للعنوسة أسباب كثيرة، وقد يكون الجانب الاقتصادي من أهمها، وإن كان موضوع العنوسة قد قتل بحثاً ولم يعد به جديد من مشاكل متأخرات الزواج وأسباب العنوسة وارتفاعها، إلا أن هناك فتيات ينتظرن العريس الثري رغم أنف العنوسة.
ولأن في هذا الموضوع حساسية عالية، فلن تستطيع «سيِّدتي» لقاء تلك الفتيات لعدم رغبتهن في الظهور اسماً أو صورة، وإنما استطاعت التحدث مع أقرب الناس لفتيات ينتظرن العريس بسيارته الفارهة وأمواله الطائلة.
• التنازل في كل شيء إلا المال
مرام الماجدي «25 عاماً» متزوجة شعرت بالخجل في الحديث عن ابنة عمها، ولكنها شاركت لاستغرابها من موقف ابنة عمها «ن»، حيث قالت: لا أرى أنها وجهة نظر، خاصة أن الأمر يتعلق بالركن المادي البحت، فقد تكون وجهة نظر إذا كان سبب رفضها للزواج من أي شخص عدم التوافق في التعليم أو عدم التوافق الاجتماعي، ولكن المنظور المادي البحت غير سليم إطلاقاً، فهي الآن عمرها «37 عاماً»، ورفضت العديد من المتقدمين للزواج بها؛ لأنها تنتظر الشخص الذي يملك مالاً كثيراً، فيوفر لها سيارة فارهة ومنزلاً بأثاث فاخر وتجول حول العالم معه أو من دونه.
• تفكيرها سبب في تحطيمي
كانت المحادثة الأصعب على الإطلاق والصادمة جداً مع «عبير. ف» التي لم ولن تقبل الظهور باسمها أو بشكلها لحساسية الموقف، فهي ستتحدث عن أختها، حيث قالت بحزن في صوتها وغصة في قلبها كما وصفت: عمري «26 عاماً»، تقدم لخطبتي عدد من الأشخاص، ورفضت أمي ووالدي زواجي قبل أن تتزوج شقيقتي التي تكبرني بأربعة أعوام، فهي في الثلاثين من عمرها، وتقدم لخطبتها العديدون، وكانت ترفض كافة الزيجات لسبب تافه، وهو انتظارها للعريس الذي سيقدم لها العروض المغرية، فهي تريد أن تتزوج رجل أعمال ناجحاً أو أي رجل يمتلك الملايين حتى يؤمن لها حياة الرفاهية، ومنظورها في هذا أن الرجال جميعهم خائنون، فلماذا تتزوج رجلاً وضعه المادي عادي ويخونها وهي بإمكانها الزواج من رجل غني حتى إن كان خائناً.
• وفقاً لرصيده في البنك
أما ردينة المازن «29 عاماً» متزوجة لم تخشَ الحديث عن صديقة عمرها، والتي وصفت سلوكها بالشاذ، حيث قالت: حاولت كثيراً أن أغيّر مفاهيم صديقة عمري التي أصبح تفكيرها مؤخراً تفكيراً مادياً، فأصبح كل شيء حولها بالحسابات والأرقام حتى زواجها، فقد عطلت نفسها كثيراً حتى حصلت على لقب عانس لانتظارها العريس الثري الذي سيدفع وزنها ذهباً، وكأنها مادة قابلة للبيع والشراء ناسية البحث عن السلوك أولاً، ولا مانع لديها من أن تتزوج من شخص غير متحمل للمسؤولية أو شخص مريض أو مدمن، ولكن يملك ملايين تعوضها الحرمان المادي الذي عاشته بعد وفاة والدها.
• المال شيء عيني
عبدالرحمن الجديعي «31 عاماً» مصور، سلط الضوء على منظوره الشخصي، حيث قال: تعلمنا في حياتنا أن ما يميز الشخص هو دينه أولاً وحسن تعامله ثانياً، وما يأتي بعد ذلك أشياء عينية يمكن الاستغناء عنها في حال توافر أول نقطتين، ومن الخطأ أن الفتاة ترسم في مخيلتها شخصاً معيناً يملك أشياء عينية هي تبحث عنها، وكلنا نبحث عن هذه الأشياء من الطرفين، لكن نادرون من يملكون ديناً وقلباً طيباً.
وأضاف: المال والجاه أبداً لم يصبحا يوماً من الأيام عائقاً للرجل، ونحن، ولله الحمد، ديننا الحنيف يتميز بسماحته وبساطته وقيمه، والرجل العابد لربه وبار بوالديه ومكمل لحقوق زوجته وبيته يصنف من الرجال النادرين في مجتمعنا حالياً.
• للأهل يد في ذلك
مؤيد الحلواني طالب في الكلية التقنية في جدة «20 عاماً» اندهش لفكر هؤلاء الفتيات قائلاً: أرى أن نظرة الفتاة المادية لمن أراد الزواج منها هي نظرة غير مستقيمة لعلها تعود في بعض الأوقات إلى تربية الأهل لها كقولهم لها: «عندما تتزوجين سافري»، «عندما تتزوجين افعلي كذا»، ما ترك انطباعاً لدى الفتاة أن الزوج يجب أن يكون ثرياً.
أما بالنسبة للرجل الثري، فأرى أنه سيتزوج فتاة أقل منه ثراء ولو بشيء بسيط؛ لأن آخر ما قد يريده الزوج أن تحتقر زوجته العيشة معه بحكم أن أهلها كانوا أكثر ثراءً منه، وأنصح الفتيات بأن يعدن النظر في مفهوم الزواج لديهن، وأن الزواج ليس مجرد مصلحة أو «تحقيق أحلام»، الزواج يكمل كل طرف الآخر لبناء أسرة ناجحة وسعيدة في المستقبل.
• طمع وجشع
خالد مكي «30 عاماً»، مهندس اشمأز كثيراً واندفع قائلاً: الفتيات اللواتي يختزلن باقي صفات الرجل في حجم ماله هن حقاً مثيرات للشفقة والاشمئزاز، فالمال ليس بمقياس إطلاقاً، وقد يحقق طلبات وأمنيات وأحلاماً، لكنه لا يجلب السعادة.
• رؤية المجتمع
شرح دكتور فياض العجمي الأخصائي الاجتماعي هذا التفكير قائلاً: تمثل العنوسة مشكلة كبيرة تعاني منها الكثير من المجتمعات، وانتظار الفتيات فارس الأحلام الثري، وأن يكون كامل المواصفات، ورفض المتقدمين لهن أحد أهم أسباب العنوسة في وقتنا الحالي، كذلك لا ننسى أن الأسرة لها دور فعال في نجاح زواج بناتها من خلال التخفيف من غلاء المهور وتكاليف الزواج.
كما أن هناك نقطة لابد وأن تتفهمها الفتيات اللواتي يبحثن عن المال فقط، وهي أن المال ذاهب وفانٍ، أما الثوابت التي لا تتغير فهي الصفات وجوهر ومعدن الرجل.