تبيّن دراسة صادرة حديثاً عن "مركز التحكّم والوقاية من الأمراض" في الولايات المتحدة الأميركية أن الهرمونات التي يفرزها الجسم، عند الشعور بالتوتر أو الضغط العصبي، تكسب المرء المزيد من الكيلوغرامات في الوزن. ويرجع الباحثون السبب إلى العوارض التي تصيب الجسم عند الشعور بالتوتر أو الخطر، والمتمثّلة في: ارتفاع ضغط الدم وانتقال الأوكسجين من الجزء العلوي من الجسم إلى الجزء السفلي منه، ما يحفّز الغدّتين الكظريتين (غدّتان صغيرتان تقعان فوق الكليتين وتتحكّمان في التوتر وتوازن السوائل في الجسم) على إفراز الأدرينالين والكورتيزول (هرموني التوتر) في مجرى الدم. وتزداد هذه الاستجابة الحيوية من مستويات الدهون والسكر وأنسولين الدم في الجسم، استعداداً لتلبية الاحتياجات الإضافيّة من الطاقة. وتجدر الإشارة إلى أن زيادة الوزن نتيجةً للتوتر لا ترتبط بتاتاً بزيادة تناول السعرات الحرارية أو انخفاض في النشاط البدني.
"سيدتي" تطلع من رئيس قسم الكيمياء الحيوية في كلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز بجدة الدكتور جلال أعظم جلال عن أنواع التوتر وأسبابه والخطّة السلوكية الهادفة إلى التخلّص من الآثار السلبية الناتجة عن التوتر على وزن الجسم.
ثمة نوعان من مسبّبات التوتر، هما:
- سيكولوجي: يرتبط بأحداث اجتماعية أو نفسية كضغوط العمل والعلاقات الاجتماعية والوضع المالي والاكتئاب والقلق وتدنّي تقدير الذات والظروف العائلية.
- جسدي: يشمل زيادة الوزن أو السمنة والأمراض المزمنة ومسبّبات الحساسية وارتفاع مستوى السميّة في الجسم الناتج عن عدم تناول الغذاء الصحي أو ممارسة الرياضة والإصابة بالعدوى المزمنة والتدخين.
6 خطوات
وللمكافحة، ينصح الباحثون باتّباع خطّة سلوكية مكوّنة من خطوات ستّ، هي:
1- تخفيف التوتر: يقترح الباحثون تسجيل لائحة بالأمور التي تصيب المرء بالتوتر، مع تقسيمها إلى سيكولوجية وجسدية، ما يساعد على التعرّف على أسباب التوتر، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة للتخفيف منها.
2- ممارسة الاسترخاء: ثمة سبل عدّة يتمّ عبرها تشجيع الجسم والعقل على الاسترخاء عند التعرّض لمواقف مثيرة للتوتر، أبرزها:
-
ممارسة رياضة اليوغا من مرّتين إلى مرّات ثلاث لمدّة 30 دقيقة أسبوعياً.
-
تخصيص مواعيد ثابتة ومحدّدة لفترات الاسترخاء لا يتعرّض المرء أثناءها للمقاطعة.
-
أخذ من 5 إلى 10 أنفاس عميقة من البطن، مع المواظبة على القيام بعمليتي الشهيق والزفير.
-
الانتظام على أخذ حمّامات الساونا والبخار، بمعدّل ثابت (مرة واحدة أسبوعياً على الأقل). وفي هذا الإطار، تتحدّث أبحاث عن تأثير هذه الحمّامات الفعّال في تخفيف استجابة التوتر وإحداث توازن في الجهاز العصبي المستقل، ما يحسّن من عمل الدورة الدموية وإنقاص الوزن وموازنة السكر في الدم وإزالة السموم من الجسم.
3- تناول الأطعمة المضادة للتوتر: تشمل الخضر الورقية والفاكهة والحبوب الكاملة والأطعمة المحتوية على "الأوميغا 3" كالأسماك وزيوت بذور الكتان. وثمة عناصر غذائية تلعب دوراً هاماً في مساعدة المستقبلات الحسيّة للهرمونات الإستيرويدية ك "الكورتيزول" على أداء وظيفتها على نحو صحيح. وتتضمّن هذه العناصر فيتاميني "بي 6" 6 B و"بي 12" 12B وحمض الفوليك. وقد توصّل الخبراء إلى أهمية هذه الفيتامينات في إزالة سميّة هرموني الأدرينالين والكوتيزول الزائدين في الجسم.
ومن جهة ثانية، تساعد مضادات الأكسدة المتواجدة أيضاً في الخضر والفاكهة على توفير وسائل حماية إضافية ضد تأثيرات التوتر في الجسم، إذ تفيد دراسات صادرة حديثاً عن "الجمعية الأميركية للصحة العامة" أن التعرّض باستمرار لمشاعر التوتر تسبّب زيادة عوامل التأكسد في الجسم. ولذا، يوصي الخبراء بتناول العناصر الغذائية المحتوية على مضادات الأكسدة كفيتامين "إي" E الذي تضمّه الخضر الورقية الداكنة (البقدونس مثالاً) أو الفاكهة والخضر الملوّنة (الفليفلة الصفراء والحمراء والفراولة والتوت) والفيتامين "سي" C المتوافر في الفاكهة الحمضية (البرتقال والليمون والليمون الهندي والجوافة والفراولة والبندورة)، بالإضافة إلى "حمض الليبيوبك" المتوافر في لحم الكبد والسبانخ.
4- الأعشاب في مواجهة التوتر: توصّل الباحثون في "هيئة الغذاء والدواء الأميركية" أن الأعشاب التالية هي الأفضل لمواجهة التوتر: "الجنسنج" و"الجنسنج السيبيري" و"الروديولا" و"الأشواجاندا" و"العرقسوس".
5- استخدام المكمّلات: ثبت أن بعض المكمّلات تساعد على إبطال تأثير مسبّبات التوتر الجسدية، لاحتوائها على بعض الفيتامينات الهامّة كفيتامينات "بي" المركّبة و"سي" C و"الماغنسيوم" والزنك.
6- الفحص المخبري: يساعد الخضوع إلى بعض الفحوص الطبيّة على معرفة مدى سلامة استجابة التوتر في الجسم، أبرزها:
-
مؤشر التوتر الكظري: يتضمّن فحوصاً أربعة منفصلة لاختبار "الكورتيزول"، وذلك في 4 أوقات مختلفة في اليوم، ما يساعد على معرفة ما إذا كانت استجابة التوتر تعمل بشكل طبيعي أو مفرطة النشاط.
-
اختبار الكورتيزول في البول: يقيس هذا الاختبار مستوى هرمون التوتر في البول على مدار اليوم. ويشير المستوى المرتفع من هذا الهرمون إلى الإصابة بمرض، فيما يشي المستوى المتوسط بوجود استجابة توتر مفرطة النشاط والتي تبيّن السبب الحقيقي في صعوبة إنقاص الوزن والحاجة إلى الاسترخاء.
-
اختبار عامل النمو الشبيه بالأنسولين: يقيس هذا الاختبار هرمون النمو والذي ينخفض كلّما ازداد التوتر أو هرمون الكورتيزول. وتجدر الإشارة إلى أن هرمون النمو هام لبناء العضلات والحفاظ على الشباب والقضاء على عوامل الشيخوخة.