يعتقد باحثون في معهد التغذية في "جامعة روتجرز" بـ "نيوجيرسي" في الولايات المتحدة الأميركية أن البدانة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأسلوب تناول الطعام، فكلّما ازداد تناول الطعام خارج المنزل ازدادت نسبة الإصابة بالسمنة. وفي هذا الإطار، تبيّن دراسة حديثة صادرة عن "مؤسسة الصحة العامة الأميركية" (American Public Health Association (APHA أن السبب الكامن خلف ارتفاع نسبة البدانة بين الأميركيين إلى 42% يعزى إلى تناولهم الطعام خارج المنزل بمتوسّط مرّات أربع أسبوعياً. كما تبيّن دراسة حديثة صادرة عن "جامعة ممفيس" بـ "تينسي" في الولايات المتحدة الأميركية تناولت 129 سيّدة يتناولن الطعام خارج المنزل بمعدّل مرّات ستّ في الأسبوع أن كمّ السعرات الحرارية الزائدة اللاتي قمن بتناولها تتراوح بين 300 و500 سعرة حرارية في اليوم الواحد مقارنة بمن يتناولن الوجبات الرئيسة في المنزل.
مع حلول شهر رمضان ووفرة الدعوات لتناول الطعام خارج المنزل، "سيدتي" تطّلع من أستاذة التغذية العلاجية في "المركز الطبي الدولي" IMC سمية صالح عن الأسلوب الصحي لتناول الطعام خارج المنزل.
تسأل كثيرات عن كيفية تناول الطعام خارج المنزل بدون الإخلال بهدف إنقاص الوزن، ويؤكّد خبراء التغذية، في إجاباتهم عن هذا السؤال، وجود صعوبة بالغة في تقدير كميّة السعرات الحرارية والدهون للصنوف المختلفة التي تمتلئ بها لوائح الطعام في المطاعم. لذا، يقترح الباحثون في "مركز التحكّم والوقاية من الأمراض في أميركا" مجموعة من الاستراتيجيات الخاصّة التي تعدّ بمثابة حيل صغيرة للحصول على وجبة صحية ولذيذة خارج المنزل:
1- إفساد الشهية يقترح الخبراء في "المركز الأميركي للتغذية" American Nutrition Association ببدء وجبة الإفطار بكأس من الماء (300 ملليلتر)، ثم الانتظار لدقائق عشر قبل البدء بتناول الوجبة، ما يحقّق امتلاء المعدة التي تقوم بإرسال إشارات عصبية للمخ ببدء الشعور بالشبع، ما يفسد الشهية ويقلّل من تناول الأطعمة الدسمة المحتوية في مكوناتها على نسب مرتفعة من الدهون والسعرات الحرارية الضارّة. وينصح باستهلال هذه الوجبة بطبق السلطة الخضراء، شريطة عدم إضافة أي نوع من الدهون إليها.
2- الخيارات الصحيّة: يؤكد الأطباء في "الجمعية الأميركية للسكري"American Diabetes Association على أهمية البحث عن الخيارات الصحية في لوائح الطعام وعدم التأثر بأسماء أو مكوّنات الأطعمة الدسمة بل التركيز على خواص الأطعمة نفسها لمعرفة ما إذا كانت صحية أو غنية بالدهون الضارة.
3- تغيير مكوّنات الوجبات: يشير بحث أعدّته "جمعية المطاعم الوطنية في أميركا"National Restaurant Association أن 96% من المطاعم الشهيرة على استعداد إلى تغيير طريقة إعدادها للطعام، تلبيةً لرغبة الزبائن. وبصورة عامّة، تعدّ الوجبات المسلوقة أو المشوية أو المطهوّة على البخار هي الأفضل صحياً، إلا أن ذلك وحده لا يكفي لمعرفة مكوّنات هذه الوجبة، حيث يقوم بعض المطاعم بإضافة الزبدة والدهون إليها كي يكون مذاقها شهياً. لذا، ينصح الخبراء بالتركيز على المكوّنات الغذائية بدلاً من الاهتمام بالقيمة الغذائية للوجبة حصراً، كما ينبغي عدم التردّد في سؤال النادل عن مكوّنات الوجبات المختارة. فعلى سبيل المثال، ينبغي عند طلب وجبة قليلة الدهون الإشارة إلى نوعية الدهون المراد الحد منها (المارجرين وزيت الذرة النباتي والمايونيز والكريما).
4- تقليل كمية الطعام: لا يعني الصيام تناول وجبة دسمة للغاية عند الإفطار، علماً أن غالبية المطاعم تقدّم ضعف كمية الطعام الواجب تناولها في وجبة الإفطار التي تحتوي عادةً على صنوف مختلفة من المقبلات والأطباق الجانبية والحلويات. ولذا، يقترح الخبراء في "معهد فن الطعام في الولايات المتحدة الأميركية"Culinary Institute of America ضرورة تحديد الكميّات الواجب تناولها حسب النظام الغذائي الصحي قبل الخروج من المنزل والذهاب إلى المطعم. كما يُفضّل أيضاً تقليل كمية الطعام قدر المستطاع، من خلال طلب نصف الكمية فقط من الوجبات ذات السعرات الحرارية المرتفعة، حتى لو تتطلّب هذا الالتزام دفع قيمة الوجبة بالكامل. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الطريقة توفّر مئات السعرات الحرارية للأشخاص المعتادين على تناول طعامهم خارج المنزل، إلى جانب أنها تشعرهم بمدى قدرتهم على ضبط شهيتهم والحفاظ على أوزانهم.
5- خفض كمية الدهون: يمكن خفض كمية الدهون عند تناول الطعام خارج المنزل من خلال مضاعفة كمية الأرز المسلوق أو الخضر المعدّة بطريقة "السوتيه" أو البطاطا المهروسة، مع اختيار نصف الكمية فقط من الطبق الرئيس. وتساعد هذه الطريقة على تناول الكمية عينها من الطعام بنصف كمية الدهون.
6- الحساء الساخن: ينصح خبراء التغذية بتناول الحساء الساخن في بداية وجبة الإفطار لفوائده الصحية في ملء المعدة وتحقيق سرعة الشعور بالشبع بأقل عدد من السعرات الحرارية، نظراً إلى انخفاض محتواه من أنواع الدهون المشبّعة كافّة. ويرى باحثون في "جامعة جونز هوبكنز" الأميركية أن من يستهلّون عشاءهم بتناول حساء الخضر أو حساء البندورة، تقلّ نسبة السعرات الحرارية التي يحصلون عليها في نهاية الوجبة بمعدّل 25% مقارنة بمن يبدؤون عشاءهم بتناول الجبن والمخبوزات. ويوصي خبراء التغذية بالتنويع في اختيار أطباق الحساء.
7- التركيز على الخضر: يشير خبراء في "المعهد الأميركي لبحوث السرطان"American Institute for Cancer Research أنه غالباً ما تقلّ كمية الفاكهة والخضر التي يتناولها البعض في المطاعم بنسبة 30% مقارنة بمن يعدّون ويتناولون وجباتهم الرئيسة في المنزل. وقد يعزى ذلك إلى افتقار لوائح وجبات المطاعم إلى صنوف الخضر الطازجة، وتركيزها على حلقات البصل أو البطاطا المقلية. وبالطبع، يجدر استبدال هذه الأخيرة بالسلطة الخضراء أو البروكولي المطهو على البخار. ولكن خيار السلطة يلفت إلى مشكلة التوابل التي تضاف إليها وتشتمل على 68 سعرة حرارية للمعلقة الواحدة ما يرفع من كمية الدهون والسعرات الحرارية فيها إلى أضعاف ثلاثة! ولتجنّب هذا الأمر، ينصح عند تناول الطعام خارج المنزل، بفصل تتبيلة السلطة في طبق جانبي للتحكّم في الكمية المتناولة منها.
8- أطعمة تضييع الوقت: ينصح الخبراء بضرورة اختيار صنوف الطعام التي تحتاج إلى وقت في تناولها، كالمأكولات البحرية (الاستاكوزا والسلطعون والمحار) أو الخرشوف المطهو على البخار. وفي هذا الإطار، تؤكّد دراسة أميركية صادرة حديثاً أنّه كلّما تنشغل أصابع اليد بتناول الوجبة في وقت أطول من المعتاد، من السهل تناول كمية أقل من الطعام.