هلّ علينا شهر رمضان المبارك بالخير والكرم والعطاء، وها هي روائحه تعطر بيوتنا وتنير قلوبنا، ومن المتعارف عليه أننا في ذلك الشهر الكريم نمتنع عن الطعام والشراب بدءاً من أذان الفجر حتى يرفع أذان المغرب، ولكن هل تصوم السيدات عن النميمة والحديث عن الغير؟
قد نقيم الصلاة في وقتها ونقرأ القرآن ونتدبره، ولكن الصوم حقاً هو أن نصوم عن الأذى في القول والفعل، وأرادت "سيِّدتي" أن تعرف رأي السيدات تحديداً في بعضهن البعض، هل حقاً السيدات يصمن عن الغيبة والنميمة بدخول الشهر الكريم؟
هدير فيصل "25 عاماً- مصممة أفراح" وضعت لمسات خاصة على مشاركتها، فقالت: للأسف عادة كل السيدات بمختلف أعمارهنّ وجنسياتهنّ الحديث عن بعضهن البعض في المجالس النسائية، ولا تستطيع المرأة أن تصوم عن ذكر سيرة الآخرين إلا إذا جلست بمفردها، وحتى الآن ومع تطور التكنولوجيا أصبحت المرأة التي لا يعجبها موقفاً معيناً تكتبه على مواقع التواصل الاجتماعي في تعليق أو تغريدة، لذلك أحاول أن لا أتواجد مع سيدات في فترة الصيام؛ لأنني إذا لم أشاركهن في الحديث، وسآخذ ذنب عدم الرد، وبالنسبة لأغلب الأحاديث التي يتكلمن عنها فهي: " هذه أجرت عملية تجميل قبل رمضان"، أو عن السمنة والنحافة فيقلن: "كيف نزل وزنها؟ من المؤكد أنها أجرت عملية وتخبرنا بأنه طبيعي"، وأغلبها تدور حول المظهر الخارجي أو أسلوب التعامل.
أما ايا الغفري "21 عاماً" فقد اشتركت وهي معجبة كثيراً بفكرة الموضوع، وقالت: إن من شب على شيء شاب عليه، يعني أن العادات تعتبر من أقوى الموروثات التي يصعب تغييرها، فالسيدات اللواتي يتعودن على النميمة وذكر الناس في غيابهن والحديث عن مساوئهن صعب بين ليلة وضحاها أن يتغيرن ويمسكن ألسنتهن طوال شهر رمضان، وقد تتواجد النية أحياناً، ولكن سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها، والسيدات في رمضان تكثر أحاديثهن وقت العزائم ووقت الذهاب لصلاة التراويح، فتجد السيدة بين الصلوات تتحدث مع من تجاورها حتى يعود الشيخ مجدداً بالتكبير والإعلان عن الصلاة.
فيما كان لمنى الزهراني "27 عاماً" رأياً مختلفاً قليلاً، حيث قالت عن يقين: إن السيدات بطبعهنّ لديهن داء النميمة والحديث عن الآخرين، ولكن تحاول بعض السيدات أن يغيرن من هذا الطبع والسلوك المشين في شهر رمضان الكريم حتى تتقبل أعمالهن، فالسيدات في نهار رمضان إذا تجمعن في العمل مثلاً، وبدأت إحداهنّ بالحديث عن أخريات، قد نجد سيدات صائمات يعصمن ألسنتهن بجملة "اللهم إننا صائمون"، أما أغلب أحاديث النساء في شهر رمضان فتكون عن وليمة أخريات أو الحديث عن أبناء الصديقات وعن تربية هذه أو نجاح هذا في دراسته أو فشله.
ودلال الغفري "25 عاماً" رحبت كثيراً باشتراكها معنا، وقالت: للأسف في أغلب مجالس النساء، وخصوصاً في رمضان، تكثر النميمة، وهنّ يعتقدن أن ذنوبهنّ تذهب عندما يختمن النميمة بمقولة "اللهم إني صائم"، وأكثر الأشياء التي يتحدثن فيها: "فلانة أحضرت طبخة صغيرة إنها بخيلة"، "وإذا أحضرت طبخة كبيرة يقلن: "أحضرت طبخة كبيرة تتفاخر علينا"، وإذا المرأة ارتدت شيئاً مرتباً وجميلاً يقلن: "لبست لتظهر لنا أنها تملك الكثير من النقود"، وإذا ارتدت شيئاً عادياً يتحدثن عليها قائلات: "لا يوجد معها نقود وزوجها بخيل"، النميمة كالمرض، فتجد اثنتين تتحدثان عن واحدة لمدة عشر دقائق، وبعد ذلك ينم عليها خمسة، لذا يجب أن نغلق أذننا على الأقل حتى ينتهي رمضان .
فيما قالت إيمان كامل "أخصائية التربية السلوكية": إن النميمة عادة سيئة نزرعها في أجيالنا عندما نتحدث أمامهم ونقارن بينهم وبين أبناء أخريات في التربية أو التحصيل الدراسي أو عندما نذهب إلى عزائم أو حفلات، ونبدأ بتزيين بناتنا من صغرهن حتى يظهرن أجمل من بنات تلك وهذه، بالإضافة إلى أن أبناءنا أغلب الوقت معنا، والنميمة عادة وظاهرة اجتماعية سيئة، فلا يخلو مجلس أو جروب "واتس أب" لسيدات من الحديث عن بعضهن البعض، فينتقدن فعلاً معيناً أو مظهراً وأسلوباً، ولا يوجد علاج لتلك العادة إلا أن تردع السيدة نفسها وتحصن لسانها وتمنع أذنها عن السماع.