الاهتمام بالمنزل ومتطلباته لا يشمل فقط العناية بالأبناء واحتياجاتهم، وتوفيرها كلها، جميع تلك الأمور مهمة بالتأكيد، ولكن من المهم أيضاً تنظيم ميزانية المنزل بما يتماشى مع الوضع الاقتصادي العام للبلاد، لذا يجب معرفة كيفية التعامل مع غلاء المعيشة أو انخفاضها وتجاوز ذلك بنجاح دون أدنى تهديد لاستقرار العائلة.
ومن المعلوم أن السعودية تشهد حالياً تغيراً واضحاً في الأوضاع الاقتصادية، ويبدو ذلك جلياً في الميزانية السعودية للعام 2017 ما سينعكس بشكل خاص على ميزانية الأسرة السعودية، التي ستضطر إلى ترشيد الإنفاق، والبحث عن آلية للموازنة بين المدخولات والمصروفات العائلية.
وفي هذا الإطار تحدثنا في "سيدتي" مع المستشار السعودي الاقتصادي، والرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية والإدارية الدكتور علي بوخمسين، حول أهمية دور المرأة السعودية في التخطيط لميزانية الأسرة كونها أحد الأسس المهمة في العائلة ولها دور كبير في إنجاح أي خطة في ظل الوضع الراهن الذي يتطلب نشر ثقافة الادخار، وترشيد الاستهلاك، فكان هذا الحوار.
مفاهيم "الميزانية الأسرية"
يقول الدكتور بوخمسين لــ "سيدتي نت": يجب أن تتخذ الأسرة قراراً باتباع سياسة إنفاق عقلانية بما يلبي احتياجاتها اليومية وفقاً لحجم الدخل المتاح لها، وتتم هذه العملية بانتهاج ما يسمى بـ "الميزانية الأسرية"، وهي خطة مالية لتنظيم أوجه الإنفاق على متطلبات الأسرة خلال فترة زمنية ما، عادة ما تكون شهراً وفقاً للإيرادات التي يجنيها أفراد الأسرة خلال ذاك الشهر، وتتمثل في الرواتب والمكافآت الخاصة بـ "الزوج والزوجة "، إضافة إلى الإيرادات التي تأتي من أي عمل ثانوي، وغيره ذلك من مما تجنيه الأسرة من موارد مالية، أما المصروفات، فتتمثل في شراء متطلبات الأسرة الأساسية، ودفع إيجار المسكن، وعادة ما يستهلك قرابة 15% - 20% من الميزانية، إضافة إلى أمور أخرى منها العلاج في حالات المرض، والترفيه، والتعليم.
المرأة هي الأساس المحوري لميزانية الأسرة
وأكد أن المرأة هي صاحبة الدور الأساسي والمحوري في إعداد الميزانية، ويجب أن تقوم بإعدادها وإشراك رب الأسرة فيها، أو في الإمكان تبادل الأدوار حسب مَن يهتم أكثر بتدبير شؤن الحياة المنزلية، وقال: أعتقد أن دور المرأة أساسي ومحوري في كل الأحوال، وستكون مصدراً مهماً للمعلومات الخاصة بتقدير الميزانية، وتدقيق بنود المصروفات التي قد يغفل عنها الزوج، بعكس ربة المنزل التي تهتم بأدق تفاصيل المصروفات، لذا من المهم، بل ومن الضروري إشراك المرأة في التخطيط للميزانية لتنجح الأسرة في ضبط حجم الإنفاق، لأن ربة المنزل هي مَن خططت لهذا الأمر وبالتالي ستحترم ذلك، وستطبقه، لذا فإن إشراك المرأة في التخطيط سر نجاح ضبط الإنفاق المنزلي.
المرأة صاحبة قرار اقتصادي حكيم
وتابع: على مسؤولي الأسرة أن يهتموا بقراءة المعطيات العامة، ففي حالة القدرة على تبني مشروع صغير مثلاً على الأسرة الالتزام التام بحجم الإنفاق وعدم تجاوزه، وبالتالي ستكسب مصدر دخل جديداً ما يعني زيادة ميزانيتها، على أن تستثمر ذلك ولا تنغلق عليه للحصول على مداخيل أكبر، وأكرر هنا مرة أخرى، أن المرأة هي صاحبة قرار اقتصادي حكيم بطبعها لذا فإن إشراكها في التخطيط الاقتصادي للأسرة أحد مقومات النجاح وزيادة الاستثمار بالتأكيد.
إحساس النساء "المرهف" يدفعهن للتبذير
وقال: إن إدخال المرأة في التخطيط لميزانية العائلة ضروري، لأن المرأة عادة ما ترغب في التبذير، مع التأكيد على ضرورة عدم استهلاك المبلغ المخصص في بعض الأمور كاملاً فقد يفيد في الادخار، وبالتالي تنفيذ أحد الأعمال أو المشاريع الصغيرة، وعلى المرأة أن تتفهم أن بعض المتطلبات الحياتية مثل شراء فستان عالي السعر لحضور إحدى المناسبات، أو تقديم هدايا غالية فيها، سيؤثر على الادخار، وبالتأكيد نعلم جميعاً أن النساء بطبعهن يتميزن بحس مرهف، لذا فإنهن يقمن بالاهتمام كثيراً بمظهرهن، ويمكنهن فعل ما يردن عبر الالتزام بآلية الإنفاق المحددةة والموازنة بين الإسراف والترشيد.
ضبط "مصاريف الرفاهية"
وأضاف الدكتور بوخمسين: على الأسرة أن تفهم أن هناك نوعين من المصروفات، المصروفات الأساسية، والإضافية الاستثنائية، لذا فهي تحتاج إلى وضع بنود صارمة لها، والتدقيق جيداً في كافة احتياجاتها، وعلى المخطط أن يقوم بتوزيع مبلغ الدخل بعدل على تلك النفقات. الهدف من ذلك هو عدم وقوع الأسرة في العجز المالي، أي أن تكون هناك نفقات أعلى من الدخل، وهنا ستضطر الأسرة إلى الاقتراض لمواجهة ذاك العجز، وهو ما لا تتمناه أي أسرة لكيلا تزيد الأعباء على كاهل أفرادها، وقد لا يستطيعون تجاوز ذاك المأزق، ما سيجعلهم يقعون تحت ضغط الدين، وبالتالي تأثر استقرار الأسرة الاجتماعي، لذا نوصي بأهمية التخطيط الجيد والإعداد المسبق للميزانية الأسرية.
نصائح لوضع ميزانية الأسرة بنجاح
- أن تكون الميزانية شاملة ودقيقة قدر الإمكان.
- إشراك كافة أفراد الأسرة فيها خاصة ربة المنزل، لكونها الأكثر إنفاقاً، والأكثر معرفة باحتياجات الأسرة، كذلك إشراك الأبناء لكي يلتزموا بها ويطبقوها، ونشر الوعي بأهمية التعاون في تنظيم الميزانية بين الجميع.
- يجب أن تتمتع الميزانية بشيء من المرونة لنقل احتياجات بند إلى بند آخر عند الضرورة لمساعدة الأسرة على مواجهة المتغيرات الاقتصادية، والتخطيط لها بنجاح، وبالتالي توفير الاستقرار المالي والاجتماعي على المدى الطويل.