حذّر خبراء من "هيئة الغذاء والدواء الأميركية" FDA من سلبيّات الإفراط في طهي بعض الأطعمة (اللحوم والخضر والأسماك)، لتأثير هذا التدبير مباشرةً على تقليص قيمتها الغذائية. كما أثبتت دراسة علمية صادرة عن "هيئة الطعام والتغذية" Food and Nutrition Board (FNB) أنّه ينتج عن طهي الطعام حتى بلوغ الاحمرار أو الاحتراق حدوث بعض التغييرات الكيميائية الضارّة في تركيب المغذّيات التي يحتويها وفقد عناصر أساسية منه كالفيتامينات والمعادن، ما قد يحوّلها إلى مواد مسرطنة تؤدّي بمن يكثر في تناولها إلى الإصابة بخطر السرطان على المدى الطويل! وقد عزا الخبراء الأمر إلى تكوّن مواد هيدروكربونية متعدّدة أو تحوّل بعض الأحماض الأمينية التي تحتوي عليها اللحوم الحمراء خصوصاً إلى كيماويات مسرطنة.
"سيدتي" اطّلعت من اختصاصية التغذية العلاجية ورئيسة قسم التغذية في مستشفى الملك سعود نوال البركاتي على تأثير الطهي على القيم الغذائية لأكثر أنواع الطعام استعمالاً في اللوائح اليوميّة.
ثمة فوائد عدّة للطهي الصحي، أبرزها:
- إضافة طعم شهي ومنظر رائع ورائحة زكية للطعام، ما يساعد على إفراز العصارات الهضمية التي تسهّل هضم وامتصاص الغذاء.
- التخلّص من جراثيم وطفيليات الطعام والتي تمثّل خطورة على صحّة وكفاءة جهاز المناعة في مقاومة الأمراض.
- المساعدة على الاحتفاظ بالأطعمة لمدّة أطول.
- الحفاظ على عناصر الطعام المغذّية وعلى محتواه من الفيتامينات والأملاح المعدنية.
- إمداد الجسم بمضادات الأكسدة التي تعزّز مناعته في مقاومة الأمراض الفيروسية وتقضي على الشوادر الحرّة الناتجة عن عمليات التمثيل الغذائي.
تأثير الطهي على الأطعمة
ممّا لا شك فيه أن إعداد الأطعمة وطهيها يؤثّر مباشرة على قيمتها الغذائية، فقد يكون سبباً في فقد بعض عناصرها الغذائية أو قد ينتج ارتفاعاً في قيمتها الغذائية. وفي هذا الإطار، يعدّد خبراء التغذية لائحة بالأطعمة الشائعة التي تتأثّر بالطهي:
1- اللحوم: يرى خبراء التغذية أنّه يجدر عدم طهي اللحوم لفترة أطول من اللازم، وذلك بهدف الحفاظ على أكبر كميّة من مواده المغذّية، كما تؤثّر طرق طهي اللحم على قيمته الغذائية، وفق الشكل التالي:
- الطبخ: يفقد اللحم أثناء طبخه بعضاً من الماء والدهن وقليلاً من البروتين والأملاح المعدنية والفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، ك "الثيامين" و"الريبوفلافين" و"النياسين".
- السلق: تكون الكميّة المفقودة من المواد الغذائية أثناء السلق ضئيلة، إذ تبقى العناصر المتسرّبة من اللحم المسلوق في السائل المقدّم معه.
- القلي: تمتصّ اللحوم مادة دهنية أثناء قليها في الزيت أو الزبدة، ما يرفع من قيمتها الحرارية ويزيد من نسبة الدهن بها.
- الشواء: يعتبر شيّ اللحم من أحسن طرق طهيه، فهو يحافظ على المواد الغذائية فيه.
كما قد تتوقّف مدّة طهي اللحم على عوامل عدّة، أبرزها:
- نوع اللحم: تشمل أنواع اللحم، البقرية والغنم والماعز أو الدجاج أو الأسماك.
- عمر المصدر: كلّما كبر الحيوان مصدر اللحم، قلّت ليونة أنسجته وتطلّب طهيه مدّة أطول.
- موضع اللحم: تكون أجزاء اللحم عند الرقبة والأرجل أقلّ ليونة لكثرة استعمالها أثناء الحركة، ما يجعلها تحتاج إلى مدة أطول في الطهي.
- كميّة الدهن: تتواجد كميّة قليلة من الدهن في الأنسجة تساعد على ليونتها، وبالتالي سرعة نضجها.
* نصيحة: يفضّل عدم تقطيع اللحوم وتركها في الماء قبل طهيها بسبب تسرّب بعض العناصر الغذائية منها إلى ماء النقع الذي لا يستعمل في الطهي، ما يقلّل من قيمتها الغذائية.
2- الخضر: تشكّل الخضر المصدر الرئيس للفيتامينات والعناصر المعدنية، وقد تفقد حين تطهى بطريقة غير سليمة عدداً من عناصرها الغذائية (الفيتامينات والمواد المعدنية القابلة للذوبان في الماء).وفي هذا الإطار، يشير الباحثون إلى أن امتصاص الجسم لفيتامين "أ" A المتواجد في الأغذية النباتية يتمّ بصورة أفضل عند طهي الطعام، ولكن ليس عند إعادة طهيه. لذا، ينبغي عدم تكرار تسخين الطعام المطبوخ أكثر من مرّة، لأنه بذا يفقد العديد من عناصره الغذائية الهامة. وبناءً عليه، يحذّر الخبراء النساء العاملات اللاتي يقمن بطهو كميّات كبيرة من الطعام وتخزينها في الثلاجة، لتسخينها عند الحاجة إليها، من هذا التدبير.
- أخطاء شائعة: تبرز الأخطاء التالية عند طهو الخضر:
* إضافة الماء بكثرة عند الطهي، ما يؤدّي إلى انفصال العديد من المعادن والفيتامينات الطبيعية عن الخضر في الماء.
* عدم تغطية الوعاء أثناء الطهي، ما يؤدّي إلى تلف كميّة كبيرة من الفيتامينات الموجودة في الخضر بسبب تعرّضها للهواء.
* الاستغناء عن جزء كبير من الخضر عند تقشيرها قبل إعدادها للطهي، ما يقلّل من قيمة الفيتامينات والمعادن فيها.
* طهوها لفترة أكثر من اللازم، ما يؤثّر على مذاقها الطبيعي ويقلّص من قيمتها الغذائية.
* سكب مياه الخضر المسلوقة وعدم استخدامها في الطهي، ما يؤدّي إلى ضياع قيمة الأملاح والفيتامينات الناتجة، وخصوصاً فيتامينات ب B و"س" C. وفي هذا الإطار، يوصي الخبراء بإضافة ماء السلق عند الطهي أو إعداد الحساء، ما يعزّز مناعة الجسم في مقاومة الأمراض.
* عدم غسل الخضر جيداً خصوصاً عند إعداد السلطة، ما قد يكون وسيلة لنقل جراثيم الأمراض.
* التخلّص من الأوراق الخارجية للخضر الورقية (الخس والملفوف)، ما يفقدها جزءاً كبيراً من العناصر الغذائية، إذ تحتوي الأوراق الخارجية داكنة اللون على نسبة أعلى من "الكاروتين"، وهي غنيّة بالفيتامين "س" C بكميّات تتجاوز الأوراق الداخلية.
- خطوات مفيدة: يجدر اللجوء إلى الخطوات التالية لدى طهو الخضر:
* الامتناع عن نقعها في الماء قبل طهيها، ضماناً لعدم ضياع بعض المغذّيات التي تحتويها.
* إعداد الخضر وتجهيزها قبل الطهي أو الأكل مباشرة.
* التخفيف من تقليبها أثناء الطهي.
* الامتناع عن تقطيعها إلى قطع صغيرة عند إعداد السلطة، لأنّه بذا يتعرّض سطحها إلى الهواء فتزيد نسبة الفاقد من الفيتامينات القابلة للأكسدة كفيتامين "س" C.
* إضافة كميّة قليلة من الخل وعصير الليمون الحامض إلى السلطات للمساعدة على احتفاظها بكميّة أكبر من الفيتامينات.
* سلق أو طهي الخضر في كميّة قليلة من الماء أو على البخار للحفاظ على المغذّيات التي تحتويها.
3- الأسماك: تتكوّن الأسماك من أنسجة ليّنة تحتوي على كميّة كبيرة من الماء، ما يجعلها لا تستغرق وقتاً طويلاً في الطهي، كما تحتوي على عدد من الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، ك "الثيامين" و"الريبوفلافين" و"النياسين"، وجميعها تنتمي إلى الفيتامينات "ب" B التي تفقد أثناء الطهي، فيما لا تتأثّر الفيتامينات الأخرى كالفيتاميني "أ" Aو"د" D بعملية الطهي.
4- البيض: بصورة عامة، تتأثّر القيمة الغذائية للبيض بالطهي تأثّراً طفيفاً لناحية فقد جزء من "الثيامين" والمعروف بفيتامين "ب 1" B1. وإذ لا يفقد البيض عند سلقه شيئاً من قيمته الغذائية، يمتصّ بالمقابل عند القلي مادة دهنية زائدة ترفع من قيمته الحرارية. ويحتاج البيض في طهيه إلى وقت قصير وإلى درجة حرارة منخفضة، إذ تؤدّي الحرارة المرتفعة أو طول مدّة الطهي إلى جعل زلال البيض عسير الهضم.
5- الحليب: لغلي الحليب أو بسترته تأثير طفيف على قيمته الغذائية، إذ لا يُفقد منه سوى جزء بسيط من فيتامين "س" C. ولكن، يفضّل غليه قبل تناوله للقضاء على الميكروبات الضارّة فيه، علماً أن هذه الطريقة تؤدّي إلى ترسّب كميّة قليلة من الكالسيوم به.
6- الدهون: تستخدم الدهون (الزبدة والسمن والزيت) في طهي الأنواع المختلفة من الطعام، علماً أن قيمتها الغذائية لا تتأثّر كثيراً بعملية الطهي، بل هي تضيف قيمة حرارية للطعام. لذا، يجب مراعاة درجة الحرارة عند استعمال المواد الدهنية في إعداد الطعام، إذ أن الحرارة المرتفعة تؤدّي إلى سرعة تحمير الطعام بدون إتمام نضجه، بينما تؤدّي الحرارة المنخفضة إلى طول مدّة الطهي ما يزيد امتصاص الطعام للدهون، وبالتالي زيادة سعراته الحرارية.
نصائح لطهي مثالي
1- اختاري الأنواع الجيدة من الخضر كي لا تضطرّي إلى التخلّص من الأجزاء الفاسدة فيها عند إعدادها للطهي، ما يفقدها العديد من الفيتامينات والمعادن الهامة ويجعلها عرضة للجراثيم والميكروبات الضارّة.
2- اعتني بطريقة طهيك للطعام، إذ أن الطهي الرديء يفسده العديد من عناصره الغذائية، إلى جانب تأثيره السلبي على طعم الغذاء ودرجة نضجه ونسبة السائل والملح فيه. وفي هذا الإطار، يُنصح باتّباع طريقة الطهي على البخار لكونها سريعة وصحيّة، كما تحافظ على نسبة عالية من المغذّيات الهامّة.
3- ينبغي عدم حفظ الخضر المسلوقة لفترة طويلة، إذ يؤدّي ذلك إلى تغيّر لون بعض منها (البطاطا مثالاً)، أو فقدانه كميّة كبيرة من عناصره الغذائية.