عندما نروي قصص البطولات تأتي قصص الأمهات في مقدمتها، ولا بطولة تكتب إلا بالدمع والألم والخوف والخيبات والانكسارات قبل الإنجازات.. بطلتنا اليوم ليست كأي بطلة، وقصتها ليست كأي قصة عادية.. هي الأم التي لم تحتمل رؤية نظرة الخوف والحزن على وجه أطفالها فعزمت على مبارزة الواقع المر بالإرادة والصمود والصبر.. وهل هناك من سلاح أقوى من الصبر؟
الكوتش منال أبو العلا... الأم البطلة.. والنموذج المشرف عن المرأة السعودية المثابرة والطموحة.. ضيفة حوارنا اليوم..
منال أبو العلا من القاع إلى القمة
ولدت وولد ألمك معك، هل تعبر هذه العبارة عن قصتك؟ اروي لنا تلك القصة منذ لحظاتها الأولى؟
تعبر عني لحد كبير جداً، مأساة حقيقية مررت فيها من طفولتي وأوصلتني للقاع. لكن، كانت هناك رحمات كثيرة مع المعاناة، وكانت هناك هدايا كثيرة مع المعاناة، وكان هناك إحساس أن الغد سيكون أفضل. الطفلة التي ولدت مع حالة قدم الحنف وتعاني من الألم ومن إحساسها بالغيرة، عندما ترى الناس من حولها يرتدون "الشباشب" وتتساءل لماذا هم قادرون على ذلك وهي لا.
كانت معاناة ليس لي فقط إنما لأهلي وكل من حولي، لدرجة أن جدتي كانت تتمنى أنني إما أن أشفى وإما أن أموت، وأجريت لي أول عملية في عمر الثالثة بإصرار من جدتي، وكانت المفاجأة لعائلتي أن القدم عولجت بطريقة خاطئة، لم تعد مقلوبة كما كانت وبت قادرة على المشي عليها لكنني بت أعاني من ألم شديد...
بعدها أخذني والدي إلى معظم مستشفيات المملكة، لأن الطبيب الذي كان يعالجني منذ طفولتي قال إنه لا يمكن إجراء عملية أخرى حينها، بعدها أرسلني والدي إلى النمسا، والحمد لله كانت نعمة من ربنا أنني استطعت المشي في يوم من الأيام، وكان هذا يعني الكثير للعائلة، فكما تعرفون منذ ولادة الفتاة تبدأ العائلة بنسج الأحلام لها بأن تتزوج وتصبح أماً...
من الشائع أن الأم عندما تمرض أو تضعف لسبب ما تنقلب على نفسها وتلوم نفسها على التسبب بالحزن لعائلتها، هل أصابتك هذه المشاعر أو الأفكار السلبية؟
جداً لدرجة أنني كنت طول الوقت ألوم نفسي أنني غير قادرة على أن أكون أماً طبيعية لأولادي، وغير قادرة على إعطائهم الحياة السعيدة أو الطبيعية لهم كأطفال، نشأوا وهم يرون أمهم في المستشفى تضع جبيرة أو تحت التخدير أو تحت تأثير المسكنات أغلب الوقت، يرونها تتألم وتكون عصبية أغلب الوقت بسبب الألم، حتى أن ابنتي كانت تسألني أحياناً: أمي هل أنت غاضبة منا؟ لم يكونا فاهمين لهذه التعابير وهذه الانفعالات، حتى أن ابني في المدرسة في أميركا كتب في نص تعبيري: "أمي لا تستطيع أن تمشي وتلعب معنا كباقي الأمهات"، وعندما نادتني مديرة المدرسة لتناقشني حول ذلك ولتخبرني أن ابني بدر لديه معاناة نفسية من هذا الأمر، لكنها عندما رأتني على الكرسي المتحرك أخبرتني أنها ستقف بجانبي وتساعدني، لكن سماع ما كان ابني يفكر فيه أوجعني جداً.
حدثينا عن لحظة التحول التي رسمت لك حياة جديدة مع عائلتك؟
تلك المصاعب هي التي صنعت نقطة التحول في حياتي وهي التي جعلتني أحاول أن أكون أماً طبيعية لأولادي، وسأخبركم عن اللحظة التي جعلتني آخذ قرار البدء بالعلاج. كنت على كرسي أقرأ قبل أن أذهب إلى النوم ونسيت أنني قد تناولت أدويتي المسكنة والتي تجعلني غير قادرة على الحركة، بعدها نهضت لأذهب إلى سريري فوقعت على الأرض، وسمع ابني الصوت وركض إلى غرفتي فرآني على الأرض غير قادرة على الحركة قال لي دعيني أساعدك يا أمي، نظرات الحزن والخوف على وجه ابني آلمتني كثيرا فأخبرته أن يذهب إلى سريره، وكانت هذه اللحظة كفيلة بأن تجعلني أتمالك نفسي وأقرر في اليوم التالي أن أرمي كل الأدوية المسكنة ووعدت ابني بدر أن ذلك لن يتكرر أبداً، وقلت في نفسي إما أن أشفى وأن أصبح أماً حقيقية لهما، أقوم بتربيتهما وأقدم لهما حياة لطيفة، وإما أن أموت فيرتاحان مني.
من هنا كانت نقطة التحول، رميت أدوية الأعصاب والمسكنات، وبدأت أمرن نفسي وأنا على الأرض، وبدأت أدرس في نفس الوقت أقرأ الكثير من البحوثات، حصلت لي انتكاسات كثيرة كنت أعالجها بالتمرين والرياضة والنوم والأكل الصحي لأنني عاهدت نفسي أنني سأتحسن. كنت أتعب كثيراً وبعض الأحيان كان يغمى علي من الألم والتعب لكنني لم أيأس، وكنت دوما أنهض وأكمل وبدأت أتحسن رويداً رويداً، وكانت المفاجأة أنني بعد ثمانية أشهر فقط أصبحت قادرة على المشي، وفي خضم كل ذلك كانت هناك لحظات سعيدة حتى لو أنها ارتبطت بحالتي فمثلاً كنا عندما نتجادل أنا وأولادي تقول ابنتي لأخيها حلو أمي ستغضب منا الآن، فيقول لها هي لن تستطيع أن تركض خلفنا.. وأنا أضحك جميعنا على ذلك.
لحظات الفرحة والفخر التي رأيتها في عيوني أولادي كانت مكافأتي في الحياة، أرى كيف أنهم ينظرون لي بأنني الأم القوية والمثابرة والتي لا تستسلم أبدا. ليس فقط أنهما انتقلا من مرحلة الحزن إلى مرحلة الفرح بأن أمهما باتت تمتع بصحة جيدة، بل أيضاً بات عندهم فخر كيف أنني أصبحت اليوم منال أبو العلا التي أحب أن أكونها.
وإنتِ إيش عذرك؟
هذا هو السؤال الذي توجهت به للسيدات، هل كل عوائق التقدم قابلة للمواجهة برأيك؟
للأسف أرى اليوم الكثير من السيدات يعانين من الكسل، لا يتحركن، لا يذهبن للتمرين أو أنه يحدث لهن اكتئاب لأسباب تافهة جداً، إن كانت مشاكل عائلية أو مشاكل عاطفية، وتقمن بعزل أنفسهن ويبقين في البيت ويزداد وزنهن وتظهر لديهن أمراض كالضغط والسكر وهشاشة العظام، ويختلف شكلهن الشكل الأنثوي والقوام المنحوتة، أنا مررت بكل هذه المعاناة لكنني استطعت أن أنهض منها وأن أصل إلى الصورة التي كنت أطمح أن أصل إليها، لذلك عندما أقول هذه الجملة لأي امرأة فأنا أقولها من تجربة، فأنت إذا تكاسلت في المنزل لن تستطيعي أن تحققي شيئاً.
كذلك هذه الجملة لها قصة أخرى ترتبط بصديقة لي، هذه الصديقة هي صديقة مقربة جداً لي وكنا نتمرن سوياً، وأنا عندما كنت في أمريكا أخضع للعمليات الجراحية، كنت أغافل الأطباء بين كل عملية والأخرى وأذهب للتمرين، على كرسيّ المتحرك والجبيرة على ساقي فأجلس في مكان جانبي وأفك الجبيرة وأنزل إلى المسبح وأسبح لأكثر من نصف الساعة، ثم أتمرن بعدها في رفع الأوزان رغم أنني خاضعة لعملية غير سهلة، وكانت تلك مخاطرة طبعاً.
صديقتي هذه عندما أدركت ما أفعله قالت لي : "عندما كنت أفكر أنك وأنت في هذه الحالة تذهبين للتمرين وأخجل إذا ما أصابني الكسل ولم أرد أن أذهب للتمرين أو أن أنام أو أبقى في المنزل وكنت أقول لنفسي إذا كانت منال التي تجري عمليات جراحية صعبة حافظت على تمرينها إيش عذري أنا؟"، هذه الكلمة أثرت بك كثيراً لذلك عندما أردت أن أروي قصتي للناس وأن أحفزهم على التمرين وجدت أنها مناسبة لأحفزهم من خلالها، كنت أريد أن أقول لكل امرأة إذا كنت أنا مررت بكل هذه المعاناة وتمكنت من أن أقوم منها وأن أحافظ على ثباتي وعلى طموحي وأن أصبح الشخصية التي فأنت إيش عذرك؟
أرى الكثير من الشابات الصغيرات في سنة 18 سنة و19 سنة، سيطر عليهن الكسل ويوهمن أنفسهن أن التمرين صعب كذلك أرى الكثير من الحالات المرضية الصعبة إن كان من خسارة عضلات أو مرض الضغط أو السكر وفي أعمار صغيرة، لذلك أقول إن الحياة حلوة وتبدأ من اليوم الذي يبدأ فيه الإنسان بالتحرك والعمل على نفسه، إن كان على صحته أو شخصيته أو ثقافته، نعم فيها الكثير من المعاناة لكنها بعد المعاناة فرح لا يوصف.
قصة أخرى تروي جمال الأحلام : لجينة صلاح: تنتصرعلى البهاق وتتوج ملكة جمال الكون لمصر
التخلي والخذلان
في فيديو لك نرى عبارة "العملية رقم 18"، حدثينا عن رحلة العلاج، وأي مراحلها كان الأصعب؟ هل كنت مؤمنة أنك ستكسبين في نهاية المعركة؟
الأطباء لم يستطيعوا توقع عدد العمليات التي أحتاج لها، قالوا لي نحن سنكسر العظام ثم نبنيها من جديد، ثم بعد أن يلتئم العظم، قد نحتاج أن نكرر العملية من جديد، وأنا كنت لدي إصرار على المتابعة والخروج من كل ذلك بأفضل حال ممكن، رغم أنني كنت أعرف أنني سأعاني ولم أكن أعرف كم سيأخذ ذلك من وقت، وكان الألم كبيراً لدرجة أن البعض ممن مروا به استسلموا بعد عمليتين أو ثلاثة، ولدرجة أنني وصلت لمرحلة الاكتئاب وتعودت على المسكنات، وكانت الفترات بين العملية والأخرى لا تتجاوز 12 أسبوعاً، ثم يضعون لي الجبيرة من جديد، ثم أخضع لعملية جديدة، وبعد العملية رقم 16 أتت الطبيبة وقالت لي: منال نحن سنخلصك من الألم لكنني لا أعدك بأنك ستمشين من جديد"، قلت لها: "وأنا أعدك أنني سأمشي، وسأعاود ممارسة الرياضة"، وضحكنا سوياً وأخذنا صورة في ذلك اليوم للذكرى..
التحدي الحقيقي كنا كيف أو كيف عقلي ليتحكم بجسمي ويتحمل الألم بدون مسكنات أو أدوية أعصاب، لم يكن الموضوع موضوع تحمل فقط للعمليات المتكررة والألم الجسدي، بل كان هناك عوامل أخرى، عوامل خارجية وتعب نفسي، وأصعب مرحلة مررت بها كانت في العملية الأخيرة، في هذه العملية بتر الأطباء القدم وأعادوها من جديد وكانت حالتي مصدر نقاش كبير في مستشفى جون هوبكنز بين الأطباء والمختصين كما قالت لي الطبيبة المعالجة لي، لكنهم استمروا بتقديم العلاجات المتاحة لي، رغم فقدانهم الأمل بأنني سأمشي من جديد، أما أنا فكنت على يقين أنني سأمشي وسأكمل حياتي بشكل طبيعي كبقية الناس، وسأكون أقوى وأنجح..
أنا أؤمن ان ذلك أشبه ببرنامج موجود في العقل، أنت ما الذي تريدين تحقيقه في حياتك، هل تريدين أن تكوني كسولة ومرتاحة كل الوقت من دون حركة ستكونين، تريدين أن تعيشي بالألم والأدوية المسكنة والامراض المزمنة ستكونين، تريدين أن تكوني صحية ونشيطة ورياضية ولديك قوام جميل وصحي ستكونين كذلك.. أنت تقررين ما الصورة التي تريدين أن تكوني عليها...
هناك صرخة سمعناها في الفيديو الذي نشرته عن قصتك، البعض لم يصدق تلك الصرخة، هل كانت مشهد تمثيلي أم هو صوتك فعلاً خلال العلاج؟
في آخر مرحلة من علاجي، الألم ازداد وشخصيتي تغيرت، أصبحت شخصاً لا يحتمل، وهذا متوقع من شخص يتألم طوال الوقت، وكان هذا الألم ينعكس على ملامح وجهي، على نبرة صوتي على كل تصرفاتي، وكنت أشعر أنني في عالم لوحدي، موجودة بين الناس لكنني غير متفاعلة معهم، وهذا جعل المقربين مني يتخلون عني، ويخذلونني وأنا في أصعب مراحل حياتي، وأصابني ذلك بصدمة نفسية قوية، وأدخلت إلى مصح علاجي، واحتجزت في غرفة مظلمة كأنها سجن، لأنهم كانوا يخشون من إقدامي على الانتحار. كانت الممرضات هناك يشفقن علي أحيانا فيدخلن لي الهاتف الجوال سراً لأتحدث إلى أخي وكان في المغرب حينها، وفي يوم ضاقت بي الدنيا كثيراً، فأرسلت تسجيلاً صوتياً لأخي قلت له: "أين أذهب من كل ذلك؟ أنا اموت هنا"، وكانت هذه الصرخة التي سمعها الناس في الفيديو الذي رويت فيه قصتي مؤخراً، وهذه الصرخة كانت حقيقية، ولم تكن مشهد تمثيلي ضمن الفيديو كما ظنه البعض، لكنني أردت أن يسمعها الناس ليدركوا أنني كنت في القاع إلى هذا الحد، وبرحمة ربي خرجت منها والحمد لله.
من وقف بجانبك في ظل تخلي الأشخاص المقربين عنك؟
في كل ذلك لم يكن معي إلا رحمة ربي، وبعدها حكومتي، وهنا أريد أن أوجه رسالة لسيدي مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد، سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، اللذين كانا أكبر داعمين لي. ففي الوقت الذي تخلى عني الجميع من حولي، كانت حكومة بلدي داعمة لي، لم يكن يرفض لي أي طلب للعلاج، فحكومتي كانت الأم والأب، والصديق...
أكبر الإنجازات
إلى جانب كل ذلك أكملت دراستك، وتمكنت من نيل أكثر من 20 شهادة تخصصية في الرياضة، واليوم اسم منال أبو العلا نجم يلمع في هذا العالم، حدثينا عن منجزاتك هذه؟
دراستي الأساسية كانت في الترجمة، لكن بعد أن ساعدتني الرياضة بهذا الشكل قررت أن أتخصص فيها، وتعمقت في جوانب مهمة جداً، كتدريب متخصص للعضلات، والتغذية الرياضية المتقدمة، وتخرجت كمدرب رئيسي، وحصلت على الاعتماد الأوروبي، والاعتماد السعودي، ونلت أكثر من 20 شهادة ضمن الاعتماد الأمريكي والدولي والسعودي، كنت أشعر دوماً أن الرياضة متنفس ومخرج وعلاج للاكتئاب وللحالات المرضية كضعف العضلات، والسكر، والضغط، ولهذا كنت أريد أن اتواصل مع الناس وأخبرهم أنني وجدت المخرج من الألم عبر الرياضة، وأنني قادرة على مساعدتهم أيضاً. وأكبر إنجازاتي هي عندما أرى شخصاً قد ساعدته بالفعل، كامرأة مثلاُ كانت تعاني من الألم لأكثر من 10 سنوات ولم تكن قادرة على المشي أو الجلوس، وبعد ست جلسات تدريب معي، تمكنت من التخلي عن الأدوية وباتت ترفع الأوزان، وتعيش حياتها بطريقة طبيعية، وهذه من الإنجازات التي أبكتني..
إلى جانب ذلك أن اليوم والحمد لله، اليوم نائب مدير عام للفنون القتالية في إفريقيا والشرق الأوسط، ومديرة تحرير SMENEWS، وهي صحيفة إماراتية، ومدير إقليمي لتطبيق CLIPPER في الشرق الأوسط، والنجاحات بالنسبة لي باتت لعبة حلوة، أحبها، لكن مساعدة الناس هو النجاح الأحب إلى قلبي.
بمن تأثرت منال أبو العلا حتى تكون بهذه القوة؟
شخصيتي بنيتها بنفسي، وبنتها لي الحياة والتجارب الصعبة، لكن مر بحياتي شخص أثر بي بشكل كبير وهو جدي الشاعر علي أبو العلا، رحمه الله، والذي عرف عنه المثابرة والعزيمة، وكان له الدور الأبرز في تأسيس جامعة أم القرى.
تعرفوا معنا على قصة نجاح أخرى هنا: الدكتورة إخلاص سندي..نموذج ملهم للمرأة السعودية
الألم سنة الحياة
العبرة من قصتك ان الألم يمكن أن يكون أيضاً دافعاً للنجاح، بأي معادلة علينا التعامل مع الألم للانتصار عليه؟
أنا أرى أن الألم أمر لا مفر منه، علينا أن نتألم وأن نواجه هذا الألم، وألا نهرب منه أبداً، وهذه النتيجة التي خرجت بها من قصتي، ولا تظنوا أنني اليوم لا أتألم، فعند أي تغيير أو تقصير في نظامي يعود الألم ليهاجمني من جديد، وإذا هربت منه ولم أواجهه يفوز الألم علي واعود لنقطة الصفر، لذلك تعلمت كيف أتعامل وأتعايش معه من دون أن ينتصر علي.
البعض يهربون من الألم النفسي أو الجسدي بالأدوية المسكنة، حتى أن الشباب قد يلجأون للإدمان والسلوكيات الخاطئة، أنا وجدت الحل في الرياضة، وحدها ساعدتني على مواجهة الألم جسدياً ونفسياً، وعلى عدم الاستسلام، الألم سنة الحياة، علينا أن نتقبل وجوده ولكن أن نكون أقوياء لمواجهته.
هل النساء اليوم محصنات نفسياً وجسدياً لمواجهة الألم؟ وبالأخص في منطقتنا؟
لا أحد محصن ضد الألم، ربنا خلقنا في معاناة في هذه الدنيا، وربنا خلقنا في ألم، وإن شاء الله نكون مأجورين عليه، ولكن لم يخلقنا حتى يعذبنا، ولكن كل ألم هناك رسالة خلفه، علينا أن نبحث عن هذه الرسالة، فأنا مثلاً كنت أدرس ترجمة وكنت أماً وزوجة من الطراز الأول، بعد معاناتي وجدت أن الناس تخلوا عني فجأة، وتطلقت، وتغير مسار حياتي كله، ودرست الرياضة، وأصبحت الكابتن منال، وبت معروفة، هناك رسالة في كل ذلك، لذلك أقول لا أحد محصن من الألم، ولكن هناك ألم مهمته تغيير مسارك، فلا تقاوميه، ولا تستسلمي أمامه، ابحثي عن الرسالة... وبالنسبة لنا نحن السيدات فانا أرى أننا خلقنا قويات أكثر من الرجال، بحكم أننا أمهات ننجب ونربي، وعندنا القدرة على التحمل أكثر من الرجل، إنما لسنا محصنات ضد الألم، لكن الألم يأتي لكل شخص بقدر قدرته على الاحتمال.
أنا الألم جردني من كل الناس، إلا ولدي، حفظهما الله لي، لكنني عرفت أن الرسالة كانت أكبر من ألمي، وبحثت عنها وسعيت لأجدها، وتقبلت كوني وحدي في هذا المسار الصعب، وعزمت على أن أتلقى العلاج وأقف على رجلي من جديد، وأنا اليوم والحمد لله شخص مختلف، لست منال أبو العلا نفسها التي كانت قبل العلاج..
أفتخر أنني سعودية
حدثينا عن علاقتك بالسوشيال ميديا، وكيف ساعدتك في رحلتك؟
أحب السوشيال ميديا لأنني أتواصل مع الناس وأرى حبهم لي من خلالها، عندما نشرت الفيديو الذي يحكي قصتي عبر السوشيال ميديا، التعليقات التي وردت من الناس من السعودية وخارجها، كان الجميع يعبرون عن فخرهم بي، أبكتني تلك التعليقات، وعندما خرجت للمجتمع فوجئت بالصورة التي كونها الناس عن منال أبو العلا، وردود الفعل وحب الناس لي وهذه هبة من الله عز وجل، وكانوا يخبرونني عن تأثرهم برسالتي وكيف أنها ساعدتهم على التغيير، وكانت سعادتي لا توصف بكل ذلك.
كيف تصفين السعودية اليوم؟
السعودية رائعة بكل حالاتها، لكن اليوم والحمد لله المرأة لها كامل الحرية، وباتت تتقلد مناصب في الدولة، وصارت وزيرة، وصارت عضو مجلس الشورى، وصارت كابتن رياضة... في الحقيقة شهادتي مجروحة، لكنني أقول باختصار أنني كلي فخر ببلدي، أدام الله عزها، وأفتخر دوماً أنني سعودية.. أتمنى أن أعطي هذا البلد رغم أنني أعرف أنني مهما قدمت لن أفيه ولو جزءاً من حقه علي.
ما فات رحلة، وما آت رحلة أجمل، ما هي أحلامك كامرأة وكسعودية وكأم..؟
كامرأة سعودية لدي رسالة أريدها أن تصل للناس، أنا لا أقول إنني امرأة خارقة، وإنني أقوى أو أفضل من أحد، لكنني أقول إن الله منحنا نظاماً قوياً قادراً على مواجهة أي ألم، وأنا أدركت الطريق إلى هذا النظام وأريد أن أساعد غيري ليصلوا إليه. وكأم، أرى أنه ليس هناك أهم بالنسبة لأي أم من أن ترى ثمرة تعبها في أطفالها، وأن تستحق في عيونهم كلمة أم صالحة، وأن تكون لهم قدوة جيدة، يتعلمون منها السلوك المناسب، عندها فقط تكون فخورة بنفسها كأم، وأنا والحمد لله فخورة بنفسي كأم، وأعرف أن ولدي فخوران بي أيضاً.
وبالحديث عن المرأة السعودية اقرؤوا معنا: المرأة السعودية بعيون نساء العالم.. مبهرة ومتميزة