سواء انتابك إحساس بالجمال خلال نافذة البصر أو السمع أو الشم أو التفكير، أو أي نافذة أخرى، يبقى الإحساس بالجمال هو القاسم المشترك بين كل مباهج الروح، فالجسد يتغذى، سواء أعجبه ما تقدمينه له من قوت أم لم يعجبه، ولكن الروح لا تتغذى إلا بما تستمتع به، ولا تتغذى إلا على ما تستشعر جماله، واستشعار الشيء يعني أن تكوني حاضرة في اللحظة، محاولة الاندماج مع المعنى لينفذ إلى الروح، وكثيرة هي المعاني التي تحمل روح الجمال، ولأن طبيعة الروح سامية طاهرة، فهي تحب من المعاني أنقاها وأرفعها وأعذبها.
لحظات عديدة يمكنك خلالها إعادة اكتشاف روحك الجميلة وتذوق أجمل المعاني، ترشدنا إليها الباحثة في العلوم الإنسانية ومدربة المهارات الذاتية «شيماء فؤاد» في السطور التالية:
- تلك اللحظة التي تضعين فيها صدقة في يد محتاج، ففي هذه اللحظة المتناهية الصغر تتدفق أرواح معانٍ كثيرة إلى داخلنا، حيث يتملكنا شعور بكرم الله علينا الذي جعلنا أفضل حالاً، وتغمرنا مشاعر العطاء السمحة، وننتظر بثقة كرم الله الذي سيتضاعف علينا كما وعدنا، بعدها نخطو خطوتين في طريقنا ثم نتنهَّد، فهناك سلام فائض في الروح.
(روح الوفرة)، (روح الامتنان)، (روح العطاء)، (روح الثقة في الله).
- تلك اللحظة التي تجدين نفسك قد بدأت تتمايلين منذ ثوان على إيقاع لحن طربت له الروح وانسجمت معه، قرآن مجوَّد أو معزوفة عُزفت بحُب، بعض الألحان تعلو بروحك وكأنها قادمة من السماء، ترفعك معها إلى حيث أتت، ثم تتركك محلّقة مع تنهيدة، فهناك شبع ماثل في أثير الروح.
(كلام الله الذي لا يعلو على حلاوته وطلاوته)، (بعض الموسيقى)، (جمال الصوت).
- تلك اللحظة التي يستغرقك فيها منظر جميل ويخطف نظرك ويأسر قلبك، وتشعرين فيها أن روحك قد انطلقت تطوف فيه وترشف رحيق كل جماله، وعندما تسكر تنساب منها تنهيدة ممزوجة بتسبيحة، سُبحان الله، هناك روح مُسكرة بالجمال.
(المنظر البديع).
- تلك اللحظة التي تشعرين فيها بأنك تمسكين زمام نفسك، قادرة على السيطرة عليها وتوجيهها والانتصار على نزعاتها، هذا الشعور بالفوقية على النفس يمدّ روحنا بجرعة قوة كبيرة، تقنعك تمام الاقتناع بأنك تستطيعين فعل كل شيء وأي شيء، فهناك روح تحركها الثقة والحماس.
(الحماس).
- تلك اللحظة التي تشعرين فيها بأن هناك نقطة نور أضاءت في قلبك، تصطحب معها معنى وفهماً جديداً إذا تدبرته ظلّ معك، وإذا تجاهلته انطفأ منك، تلك الفيوض الربانية التي يفتح الله بها على عباده فيعلمهم ويفهمهم، تتركهم فرحين كأنهم عثروا على كنز جديد، هناك روح تعيش لحظة شفافية، وهناك روح تنفست الإلهام.
(الإلهام)، (التأمل الذهني – التدبر).
- تلك اللحظة التي يغمرك فيها الشعور بالحرية أنك تعيشين نفسك مؤمنة بها، محبة لها، آنسة بصداقتها، مستمتعة معها، لا تأبهين لما يتحدث به الناس عنك وعن طريقتك في الحياة، هذا الشعور الغني بالحرية الذي يطفو بروحنا بعد أن يحلّ عنها القيود التي تجذبها إلى القاع، يدفعنا إلى أن نتنهد إبداعات، فهناك روح منطلقة يعجبها شعور الخفة.
(إنك تعيشين نفسك)، (الإبداع)، (إحساس الحرية النفسية).
- تلك اللحظة التي تشعرين فيها بالمعية الإلهية، تلك اللحظة الممتلئة بالحب والخشوع والأنس، تلك اللحظة التي تشعرين فيها بأن روحك نفذت في السماوات السبع، ثم سجدت بكل طواعية وتحدثت حديثها الخاص بلا حروف ولا كلمات، وارتشفت من القرب لذات ولذات، هذه اللحظة نعيشها بتنهدات دامعة، دموع تمثل حباً فائضاً وإحساساً بالشوق ورجاء بالرضا، فهناك روح تسبح في جنتها الخاصة.
(شعور الطاعات وما بعد الطاعات)، (المناجاة)، (الشعور برضا الله).
- تلك اللحظة التي تضعين فيها رأسك على وسادتك، وأنت تشعرين بأنك أتممت واجبك وقمت بما عليك، ورغم الجسد الذي أُجهد، هناك روح تتنفس الرضا وتشعر بالخفة.
(إتمام الواجب)، (شعور الإنجاز)، (الرضا عن النفس).
- تلك اللحظة التي تشعرين فيها بأريحية وتصالح غير محدود معك يتسع؛ ليضم زلات الآخرين وأخطاءهم، تلك اللحظة التي تشعرين فيها بأن لا شيء يستحق الحزن، فتلقي عن روحك ما أثقلها فترتفع وترتفع، وكلما ارتفعت شغلتك روحك بالمعالي.
(التسامح)
- تلك اللحظة التي تطلقين فيها روحك إلى عالم مستقل من الخيال، لا يحكمه أي نوع من قوانين الزمان والمكان والواقعية، اللحظة التي يمكنك فيها أن تتحولي إلى بحيرة صافية الزرقة، ينساب فيها الماء ببطء، أو جنة خضراء تداعبها تيارات النسيم، أو إلى سحابة بيضاء طافية، أو وردة تهتز في محيط من الشذى، أو أشعة شمس دافئة، هذا العالم نحلق فيه بأجنحة الروح، ونعود أكثر توازناً.
(التأمل بالخيال)، (الخيال المحبب).