للحياةِ نكهةٌ مختلفةٌ عندما تُتوَّج بإنجازاتٍ فرديَّةٍ للعصاميين والعصاميَّات، إنجازاتٌ لم تكن لتتحقَّق لولا الإصرار، والسعي في سبيلِ رؤيةِ الأحلامِ تتحوَّل إلى حقيقةٍ. من ذلك قصَّةُ نجاحِ رجلِ الأعمال ستيف مادن Steve Madden، صاحب العلامةِ ذاتها للحقائبِ والأحذية، التي دفعتنا للبحثِ عن قصصٍ ملهمةٍ مشابهةٍ، ليس في المجالِ، أو المسارِ ذاته، بل في العملِ الجاد الذي أثمر عن إنجازاتٍ، لفتت الأنظار، تماماً مثل قصَّة الطبيبةِ الرياضيَّة ومدربةِ اليوغا ومؤسِّسة مجتمع We Run للجري في الرياض، العاصمةِ السعوديَّة، سارة فرهود، فكيف وصلت إلى ما وصلت إليه؟
مديرة إبداعية ومنسقة أزياء: نينورتا المالكي Ninorta Malke
حوار: رنا الطوسي Rana Al Tousi
تصوير فوتوغرافي: عبدالله الخليفة Abdullah Alkhaliffah
شعر: سمر نبهان Samar Nabhan
مكياج: نورة أسامة Nourah Osamah
مساعد مصور: ياسمين محمد Yasmin Mohamed
إنتاج: عمرو جمال الإمام Amr gamal el emam
الحماس، هكذا نستطيع وصف ردة فعل الطبيبة سارة فرهود عندما عرضنا عليها أن تكون نجمة مشروع التعاون ما بين سيدتي وستيف مادن Steve Madden للإضاءة على قصص نجاحٍ عصامية لسعودياتٍ تمكّن من تحقيق الإنجازات بالاجتهاد، حيث رأت الكثير من نقاط التشابه ما بين قصتها وقصة ستيف مادن الذي بدأ من الصفر حتى استطاع الوصول بعلامته التجارية إلى العالمية.
من طفلة في قاعات الرياضة إلى مدربة محترفة
بدأت قصَّةُ عشقِ سارة لعالمِ الرياضةِ في الصغر، فهي الطفلةُ ذات الأعوامِ الستَّة التي سجَّلتها والدتها في دروسِ الباليه، في تجربةٍ فتحت عينَيها، وأطلقت روحها في قاعاتِ الصالاتِ الرياضيَّة. قادتها قدماها لاحقاً إلى قاعةِ اليوغا، وهناك اكتشفت عالماً مختلفاً، بثَّ في نفسها السعادة، وعزَّز في داخلها التوازن. بعد أعوامٍ، أحبَّت أن تنتقل من مستوى متدرِّبةٍ إلى مدرِّبةٍ، فاتَّجهت بناظريها إلى بالي ونيبال للتدرُّب على أيدي اختصاصيين محدَّدين. وعلى الرغمِ من صغرِ سنِّها، وعدم تجاوزها العشرين، إلى جانبِ استغراقِ "الكورسات" شهراً خارج البلاد، إلا أن والدها ووالدتها باركا هذه الخطوة، التي غيَّرت مسار حياتها، إذ غادرت السعوديَّة بشخصيَّةٍ، وعادت بأخرى أكثر تطوُّراً وانفتاحاً، ومن هنا بدأت رحلتُها في نقلِ معرفتها المكتسبةِ من بالي إلى الرياض، وأصبحت مدرِّبةَ يوغا محترفةً، تُتِمُّ عامَها السابعَ اليوم ضمن مجتمعٍ وجوٍّ عائلي مع متدرِّباتها ومتدرِّبيها.
حبُّها لعالمِ الرياضة، دفعها لاختيارِ مجالٍ دراسي جامعي قريبٍ منه، لذا من غير المستغربِ التحاقُها بجامعةِ الملك سعود لدراسةِ الطبِّ، وانتقاؤها تخصُّص الطبِّ الطبيعي والتأهيلِ المعني بتشخيصِ وعلاجِ الإصاباتِ الرياضيَّة، بالتعاونِ مع فريقٍ من الأطبَّاء باختصاصاتٍ مختلفةٍ، إذ رأت مستقبلاً لهذا التخصُّص مع دعمِ "رؤية 2030" للمرأةِ والرياضة.
اطلعي الآن على رحلة الطيران غير المسبوقة مع الكابتن طيّار رهف الجديعي!
الجري.. من رياضة فردية إلى مجتمع We Run!
حذاء رياضي من ستيف مادن Steve Madden
Surge - Blush & Black Sneaker
لم يقف اجتهادُ سارة فرهود على الدراسةِ الأكاديميَّة فقط حيث استمرَّت، بالتوازي، في نشاطها الرياضي بعزمٍ وثباتٍ خلال أعوامِ دراستها الجامعيَّة، فبعد أن اعتادت على الجري في القاعاتِ الرياضيَّة على جهازِ المشي، قرَّرت في 2018 أن تجرِّب الجري خارجاً في شوارعِ وحدائقِ الرياض للتنفيسِ عن نفسها. في البدايةِ لم تحتمل حرَّ الصيف، لكنْ جمالُ التجربة، دفعها للجري خارجاً مجدَّداً، مرَّةً واثنتين، حتى مرَّت أعوامٌ وهي تجري يومياً في الهواءِ الطلق.
هل اكتفت سارة بهذا القدرِ من الإنجازاتِ الفرديَّة؟ كلا بالطبع، فقد اختارت الرياضةَ المجتمعيَّة بعد أن جمعها القدرُ مع محبِّين ومحبَّاتٍ لهذه الرياضة. هنا خطرت في بالها فكرةُ تنظيمِ مجتمعٍ كاملٍ، محورُه الأساسُ الجري في الرياض، بالشراكةِ مع مجموعةٍ من الأصدقاءِ المهتمين بالمجالِ ذاته، وتالياً أطلقت عليه اسمَ مجتمعِ We Run، وجاءت البدايةُ بتمارينَ مخصَّصةٍ للنساء، هدفها تشجعيهن على تجاوزِ التوتُّرِ، والاعتيادُ على الجري مع مجتمعٍ متكاملٍ، ومنحهن التوجيهاتِ المناسبة ليصبحن عدَّاءاتٍ محترفاتٍ.
سارة فرهود: "في مجتمع We Run جميعنا سواسية"
تقولُ سارة عن ذلك: "من اللافتِ للنظر، أن المنضمين، ينتمون إلى كافةِ الجنسيَّاتِ، الثقافاتِ، الفئاتِ الاجتماعيَّة، الماديَّة والمهنيَّة، والأهمُّ إلى كافةِ المستوياتِ الرياضيَّة ففي مجتمعِ We run، لا يختلفُ المبتدئون عن المحترفين، فما يجمعهم أكبر من أي تصنيفٍ، بل على العكس، هي فرصةٌ ليرى المبتدئ نموذجاً، سارَ على خطاه نفسها، وتجاوزَ التحدِّيات بالجري من مسافاتٍ قصيرةٍ إلى طويلةٍ جداً، إذ يشارك المحترفون تجربتهم الشخصيَّة، ونصائحهم مع المبتدئين، وبذلك تصبح الرحلةُ، التي قد تبدو شاقَّةً، أكثر واقعيَّةً وسهولةً. واليوم، أصبحنا من أقوى مجموعاتِ الجري في الرياض".
كبر مجتمعُ We Run بعددِ عدَّائيه وعدَّاءاته، ونمت مهاراتهم، لذا ترى سارة فيهم عائلتها الثانية، فبعد الانتهاءِ من الجري، يجتمعون لتبادلِ الأحاديثِ ووجهاتِ النظر التي تجعلهم أكثر انفتاحاً على الآخرين.
كذلك الحالُ بالنسبةِ إلى طلابها وطالباتها في دروسِ اليوغا التي تقودها، فبفضل ذلك، وجدت أشخاصاً يشبهونها، وبيئةً مملوءةً بالسلام.
بالنسبةِ إلى سارة، كانت الرياضةُ ومازالت طريقتها لتحقيقِ إنجازاتٍ فرديَّةٍ بوصفها امرأةً عصاميَّةً، بدأت من الصفر، في صورة تعكس قصص نجاح الكثيرين، وأولهم ستيف مادن Steve Madden الذي يضيء على قصص عصامية ملهمة من المنطقة، تحلم سارة اليوم بافتتاح استديو يجمع خبرتها كمدربة وطبيبة رياضية لمساعدة كبار السن والمصابين من الرياضيين مستقبلاً!
تعرفي الآن إلى قصص نجاح مواهب سعودية واعدة..