لا يمكن لزائر مدينة شفشاون أو الشاوون (شمالي المغرب) ألا يمر ببيت محمد حقون ومكتبه المجاور له، في طابق صغير يحمل اسمه، إنه مركز ذاكرة المدينة، أرشيف ووثائق عن أهم وأبرز نشاطات وأعلام المدينة، المركز يُفيد الآخرين من الطلبة والباحثين، والراغبين في التعرف على تاريخ المدينة.
حقون استقبل «سيدتي نت» في داره التي حوّلها إلى متحف حقيقي بلوحاته.
الشاوون مصدر الإلهام
يقول حقون: «أنا ابن الشاوون، هنا ولدت وترعرعت، وتعرفت عيناي على جمال الطبيعة. الرسم والديكور موهبتي، درست حتى البكالوريا، ثم تابعت دراسة تقنية في إسبانيا حيث تعلمت الحدادة والنجارة، ومبادئ في البناء التقليدي، هاجرت أنا وزوجتي في أواخر الستينيات إلى أوروبا أنشد مستقبلاً أفضل، مكثت هناك أربعة عشر عاماً، لكن روحي كانت تنام كل يوم هنا في أحضان مدينتي، وقررت العودة بعدما وصل أبنائي لسن الدراسة».
يضيف: «حياتي هي الرسم والديكور، لديّ لوحات عديدة تؤرخ الكثير من الأماكن في الشاوون، التي تعيش بجمالية خاصة دوماً في الذاكرة، بعت أول لوحة لي منذ 60 عاماً، اشتراها صاحب محل بازار بدرهم ونصف الدرهم».
ويؤكد حقون: «لا أحب الفن التجريدي المطلق، وحتى رسم الوجوه لا أهتم به كثيراً، على الرغم من أنني حينما أرسم أتخيل وجوهاً أعرفها وعايشتها، لكني أسافر بخيالي أكثر في الأزقة وتفاصيل المعمار».
البيت المتحف
أما عن فكرة تحويل بيته إلى متحف، يقول: «هو بيتي ومن تصميمي، أحيا فيه الآن مع زوجتي، بعدما تزوج الأبناء، اشتريته مباشرة بعد عودتي من الديار الفرنسية، وأفتحه أمام الزوار؛ للتواصل حول ذاكرة المدينة وإيصال رسالة محبة واعتراف بجمال المدينة التي أستمد منها مواهبي، ولها الفضل في إحساسي الخاص بالجمال والفن. كما أهتم بتوثيق كل شيء عن مدينتي؛ لكي تكون ذاكرتها مصونة دائماً».
البيت حميمي، جدرانه وسقفه مزخرفة بصور قديمة بالأبيض والأسود عن مناطق وأمكنة مختلفة من مدينة شاوون، كما عمد الفنان إلى رسم لوحات على درج السلالم المؤدية إلى الطوابق العليا في البيت، الذي يتكون من ثلاثة طوابق، في الطابق السفلي غرفة أحفاده التي تمتلئ بصور عائلية مختلفة، غرفة نومه في الطابق الثاني، تبدو مثل مغارة في قلب جبل يكسوها سواد، مع صورة كبيرة لرفيقة دربه خديجة. وفي الطابق الأخير جمع حقون كل أدوات عمله في التصوير والرسم، وفي هذا الصدد يقول: «للأسف نحن لا نهتم بتوثيق حياتنا وتاريخنا، أحتفظ حتى بأوراق السفر منذ البدايات، فهي مع مرور الوقت تصبح وثيقة تسجل وتؤرخ مرحلة ما من حياتك». ويقول خاتماً حديثه معنا: «كل ما أتمناه أن يذكرني الناس بخير وأترك لهم تاريخ المدينة الأصيل، وأن يحافظ أهلها على أصالتها وحضارتها وجمالها الطبيعي ومعمارها، الذي يستمد أصوله من الحياة الأندلسية العريقة».
محمد حقون فنان يختزل شفشاون في داره
- قصص ملهمة
- سيدتي - سميرة مغداد
- 27 أكتوبر 2015