كنت إلى عهد قريب من أنصار عمل المرأة، ومن المحبذين لخروجها لتكسب قوت يومها بكد عرقها، وما ذاك إلا لفضل العمل، وفضيلة التكسب..! كنت هكذا أرى، ولكنني مع صراع القوم فيما سمي بمعركة الكاشيرات، وغزوة التلاحم الجسدي، أحببت أن أدلو بدلوي -حلوة دلوي هذه- وكأنني في «صحراء قاحلة»، رغم أنه لم يطلب مني، لأعلن من هذا العمود الذي يشبه عمود الكهرباء -في الثبات والحكمة- أنني ضد عمل المرأة، وضد خروجها، وضد عملها بوصفها كاشيرة، أو بائعة ملابس، أو أي شيء آخر، وسبب هذا الرفض أنني استمعت إلى أغنية تعتبر هي الأشهر في الساحة العربية، للفنان المخضرم «محمد إسكندر»، ذلك المطرب الذي اخترع عملاً جديدًا للمرأة بأن تكون «رئيسة جمهورية قلبي»، تلك الرئاسة التي أتت عن طريق صناديق اقتراع الحب، وانتخابات المشاعر..! حسنًا.. لنسمع ماذا يقول «إسكندر» حين يرفض عمل المرأة قائلاً: «نحنا ما عنا بنات تتوظف بشهادتها عنا البنت بتدلل كل شي بيجي لخدمتها»، حسنًا لقد اتضح الأمر لكل ذي عينين، فالمرأة يجب أن تربض كالبقرة في بيتها وتدلل، كما تدلل أبقار هولندا والدنمارك، وكل شيء يأتي لخدمتها..! أما وظيفة المرأة البقرة فهي كما يحددها المطرب، الاشتغال على قلب الرجل، وتنمية عاطفته، واستثمار حنانه؛ لهذا يقول: «شغلك قلبي وعاطفتي وحناني مش رح تفضي لأي شي تاني بيكفي إنك رئيسة جمهورية قلبي» أما العمل كـ«كاشيرة» فهو يطالب حبيبته بأن تلغي الفكرة جملة وتفصيلاً، قائلاً لها: «شيلي الفكرة من بالك أحلالك ليش بتجيبي المشاكل لحالك»، ويوضح سبب رفضه لعملها معللاً ذلك بعشق الرجل، حيث يقول: «بكرا المدير بيعشق وبيتحرك إحساسو وطبيعي إني أنزل هّد الشركة ع راسو»، وفي النهاية يؤكد المطرب أن الدافع للوظيفة هو المال؛ لذلك يحرق المال ويضعه تحت قدمه وقدم حبيبته قائلاً: «شو هالوظيفة اللي بدا تفرق ما بيني وبينك يلعن بي المصاري بحرقها كرامة عينك»... أما الناعقون بحقوق المرأة، الداعون لإخراجها من خدرها، ومن عفتها وطهرها، «لتتلاحم مع أجساد الرجال»، فيرد عليهم المطرب «محمد إسكندر» قائلاً: «حقوق المرأة ع عيني وع راسي بس يا ريتك بتراعي إحساسي وجودك حدي بيقويني وهيدا شي أساسي».
حسنًا.. ماذا بقي..؟! بقي التصدي للمتشدقات بذريعة تحقيق الذات من النساء، اللاتي يطالبن بالعمل، فلم نسمع ببقرة خرجت للعمل لتحقيق ذاتها، وإنما حققت ذاتها بإنتاج الحليب، وتربية العجول، كما أن الدجاجة حققت ذاتها بإخراج البيض، ولم تطالب بالعمل كاشيرة، أو تتقدم لمجلس الديوك لقيادة سيارات مزارع الدواجن!