توصّل باحثون في «مايو كلينيك» Mayo Clinic في ولاية مينيسوتا الأميركية إلى حلول صحيّة للوصول إلى الوزن المناسب، بعد دراسات تثبت أن الشعور بالامتلاء يتحدّد إلى درجة كبيرة بحجم ووزن الطعام المستهلك.
«سيدتي» اطّلعت من الاستشارية في التغذية العلاجية ورئيسة قسم التغذية العلاجية في «المستشفى السعودي الألماني» الدكتورة مها بشرى على طرق إنقاص الوزن والوصول إلى الوزن الصحي وفق طريقة «مايو كلينيك».
يمتاز الهرم الغذائي في «مايو كلينيك» بمزايا مختلفة عن الهرم الغذائي الصادر عن وزارة الزراعة الأميركية، في النواحي التالية:
- يعمل هرم «مايو كلينيك» على إنقاص الوزن والحفاظ عليه بصورة أكبر مقارنة مع هرم وزارة الزراعة الأميركية الذي لا يشدّد على خفض الوزن بقدر اهتمامه بإمداد الجسم باحتياجاته من العناصر الغذائية والطاقة التي تؤهّله القيام بوظائفه الحيوية كالهضم والأيض الغذائي والنشاط الحركي.
- يركّز هرم «مايو كلينيك» على الخيارات الصحيّة التي تحفّز الصحّة وتحسّن القوة البدنيّة ضمن كل مجموعة من مجموعات الطعام.
- يختلف هرم «مايو كلينيك» لناحية أن مجموعتي الفاكهة والخضر تمثّلان قاعدته، ما يسمح بتناول كميّات غير محدودة منها يومياً والتي أثبتت فعاليتها في إدارة الوزن بسبب انخفاض السعرات الحرارية فيها، إلى جانب احتوائها على فوائد صحيّة تمدّ الجسم بمعظم العناصر الغذائية المفيدة له، كالفيتامينات والماء والمعادن والألياف والكربوهيدرات.
حلول مبتكرة
يقوم برنامج «مايو كلينيك» لإنقاص الوزن الزائد على إجراء تغييرات دائمة في العادات الغذائية والأسلوب المعيشي للفرد، وذلك باتّباع مجموعة من الطرق المبتكرة للتحايل على الوزن الزائد وإنقاصه، أبرزها:
- تنمية قدرات التحدّي: تعتمد على اكتشاف نقاط الضعف تجاه الطعام، مع محاولة تعديلها أو التخلّص منها، وذلك على الشكل التالي:
- التحدّي الأول: التوقّف عن تناول الطعام في وقت متأخّر من الليل: يوصي اختصاصيو التغذية بتناول الطعام في وقت مبكر قبل النوم بحيث يكون هناك متّسع من الوقت لإتمام عملية الهضم.وبالطبع، يعدّ تحميل الجسم بعدد كبير من السعرات الحرارية قبل النوم مباشرة وسيلة غير صحيّة تؤدّي إلى زيادة الوزن بمعدّل نصف كيلوغرام على الأقل في صباح اليوم التالي نتيجة البطء في إحراق السعرات الحرارية أثناء النوم. وفي هذا الإطار، وجد الباحثون أن معدّل الأيض الغذائي ينخفض أثناء النوم إلى النصف تقريباً بما يصل إلى 40 سعرة حرارية في الساعة.
- التحدّي الثاني: التوقّف عن تناول الوجبات الخفيفة أثناء مشاهدة التلفزيون: تقود هذه العادة نحو الإفراط في تناول كميّات كبيرة من الطعام لاشعورياً. وفي هذا الخصوص، ينصح الباحثون بضرورة الاحتفاظ بالأطعمة الغنيّة بالألياف وذات مؤشر الغلوكوز المنخفض كثمار التفاح ورقائق الشوفان والذرة المسلوقة وقطع الجزر الصغيرة.
- التحدّي الثالث: التوقّف عن تناول الوجبة بالكامل: أثبتت البحوث الطبيّة أن 67.2% من المصابين بالسمنة يقومون بتناول وجبتهم الغذائية بالكامل ما يتسبّب في اكتسابهم المزيد من السعرات الحرارية دفعةً واحدةً! وفي هذا الإطار، ينصح اختصاصيو «مايو كلينيك» بالالتزام بكميّات محدّدة من الطعام في كل وجبة، وذلك باستعمال أطباق وأدوات مائدة صغيرة بما يطيل فترة تناول الطعام إلى عشرين دقيقة وهي التي تحتاجها المعدة لإرسال إشارات الشبع إلى المخ بالتوقّف فوراً عن الطعام.
- التحدّي الرابع: إيجاد الوقت الكافي لممارسة الرياضة: وجد الباحثون أن 30% فقط من النساء اللاتي يتبعن البرامج الغذائية يعترفن بأهمية ممارسة الرياضة، ولكنهن لا يجدن الوقت الكافي للانتظام فيها يومياً، أي أن امرأة واحدة بين كل 5 نساء تقوم بالدمج بين ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام وتناول الطعام الصحّي. وفي هذا الإطار، ينصح خبراء اللياقة بتحديد وقت لممارسة نوع خفيف من الرياضة (المشي أو التمرينات الهوائية)، حتى يتم الاعتياد عليها بشكل أساسي في اليوم. كما يفضّل أن يكون وقت التمرين في الصباح الباكر، وذلك قبل الانشغال بأيّة أعباء مهنية أو عائلية جديدة تمنع من التفرّغ لممارسة الرياضة.
- تقييم الخيارات: كشفت الاستطلاعات أن 56.7% من متتبّعي الحميات قد يواظبون على البرامج الغذائية لأسبوع واحد أو اثنين على الأكثر قبل أن يتوقّفوا عنها، ما جعل باحثي «مايو كلينيك» يطرحون إجراء تعديلات طويلة المدى في أسلوب المعيشة تعمل على اتّخاذ النظام الغذائي أسلوباً حياتياً، أهمها:
- النظر إلى شكل وحجم الجسم عن قرب، ما ينتج الحافز لاتّخاذ القرار اللازم لبدء البرنامج، بالإضافة إلى أهميّة البحث عن حوافز جديدة لمواصلة البرنامج كمكافأة النفس إذا تمّ إنقاص الخصر درجة واحدة في مقاس الملابس.
- تأمّل كل الأشياء الجيّدة والمرتبطة بالتخلّص من الوزن الزائد كدراسة تأثير إنقاص الوزن على تحسين الصحّة وتقوية المناعة والحدّ من الإصابة بالأمراض المتعلّقة بالبدانة كداء السكري وأمراض القلب وضغط الدم المرتفع، بالإضافة إلى إنتاج المزيد من الطاقة والحيوية التي تساعد على التمتّع بالحياة والقيام بالأعباء اليوميّة بشكل أفضل.
- التركيز على الجوانب الإيجابية من جرّاء اتّباع النظم الغذائية الصحيّة والتوصّل إلى حلول فعليّة للسلبيّات المتعلّقة بروتين الحياة اليومي كعدم إيجاد وقت لممارسة الرياضة ضمن الجدول اليومي المثقل بالمواعيد أو تناول الوجبات السريعة أثناء وقت العمل أو الدراسة والذي يعرف بحالة «التوازن القراري».
- مراحل التغيير: يؤكّد الخبراء على ضرورة الإلمام بمراحل التغيير واعتمادها بشكل يومي في الحياة العمليّة، وهي تنقسم إلى مراحل خمس، هي:
- تأمّل التغيير في حدّ ذاته والتأكّد من القدرة الفعلية على الإستجابة له وتنفيذه بأفضل صورة ممكنة من خلال التركيز على أفضل الحلول الممكنة والبعد بالتفكير عن المشكلات السلبيّة التي تعوق التغيير كالتفكير السلبي في صعوبة تغيير نوعيّة الطعام أو الإجهاد الزائد عند مزاولة الرياضة.
- الاستعداد للتغيير بواسطة تحديد تاريخ محدّد للإقلاع عن العادات الغذائية السيّئة، فضلاً عن اختيار الأدوات المساعدة على الاستمرار فيه كالاشتراك في نادٍ صحي أو البحث عن مطاعم مخصّصة لإعداد الوجبات الصحيّة والحرص على تناولها مع الأصدقاء في الخارج.
- مباشرة العمل على اعتماد التغيير في النظام اليومي وتدوين النتائج بشكل دوري، فقد أثبتت الأبحاث الغذائية أن الأشخاص الذين يحتفظون بسجلات غذائية هم أكثر نجاحاً في التخلّص من الوزن الزائد والحفاظ على الوزن الجديد على المدى البعيد. وفي هذا الإطار، ينصح الخبراء بالاطّلاع على برامج معالجة السلوك المعيشي عبر شبكة الانترنت والتي تتضمّن طرقاً جديدةً في ضبط أسلوب المعيشة والتحفيز على الانتظام في ممارسة التمرينات الرياضية والتخلّص من عادات الطعام القديمة (الإفراط في استعمال الدهون والزيوت أثناء طهي الطعام أو الإكثار من تناول الكربوهيدرات البسيطة المتواجدة في كل المنتجات الغذائية المصنّعة من الطحين والسكر الأبيض).
- تعديل السلوك قياساً على نتائج التغيير، ويشمل الأمر دراسة العوامل المسبّبة للبدانة والتخفيف منها قدر المستطاع. فقد أشار الباحثون إلى أن مكوّنات برامج تعديل السلوك تشتمل على المراقبة الذاتية وضبط الحوافز ومكافأة السلوك الملائم وتغيير معايير السلوك المؤدّي إلى السمنة.
- الحفاظ على التغيير الإيجابي الذي يتحقّق عبر طلب الدعم من الأشخاص المقرّبين كأفراد العائلة والأصدقاء.
- البدء بالالتزام: يؤكّد مستشارو «مايو كلينيك» النفسيون أن الضغط الخارجي المتزايد والصادر عن الأشخاص المقرّبين كالعائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل يأتي في كثير من الأحيان بنتائج عكسية تزيد الأمور تعقيداً. فقد أشارت الاستطلاعات إلى أن محاولة التخلّص من الوزن الزائد لإرضاء شخص معيّن كالزوج أو الأب أو الأم لا تؤتي بثمارها سوى في حالات نادرة. ومن هذا المنطلق، ينصح الخبراء بأهمية الشروع في اتّباع النظم الغذائية السليمة بدافع إرضاء الذات، مع تحسين الصحة وإنقاص الوزن. كما يجب التحلّي بالواقعية وعدم استعجال نتائج إنقاص الوزن، فالتخلّص الصحي من الوزن الزائد يجب أن يكون بطيئاً ومطرداً. لذا، يفضّل أن تجعلي هدفك هو التخلّص من 0.5 إلى كيلوغرام في الأسبوع.
- تحديد الأهداف: ينصح الباحثون بتحويل الهدف من وراء حميتك الغذائية من أمر يقوم على النتائج كإنقاص 20 كيلوغراماً من وزنك دفعة واحدة في فترة زمنيّة، إلى ما يقوم على الفعل أكثر منه على النتائج كتقليل كميّة الطعام أو تغيير نوعيّة الطعام المتناول أو ممارسة الرياضة بانتظام أو عدم تناول الطعام قبل النوم مباشرة أو أثناء مشاهدة التلفاز أو تناول الوجبات السريعة في الخارج. ويعدّ تغيير الفعل هو أساس التخلّص من الوزن الزائد، لذا يجب أن تكون الأهداف محدّدة بوقت معيّن وقابلة للقياس كل فترة زمنيّة محدّدة لضمان تعديلها بما يتوافق مع النتائج المحقّقة. كما يجب وضع خطة صغيرة لبدء رحلة إنقاص الوزن الطويلة.
اقتراحات سريعة
- استبدلي رغبة تناول الطعام بعمل إيجابي تقومين به كالاتصال بصديقتك أو القيام بنزهة مع العائلة أو مشاركة أطفالكِ أنشطتهم الخاصة.
- دوامي على استعمال كلمة "لا" في مواجهة الأطعمة غير الصحية أو أمام رغبتك في تناول الحصص الكبيرة من الطعام، وفي المقابل ابدئي في قول "نعم" لكل ما هو صحي كتناول الأطعمة الصحية أو الانتظام في ممارسة الرياضة.
- احرصي على تناول الطعام فقط عند الشعور بالجوع وليس حينما تشير الساعة إلى موعد تناول الطعام.
- حددي المواقع الملائمة والوقت المناسب لتناول الطعام في المنزل أو العمل (المطبخ وغرفة الطعام وكافتيريا العمل)، مع الالتزام بتناول الطعام فيها حصراً.
- تجنبي مشاهدة التلفزيون أو التحدث في الهاتف أو قراءة الصحف أثناء تناول الطعام، مع التركيز على تناول كميات محددة منه ومضغه جيداً.
- احفظي الأطعمة غير القابلة للتلف في خزانة المطبخ، ما يجعلها بعيدة قدر الامكان عن مرأى بصرك إذ أن النظر إلى عبوات الطعام يثير الشهية تجاه تناول المزيد منه بدون الشعور بالجوع.
- تجنبي جلب الأطعمة غير الصحية والغنية بالسعرات الحرارية إلى المنزل.