافة أقارب زوجك في أيام العطلات في تجمعات أسرية تغني عن ضرورة الزيارات الفردية التي تسبب لك الكدر..
في الموقف الحالي لا أنصحك بكتابة رسالة إنترنت لتفسير موقفك، اكتفي بمخابرة أخت زوجك كنوع من محاولة ربط ما انقطع بينكما، أطلبي أن تزوريها في بيتها، واعتذري لها بهدية بسيطة، وأكدي لها أن محبتك لهم غير منقوصة؛ لأنك تحبين زوجك، وتتمنين أن تستمر الحياة المستقرة بينكما، حتى لو رفضت محاولتك للصلح سوف تشعرين بأنك فعلت الصواب، وأن ما كان لها من حق عندك وصلها، وسوف يشعر زوجك بذلك أيضا، ثم اتركي البقية للظروف.

 

أخلاق عالية

 

سيدتي أنا سيدة من المغرب العربي، مقيمة في دولة أوروبية، كانت لي تجربة زواج أولى لم تنجح، ورُزقت من زوجي الأول بابنة، عكفت على تربيتها وحدي منذ طلاقي، دون مساعدة من أبيها أو غيره، وكانت حياتي صعبة جدا، ولكن والحمد لله رزقني الله برجل من البلد المضيف، ذي أخلاق عالية جدا، وقررنا الزواج على الشريعة الإسلامية، بعد أن أدرك كل منا أن بيننا حبا واحتراما، وصارحني بأنه كان متزوجا من قبل، وأن له من زوجته طفلين، وأن الطفلين سيقيمان معنا، وأن مسئولية تربيتهما ورعايتهما ستكون عليّ، ولم أرَ غضاضة في ذلك، خاصة أن لي ابنة من زواجي الأول، بعد الزواج بفترة بدأت أشعر بأن المسئولية التي قبلت أكبر من قوة احتمالي، صرت عصبية أصيح بصوت عالٍ، وأوقع العقاب حتى على ابنتي، أنا لا أريد مضايقة زوجي لا بالقول ولا بالفعل، ولذلك أجد نفسي في ورطة نفسية حقيقية، ماذا يمكنني أن أفعل؟

سميرة ش

 

 

 

عزيزتي الزواج مشوار حياة، والحياة مواقف واختبارات، والفرق بين الإنسان الناضج والإنسان الذي لم يصل بعد إلى مرحلة النضج هو أن الأول لا يخطو خطوة إلا بعد أن يحسب حسابها من كافة الجوانب، أما الآخر فيندفع لإشباع الرغبة الملحة على المدى القصير، ولا ينظر إلى عواقب الفعل، ومادمت قبلت الزواج به فقد قبلت الموقف بكل جوانبه، ويجب احترام قرارك؛ لأنك الآن في مرحلة الثبات لا في مرحلة تتبدل فيها الآراء والأهواء، كما يحدث في حياة الأفراد في سن المراهقة، هذا الزوج ذو الأخلاق العالية بشهادتك احترم دينك، وتزوجك على شريعة الإسلام، ولم يكذب عليك، ووضع شروطه أمامك قبل إتمام الزواج، أما أنت فتقولين إنك لم تعتبري شروطه صعبة، خاصة أنك أمٌّ، ولذلك لابد من الالتزام.

ولكيلا أظلمك ربما يكون اختلاف الثقافات سببا في إحساسك بثقل المسئولية، أي أن تعاملك مع أبنائه يسبب لك ولهم كدرا؛ لأن هناك فجوة سلوكية تؤثر على الأسلوب التربوي الذي حملته معك من الوطن كجزء من موروث ثقافي، وما أنصحك به هو أن تتلمسي نصح زوجك على خلفية هذا الاحتمال، مع التأكيد له أنك سعيدة بتربية أولاده، وأن حرصك على فعل الصواب يجعلك بحاجة إلى نصحه لك، إلى أن تشعري بأن فهمك لهما قد اكتمل.

الجزء الآخر من نصيحتي هو أن تستثمري بعضا من مالك في الاستعانة بمساعدة منزلية، تخفف عنك عبء إدارة المنزل في الوقت الحالي؛ لكي تتوفر لك مساحة نفسية للاهتمام بتذليل كل ما يعوق تقاربك مع الطفلين، حتى يأنسا إليك، وتصبح الحياة في البيت هي حياة أسرة مستقرة.

اعتبري مسئوليتك التربوية مشروعا إبداعيا، سوف يثمر عن حب الزوج ورضا الله، وينعكس عليك وعلى ابنتك بالخير والبركة.