تشكّل العدوى بفيروس «الإيدز» من خلال تعاطي المخدرات حقناً، هاجساً ذا أهمية متزايدة في عدد من بلدان الشرق الأوسط، فضلاً عن انتشار الممارسات غير المأمونة في أوساط المهمّشين اجتماعياً ونقص المداخلات الوقائية، الأمر الذي يستدعي المزيد من الدعم الحكومي والالتزام السياسي لمواجهة مشكلة فيروس نقص المناعة مواجهة حاسمة. وتؤكّد منظمة الصحة العالمية أن الوصمة والتمييز هما حالتان يتعرّض لهما المصابون بمرض «الإيدز» أو بعدوى فيروسه في كل مكان في العالم، وإن اختلفت الأسباب من مكان إلى آخر حسب الثقافات والمعتقدات، وتتفاقم المشكلة من جرّاء غياب الوعي والمعرفة بحقيقة المرض وطرق انتقال عدواه في المجتمع، وانتشار الخرافات حول كيفيّة انتقال العدوى من شخص إلى آخر.
لا تنقل ممارسة الرياضة مع المصابين بـ «الإيدز» وحاملي فيروسه أو العمل معهم أو مصافحتهم أو مشاركتهم النوم في الغرفة نفسها وتنفّس الهواء نفسه الذي يتنفّسونه ومشاركتهم في أواني الشرب والطعام أو استخدام حوض السباحة الذي يسبحون فيه العدوى كما تشيع الخرافات، كما لا تنتقل العدوى عن طريق السعال أو الدموع أو التعرّق أو رذاذ الأنف أو الفم.
جديد الطب
ومؤخراً، نقلت تقارير عن باحثين في ألمانيا قولهم إنهم ربما عالجوا رجلاً من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية، وهي إن صحّت تشكّل تقدّماً علمياً كبيراً ولكن ليس بالضرورة تقدّماً في عملية العلاج، وفقاً لخبراء. ففي دراسة نُشرت في مجلة «بلود،» عالج الباحثون في جامعة «شاريت» في برلين رجلاً مصاباً بفيروس نقص المناعة البشرية وسرطان الدم النخاعي الحاد عن طريق محو نظامه المناعي بجرعة عالية من العلاج الكيميائي والإشعاعي وإجراء عملية زرع خلايا جذعية له.
وأثناء عملية الزرع التي تمّت في فبراير (شباط) من العام 2007، توقّف المريض عن تناول الأدوية المضادة لفيروس «الإيدز». وبعد 13 شهراً، عقب تعرّضه لانتكاسة في سرطان الدم، خضع لجولة ثانية من العلاج، وإلى زرع خلايا جذعية أخرى من المتبرّع نفسه. وتبيّن أن الخلايا الجذعية الثانية حوت جينات موروثة نادرة جعلت منها مقاومة طبيعية لعدوى فيروس نقص المناعة البشرية. ووفقاً للباحثين الذين قادتهم الدكتورة كريستينا ألرز، فإنه من المفترض أن فيروس نقص المناعة البشرية سوف ينتعش مع مرور الوقت، لكن ذلك لم يحدث.
وبعد 3 سنوات ونصف من الأدوية المضادة لفيروس «الإيدز»، لم يظهر المريض أي علامة لسرطان الدم أو فيروس نقص المناعة البشرية، واستعاد جهازه المناعي الصحّة! وقال الباحثون في نتائجهم الختامية إن الشفاء من فيروس نقص المناعة البشرية تحقّق لهذا المريض.
من جهة أخرى، قال أستاذ الطب ومدير جامعة ألاباما في برمنغهام الدكتور مايكل ساغ: «هذا ربما يعدّ علاجاً، لكنه يأتي بكلفة مرتفعة. فبالنسبة للمريض، إن استقبال خلايا ممنوحة، سبقه محو تام لجهاز المناعة، ثم زرع لنخاع العظم»، مضيفاً: «إن العلاجات المرتبطة بمحو الجهاز المناعي خطرة جداً، وهناك تعقيدات تجعل من العملية غير سارّة للغاية.وفي عدد من الحالات، تحدث الوفاة!».
الوصمة والتمييز
وضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي لمرضى الإيدز في «مصر» بالتعاون مع «برنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز» و«منظمة الصحة العالمية» لإقليم الشرق الأوسط، حيث بدّل «برج القاهرة» لونه الأزرق إلى الأحمر على مدار 3 أيام دعماً لهذه الاحتفالية، حذّر برنامج الأمم المتحدة من انتشار عدوى «الإيدز» في جنوب «السودان» و«جيبوتي»، ولفت إلى أن «مصر» وباقي دول المنطقة تعدّ من الدول المنخفضة في نسب الإصابة.
وفي هذا الإطار، استعرضت المستشارة الإقليمية للإعلام لارا دبغي رسالة الأمم المتحدة المشيرة إلى أنّها تعمل على تضافر الجهود والموارد الخاصّة بأمانة برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز، وبالتعاون مع 10 منظمات تابعة لها، حيث تقوم بالتنسيق مع الدول من خلال اللجان التنسيقية للبرنامج. وذكرت «أن رؤية برنامج الأمم المتحدة المعني بـ «الإيدز» يهدف نحو أجيال خالية من إصابات جديدة ومن الوصمة والتمييز ومن الوفّيات من جرّائه»، مضيفةً: «يهدف فريق الدعم الإقليمي للبرنامج إلى وقف الوباء عن طريق منع الإصابات الجديدة وتوسيع نطاق الحصول على العلاج والرعاية والدعم للأفراد المتعايشين مع الفيروس، كما توسيع نطاق الرعاية والحماية والدعم للأسر المصابة بالفيروس».
وإذ أكّد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الدكتور حسين الجزائري وجود 540 ألف حالة بالأقاليم(...)، وذكر «أن وباء «الإيدز» ما يزال يتّسم بالوصمة والتمييز المستمرّين ضد المعايشين للعدوى، والأكثر عرضة لها». وقال: «إن كانت غالبيّة بلدان إقليم شرق المتوسط تتميّز بقلّة انتشار الفيروس مقارنة بسائر مناطق العالم، إلا أننا نلاحظ تزايد انتشار الفيروس بين أكثر الفئات السكانية تزاحماً (...). وتدلّ التقديرات على وجود 40 مليون شخص يعايشون فيروس «الإيدز» في العالم، من بينهم أكثر من 700 ألف مصاب في بلدان شرق المتوسط، ووقوع أكثر من 5 ملايين حالة عدوى جديدة في العالم في العام 2001 فقط، منها أكثر من 80 ألف حالة عدوى جديدة في هذا الإقليم، وأكّدت المنظمة أن سرعة انتشار هذا المرض والعدوى بفيروسه تفوق قدرة الجهود الوقائية الحالية على التصدّي له».
وشدّدت المديرة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هند خطيب على أنه بات من الضروري أن تبدأ الدول في التخطيط الإستراتيجي لكيفيّة إنفاق موازناتها المخصّصة في هذا الشأن، وذلك على خلفية الأزمة المالية العالمية والتي ألقت بظلالها على تخفيض تمويل مكافحة «الإيدز».