كاد أن يكون الموسيقي الفرنسي من أصول لبنانية غابرييل يارد النجم الطاغي في المقهى البحري في فندق مينا السلام، لا يكاد ينتهي من لقاء تلفزيوني وسط البروجكترات المضيئة حتى يتلقفه صحفي آخر يضغط على زر مسجله لكي يسجل حديثه الجذاب والعاطفي. فهو يتكلم معك وكأنه يعرفك من سنوات طويلة، وما أن حدثته بالفرنسية حتى انفرجت أساريره وراح يتكلم معي بعفوية وطلاقة. قلت له: إنني أعرف أعمالك، وأنت أشهر موسيقى فرنسي مطلوب في الخارج. وعملت موسيقى أفلام شهيرة مثل بيتي بلو، وكاميليا كلوديل، وحصلت على جائزة الأوسكار لأفضل موسيقى تصويرية عن فيلم "المريض الانجليزي" 1969، كما حصلت على غيرها من جوائز «بافتا»، و«غولدن غلوب»، و«غرامي"، قل لي: أين شغفك بالموسيقى العربية والأدب العربي؟ ضحك قائلاً: هذا الشغف موجود وهو كامن في روحي، ولا يمكن أن أتخلص منه أبداً. قبل أن تشرح لي ذلك بالتفصيل أود أن أسألك عن رايك بالتكريم الذي حظيت به من قبل مهرجان دبي السينمائي الدولي؟ ضحك قائلاً: إنني أتشرف بهذا التكريم. وأكثر سعادة أن يكون تكريمي ضمن «جائزة تكريم إنجازات الفنانين» بعد عدد كبير من الفنانين الهامين أمثال: عمر الشريف، ومورغان فريمان، ويوسف شاهين، وكاثرين دينوف، وأوليفر ستون، وغيرهم.
ثم قلت له: قدّمت للشاشة الكبيرة ما يزيد عن 100 قطعة موسيقية تصويرية هامة لأفلام عالمية معروفة منذ ثمانينات القرن الماضي، أين تجد نفسك وفي أي فيلم؟ لا يمكنني أن أحدد الفيلم والموسيقى، فعملي عبارة عن نسيج واحد، ينقسم إلى فروع شتى. لكنني والحق يُقال انغمست كثيرًا في فيلم "المريض الإنجليزي" و"كاميل كلوديل" واندمجت معهما. هل تتذكر أهم مخرج أفلام تأثرت به؟ أجاب بعد أن وضع يده على جبهته، قائلاً: نعم يمكن القول كوستا غافراس لأن الموضوعات التي يطرحها ساخنة. وأريد أن أعقب على موضوع الشغف في الأعمال العربية الذي طرحته في بداية حديثك، إنني سأقدم جبران خليل جبران في عمل موسيقى بالإشتراك مع صديق طفولتي الكاتب الشهير أمين معلوف. جميل. وهل تعلم أن دبي أنشأت دار أوبرا؟ نعم. سمعتُ بذلك وسعدتُ بهذا الخبر. وأطمح لتقديم عملي عن جبران خليل جبران على دار أوبرا دبي بكل سرور. لماذا اخترت جبران خليل جبران وعمله الأساسي "النبي"؟ أجاب من دون تردد: لأن جبران خليل جبران معلم كبير ومبدع ماهر يتجاوز جميع الثقافات والحضارات والأجناس، ويستطيع أي إنسان أن يجد فيه نفسه. كما إنني أطمح لتقديم روح جبران خليل جبران في كلية أعماله الأدبية والفكرية لأنها تمس همومنا الفكرية والروحية وتعبّر عنا خير تعبير. ولعلني أسعى أن أمزج الشعر بالموسيقى في هذا العمل لأن عمله هو موسيقي أيضًا.