كان مهيباً تشييع الفنان ملحم بركات... هو ليس أي فنان بل هو "الموسيقار" الذي رحل عنا... فكان كبيراً في مماته كما في حياته.
ولأنه "أبو مجد" العبقري في غنائه كما في ألحانه، فلقد طغى وهج وفاته وتشييعه على أي وهج أي شخصية أخرى عند اللبنانيين الذي يتحضرون غداً لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ملحم بركات، شكل الحدث الأبرز طوال الأيام الثلاثة الماضية، على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، كما في نشرات الأخبار وأحاديث الناس، لأنه كان نجماً ليس في فنه فقط، بل في شخصيته الإستثنائية.
الكل لم يصدق أن أبو مجد مات.... والكل لا يزال يعيش صدمة رحيل "الموسيقار" الذي خطفه الموت على غفلة منهم.
رحيل ملحم بركات كان قاسياً جداً ليس على عائلته فقط، بل على كل اللبنانيين والعرب، وعلى الوسطين الفني والإعلامي... فالكل نعاه والكل تابع اليوم، لحظة بلحظة، تفاصيل تشييعه إنطلاقاً من مستشفى "اوتيل ديو" التي لم يغادرها منذ 4 أيول الماضي، وصولاً إلى مثواه الاخير في بلدته كفرشيما التي إحتضنت جثمانه إلى الأبد.
هو كان يتمنى أن يتم تشييعه كما يشيّع الكبار عادة....ولانه كان كبيراً، كان له ما تمنى. وإستطاع ملحم بركات في مماته، تحويل الانظار إليه، تماماً كما كان يفعل في حياته، من خلال تصريحاته ومقابلاته التي كانت تعكس آرائه ومواقفه السياسية والفنية النارية والمثيرة للجدل.
وكما كان مقرراً، وصل عند الساعة العاشرة صباحاً، جثمان الموسيقار من مستشفى "اوتيل ديو" التي لفظ فيها أنفاسه الأخيرة، إلى كنيسة مار نقولا للروم الأرثوذكس في منطقة الأشرفية، التي أحتشد فيها الى جانب أفراد عائلة الراحل الكبير، عدد كبير من الشخصيات السياسية والفنانين، من بينهم فارس كرم، وانطوان كرباج، وصابر الرباعي، وراغب علامة، ونزار فرنسيس، وعاصي الحلاني، ووائل جسار، وزين العمر، وايلي العليا، وماجدة الرومي، ومعين شريف، وسمير حنا، وايلي ايوب، ووليد توفيق، وسيمون حدشيتي، وسيرين عبد النور، وجاد نخلة، ونجوى كرم، وملحم ابو شديد، وغسان صليبا، وباسكال مشعلاني، ونزهة يونس، وغيرهم. وكان لافتاً غياب إليسا ونانسي عجرم وميريام فارس عن وداع أبو مجد.
بعيد الساعة الواحده تمت الصلاة على جثمان "أبو مجد" وبعد تقبل التعازي من الحضور، ألقى الشاعر نزار فرنسيس قصيدة مؤثرة جداً رثى فيها رفيق دربه "أبو مجد"، قبل أن ينهار بكاءً على نعشه.
عند الساعة الثانية من بعد الظهر، تم الاعلان عن نقل جثمان أبو مجد الى مسقط رأسه في كفرشيما. وعند مغادرة الكنيسة، حُمل النعش على الاكف في باحتها، حيث عزفت وغنت عدد من أغانيه من بينها "حبيبي إنت".
عند وصول النعش الى بلدة كفرشيما، كان في إستقبال أبو مجد أهالي "ضيعته" الذين رفعوا اليافطات التي تحمل صوره، عند مدخل القرية وفي شوارعها.. يافطات تحمل عناوين أغنياته، وعبارات لطالما رددها "إبن كفرشيما".
الكل كان حزيناً في كفرشيما التي فرش أبناؤها السجاد الاحمر على الطريق المؤدية إلى كنيسة القديسين بطرس وبولس للروم الكاثوليك.
وقبل أن يصلى على جثمانه مرة ثانية في كنيسة القرية ويوارى الثرى في مدافن العائلة القريبة منها، ودّع أهالي كفرشيما أبو مجد الوداع الأخير، حاملين نعشه سيراً على الأقدام نحو 3 كيلومترات، وهم ينثرون عليه الرزّ والورود، ويطلقون المفرقعات النارية وهم يرددون ودعاً أبو مجد.