يعاني العديد من الأطفال من حالات مرضية قد تنشأ منذ الولادة وتصاحبهم مدى العمر، ورغم تقدم الطب، إلا أن حالات هؤلاء الأطفال واجهت صعوبات عديدة في علاجها، فتم عزلهم عن العالم في فقاعات هوائية كحماية لهم من الأضرار التي قد تلحق بهم مستقبلاً نتيجة احتكاكهم بالمجتمع أو تعرضهم للأمراض التي وإن كانت بسيطة فهي قاتلة بالنسبة لهم، ولحمايتهم من الجراثيم التي لا يمكن أن يصمد أمامها جسدهم.
وفي ما يلي نلقي الضوء على بعض هؤلاء الأطفال الذي يعانون من تلك الحالة الفريدة من نوعها:
ديفيد فيتر: عندما ولد ديفيد فيتر كان مصاباً بمرض نقص المناعة المركب الشديد (SCID)، وهذا يعني أن جسمه ليس لديه الجهاز المناعي لمحاربة الأمراض، وعند ولادته تم وضعه في الغرفة البلاستيكية العازلة، وكان العلاج الوحيد هو زراعة نخاع عظمي، وكانت الآمال على أخت ديفيد كاثرين، ولكن لسوء الحظ لم تتطابق الصفات، وبالتالي كان عليه انتظار متبرع بنخاع عظم مطابق أو علاج لمرضه، وهذا الانتظار استمر لفترة 12 عاماً إلى أن توفي بعدما نقلوا له نخاع من أخته لفشل إيجاد متبرع مناسب، وبعد أسبوعين توفي نتيجة إصابته بسرطان الغدد اللمفاوية، وتمكنت والدته من لمس جلده للمرة الأولى والأخيرة قبل وفاته.
تيد ديفيتا: عانى من فقر الدم اللاتنسجي الحاد، وهي حالة توصف بعدم قدرة نخاع العظم على إنتاج عدد كافٍ من الخلايا لتجديد خلايا الدم، الأمر الذي تتطلب منه أن يعيش في غرفة معقمة في المستشفى لثمانية عشر عاماً ونصف، حيث كان محاطاً بالأغطية البلاستيكية، وتوفي نتيجة الحديد الزائد من كثرة نقل الدم، وقد حدث تقدم كبير اليوم في علاج المرض عن طريق عمليات زرع نخاع العظام مع نسبة شفاء تصل إلى 80% من مرضى فقر الدم اللاتنسجي.
غابريال سوليس: كانت ولادته طبيعية، ولم يشك أحد بأنه يعاني من أي مشاكل صحية، ولكن بعد مرور أربعة أشهر ونصف على ولادته عانى من الحمى والتهاب رئوي شديد، مما أدى لوضعه في وحدة العناية المركزة في المستشفى، وتم تشخيص حالته بأنه يعاني من نقص المناعة المشترك الشديد، ورغم المحاولات العديدة لزراعة النخاع له، إلا أنه توفي بعد 12 عشر شهراً من العلاج.
سيث لين: يبلغ من العمر 6 أعوام، وهو أيضاً يعاني من مرض نقص المناعة الشديد، وينبغي عليه العيش داخل فقاعة خالية من الجراثيم كحماية له من العوامل الخارجية، فهو غير قادر على مغادرة غرفته في المستشفى خوفاً من التقاط عدوى أو مرض، وتمر سنوات من العلاج ومازال سيث يعاني من عدم اختلاطه بالعالم الخارجي .
يعتبر مرض نقص المناعة المرض المشترك بين هذه الحالات، وقد يعرف المرض أحياناً بـمرض "الولد الفقاعة" نتيجة حجز المصاب بالمرض في فقاعة لتعزله عزلاً تاماً عن البيئة المحيطة لتقليل فرصة تعرضه لأي نوع من أنواع العدوى، ويحدث نتيجة اضطراب وراثي نادر يتسبب في غياب بعض خلايا الجهاز المناعي وتشوهات وطفرات في 9 جينات تم اكتشافها حتى الآن.
يعد زرع نخاع العظام المنقول من متبرع مطابق "كالأخوة" أو من متبرع نصف متطابق "كالأبوين" أشهر علاج لمرض فقر المناعة المشترك، وتتم معالجة نخاع العظام من شخص نصف متطابق، بحيث يتم تقليل فرص حدوث عملية الرفض ضد المضيف "Graft-versus-host disease"، وغالباً يحتاج جهاز مناعة المريض وقتاً للتطور في حالة نقل نخاع العظام من متبرع نصف مطابق أكثر من الوقت الذي يستغرقه في حالة نقل نخاع العظام من متبرع متطابق.