يحرص المغاربة مع حلول عيد الأضحى أو «العيد الكبير» كما يسمونه، على ممارسة طقوس وعادات اجتماعية، كما تلقى تجارة التوابل رواجاً كبيراً، حيث تحرص الأسر المغربية على اقتناء مختلف صنوفها لاستخدامها في تحضير وجبات خاصة مثل «المروزية» والتقلية «طهي أحشاء الخروف» وتجفيف اللحم تحت أشعة الشمس «القديد»، فضلاً عن أكلات أخرى تختلف من منطقة إلى أخرى.
تحكي الحاجة خديجة لموقع سيدتي نت، أنه كلما اقترب عيد الأضحى المبارك تعمل على إحياء طقوسها الخاصة للاحتفال به، على اعتبار أنه المناسبة التي يجتمع فيها شمل العائلة، ويعود الأبناء المستقلون بزيجاتهم من مدن أخرى؛ لقضاء أيام العيد مع الوالدين، رفقة الزوجات والشقيقات والأولاد.
ولذلك فما إن تقترب هذه المناسبة حتى تستعيد الحاجة حيويتها، وتنسى آلام المفاصل والركبتين، وضيق التنفس وثقل السنين (73 سنة)، وتبدأ في الإعداد والتحضير لشراء التوابل وتنقيتها وإعدادها، بالإضافة إلى اقتناء المكونات التي تستعمل في تحضير الحلويات و(الشهيوات) التي يتم إعدادها بهذه المناسبة، والتي دأبت الحاجة على تحضيرها كل سنة لتقديمها لأولادها وأحفادها عند قدومهم، وكذا لأفراد العائلة الذين يزورونهم بهذه المناسبة.
وتقول فاطمة، وهي سيدة في العقد الرابع من العمر، لسيدتي نت: إنه لا يمكنها الاستغناء عن التوابل المغربية لا في رمضان ولا في غيره؛ لأنها تجعل الأطباق التي أُحضرها شهية، وتضيف: «هناك محلات في سوق المدينة متخصصة في بيع التوابل المغربية، وكل ربات البيوت يقصدنها لاقتناء ما يلزمهن».
توافق مريم الراجي وهي تؤكد ما قالته فاطمة: «لا يمكن أن أتخيل الطعام الذي أحضره بدون توابل مغربية، من رأس حانوت (خليط من التوابل)، وكمون وغيرها، فزوجي وأولادي اعتادوا على الأكلات الشهية التي أعدها، والفضل يعود إلى التوابل المغربية» بما فيها (الكمون، الزنجبيل، فلفل أسود، حبوب كزبرة، القرفة وغيرها)، ونظراً للطابع الخاص الذي يميز بلدان المغرب العربي وخاصة المغرب -لعلاقته التاريخية بتجارة القوافل، ولكونه موطناً لعدد من الأعشاب- في العادات والتقاليد الغذائية عن نظيراتها في الشرق العربي، فإن استخدام هذه التوابل وطرق مزجها كان ذا خصوصية جعلت من بعض أطباق المغرب العربي الشهيرة كـ«الكُسكس» و«الطاجين»، و«الرَفيسة» لا يستقيم تحضيرها دون استدعاء خلطات خاصة من التوابل تمزج بمقدار، وتضفي على الطبق نكهة خاصة، وهو ما حرص المغاربة على الحفاظ عليه منذ قرون، بل ويعدونه مكوناً تراثياً يعبر عن جزء من هوية بلاد المغرب وتاريخه.