أشارت دراسة أميركية صادرة حديثاً عن «منظمة الصحة العالمية» The World Health Organization (WHO) إلى أنّ فحص المعدة بواسطة المنظار الداخلي سمح باكتشاف أن جهاز الهضم لدى الأميركيين أقوى بنسبة 60% مقارنة مع اليابانيين، ما يقلّل الشكوى من آلام المعدة الشائعة والمتمثّلة في ارتجاع السائل المعوي. ورغم أن الأميركيين يكثرون من تناول الأطعمة المحتوية على الزيت والزبدة والبيض، إلا أن غذاءهم يشتمل على عدد كبير من «الأنزيمات» الهاضمة التي تفكّك الطعام وتساعد الجسم على امتصاص المغذّيات، وهو ما أطلقوا عليه اسم «العامل الأنزيمي» والذي يبدأ باللعاب، ثم ينتقل إلى المعدة فالإثني عشر و«البنكرياس» لينتهي بالأمعاء الدقيقة. وحذّروا من أن النقص في إفراز هذه «الأنزيمات» الهاضمة قد يؤدّي إلى عسر الهضم وتعفّن الطعام بالأمعاء وتخمّره.
«سيدتي» اطّلعت من رئيس قسم الكيمياء الحيوية في كلية العلوم بـ «جامعة الملك عبد العزيز» الدكتور جلال أعظم جلال عن فوائد «الانزيمات» على الصحة.
«الأنزيم» عنصر بروتيني ضروري يتكوّن في داخل خلايا الجسم. وقد أحصى الباحثون ما يزيد عن 5000 نمط من «الأنزيمات» العاملة في جسم الإنسان، والتي تأتي على هيئة فئتين كبيرتين، هما:
< «الأنزيمات» المصنّعة بواسطة الجراثيم المعوية داخل الجسم، وتشتمل على حوالي 3000 نوع.
< «الأنزيمات» التي تأتي من الطعام والمكتسبة من خارج الجسم.
وقد توصّل اختصاصيو التغذية إلى أن المداومة على العادات الغذائية والسلوكية السيّئة، على غرار الإفراط في تناول الطعام أو الأنواع المحتوية على المواد المضافة (الألوان والنكهات الصناعية) أو استعمال الأدوية والتدخين قد يعجّل في استهلاك كميّات كبيرة من «الأنزيمات»، ما يزيد من إنتاج الجذور الحرّة والسموم في داخل الجسم، وخصوصاً في القولون. وقد ثبت مؤخراً أن تناول الأطعمة المحتوية على «الأنزيمات» ينتج بيئةً معويةً سليمةً تسمح للجراثيم المعوية بإنتاج المزيد منها، ما قد يعزّز الطاقة ويقوّي جهاز المناعة. ووفقاً للإحصائيات، ثبت أن الأشخاص الذين يصابون بأمراض مرتبطة بأسلوب الحياة في مرحلة معيّنة من حياتهم كالسرطان هم مدخّنون أو يتناولون الكحول يومياً أو يكثرون من تناول اللحوم على حساب الفاكهة والخضر أو مشتقات الألبان (الحليب والزبادي والزبدة) في سنّ مبكرة.
أطعمة مؤكسدة
يصف الخبراء الغذاء المتوازن بأنه يحتوي على ما يكفي من السعرات الحرارية المتأتّية من المغذيات (الفيتامينات والمعادن) والبروتينات والدهون،
إلا أنّه لا يفتقر في الوقت عينه إلى «الأنزيمات» التي تمتاز بحساسيتها الشديدة للحرارة وتحطّمها عند 48 إلى 115 درجة مئوية، ما يجعلنا نفقد 92% من هذه الأخيرة في خلال عملية تصنيع
أو طهو الطعام. ومن هذا المنطلق، يعدّد الباحثون أنواع الأطعمة المؤكسدة التي يجب الحذر منها لقلّة قيمتها الغذائية وخلوّها من «الأنزيمات»، في:
< السمن الصناعي (المارغرين): يحتوي السمن الصناعي النباتي على غالبيّة الأحماض الدهنية المشبّعة، فرغم أنه يصنّع من الزيت النباتي إلا أنه يكون صلباً بنفس درجة حرارة الغرفة كالدهون الحيوانية تماماً، وذلك لأنه يهدرج ويحوّل صناعياً من حمض دهني غير مشبّع إلى حمض دهني مشبّع بواسطة عملية الإستخراج الكيميائي، تليها إضافة الهيدروجين، ما يجعل استعماله في أطباق الحلويات والفطائر والأطعمة السريعة ضاراً للغاية بالجسم.
< الحليب المبستر: يأتي الحليب المبستر في المرتبة الثانية بعد الزيوت المستخلصة كيميائياً كأبرز أنماط الطعام سهولة في الأكسدة. فقبل معالجته، يكون الحليب الطبيعي محتوياً على عدد من العناصر المفيدة من أنماط «الأنزيمات» المختلفة كـ «اللاكتاز» الذي يهضم اللاكتوز (سكر الحليب) في الأمعاء و«الليباز» الذي يفكّك الدهون و«البروتياز» الذي يفكّك البروتين. ويشتمل الحليب، في حالته الطبيعيّة، على بروتين «اللاكتوفيرين» Lactoferrin ذي التأثيرات المناعية المضادة للتأكسد، ما يحدّ من الإصابة بالإلتهابات والفيروسات، كما يقوّي وينظّم جهاز المناعة في الجسم، إذ أكّدت الدراسات الحديثة أهميّة هذا النوع من البروتين في الوقاية من الإصابة بأنواع السرطان المختلفة. وقد توصّل المتخصّصون إلى أن الحليب الخاضع لعملية البسترة قد يفقد جميع العناصر الجيدة فيه، وذلك لاحتواء الحليب الطازج على نسبة 4% من الدهون المكوّنة من جسيمات دهنية في شكل قطرات صغيرة والتي تتعرّض في خلال عملية التصنيع إلى الإرتباط مع عنصر الأوكسجين، فتتحوّل إلى دهن مهدرج (دهن مؤكسد)، تليها عملية البسترة لتثبيط انتشار الجراثيم والميكروبات المختلفة، ما يسبّب فقد الكثير من «الأنزيمات» والعناصر الأساسية في الحليب المصنّع.
النظام الغذائي الجيد
يجب أن يحتوي النظام الغذائي الغني بـ «الأنزيمات»، على العناصر التالية:
< 50% من الحبوب الكاملة والأرز الأسمر والبقول والمعكرونة والشعير، كما فول الصويا واللوبياء والفاصوليا البيضاء.
< 30% من أنواع الخضر الورقية والصفراء وخضر الجذور (الجزر والفجل والبطاطا الحلوة والشمندر).
< من 5 إلى 10% من الفاكهة والبذور والمكسرات.
< من 10 إلى 15% من البروتينات الحيوانية
(من 90 إلى 120 غراماً) كحدّ أقصى يومياً.
وفي الموازاة، يجب المداومة على تناول الطعام الطازج أو المبخّر قليلاً للحفاظ على «الأنزيمات» التي تتحطّم ابتداءً من 48 درجة مئوية، مع الإبتعاد عن الطعام المؤكسد (الأطعمة المقلية أو شديدة التسخين) أو أنواع الفاكهة التي يتغيّر لونها إلى البني، كما ينصح الباحثون بضرورة مضغ الطعام من 30 إلى 70 مرّة، ما يساعد على إفراز «أنزيم» يقترن مع العصارة المعدية والصفراء، بما يسهّل عمليّة الهضم ويرفع من مستويات الجلوكوز
(سكر الدم) الذي يعمل على تثبيط الشهيّة وكبح الرغبة في تناول الطعام، بالإضافة إلى أهمية «الأنزيم» في تحسين عمليّة الإمتصاص الجيد.
خطوات مفيدة
- إتبعي سلوكيات يوميّة تعمل على إزالة الملوّثات المعوية وتنظّف جهازك الهضمي بشكل دوري، مع تجنّب استخدام المليّنات.وواظبي على تناول كميّات كبيرة من الماء الجيّد يومياً، وهو الماء الخالي من المواد الكيميائية ك "الكلور" ويحتوي على "الكالسيوم" و"الماغنسيوم" و"الصوديوم" و"البوتاسيوم" والحديد، ما يزيل الجذور الحرة من خلال مقاومة التأكسد.
- قلّلي من تناول الأدوية التي ترهق الكبد والكليتين.وفي هذا الإطار، يوصي اختصاصيو التغذية بمحاولة التغلّب على الحالات المرضية المزمنة والمتمثلة، في:التهاب المفاصل والنقرس والسكري وهشاشة العظام، بالمداومة على اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمرينات الرياضية باعتدال.
- تناولي "الكربوهيدرات" ذات النوعية الجيّدة والغنيّة بالألياف والفيتامينات والمعادن التي تساهم في عملية الاستقلاب الخلوي الفعّال، كما تزيد من تدفّق الدم وإزالة الفضلات، حيث ثبت أن استقلاب "الكربوهيدرات" لا يلوّث الدم بالفضلات ولا يتطلّب صرف طاقة كبيرة للهضم والامتصاص.
- يجدر بك الانتهاء من تناول الطعام والشراب قبل 4 أو 5 ساعات من موعد نومك، فقد أشارت
التقارير الحديثة إلى أنه عندما تكون المعدة فارغة، يُنتج الحمض القلوي الذي يقتل الجراثيم البوابية الحلزونية والجراثيم الضارة الأخرى، ما ينتج بيئةً معويةً متوازنةً وزيادةً في المقاومة والمناعة الداخلية. ويؤدي التخفيف في تناول الطعام قبل النوم إلى تقليل مشكلات الحموضة وتوقف التنفس أثناء النوم.
- يحذّر الخبراء من تناول لحوم الحيوانات ذات درجة حرارة الجسم المرتفعة كلحوم البقر والغنم، اذ ثبت أن الشحم الحيواني قد يتجمّد في مجرى الدم، مسبّباً الإصابة بأضرار صحيّة خطرة، أبرزها أمراض القلب والجلطات الدماغية. ومن هذا المنطلق، يُوصى بتناول اللحوم منخفضة الحرارة وأشهرها الأسماك المحتوية على زيوت تعمل على تفتيح الشرايين وإنخفاض مستويات "الكوليسترول" الضار بالجسم LDL.
- بعكس المتعارف عليه، قد تؤدي ممارسة التمرينات الرياضية المفرطة إلى إطلاق الجذور الحرة وإيذاء الجسم. لذا، يجدر بك الاعتدال في ممارسة التمارينات، والمواظبة على السير لكيلومترات ثلاثة يومياً أو ممارسة السباحة وكرة المضرب وركوب الدراجة والرياضات الهوائية التي تحسّن حركة الأمعاء وترفع مستوى "الانزيمات" الهاضمة بالجسم.