تحتل شبكات مترو الأنفاق أو «التيوب» حيزًا كبيرًا في حياة اللندنيين؛ لأنها واسطتهم الرئيسة في التنقل عبر مناطق وأحياء العاصمة مترامية الأطراف، حيث تنقل هذه القطارات سنويًا نحو 1.3 مليار شخص، وتتفاوت هذه الخطوط في المسافات التي تقطعها، ويمكن أن تستغرق الرحلة أحيانًا ساعة من الزمن، لذا فإنه أمر مألوف أن تجد من يقرأ في كتابٍ أو جريدةٍ، أو يتحدث بالهاتف، أو ينجز عمله الوظيفي، أو يذاكر دروسه، أو يغط بالنوم، أو يستمع للموسيقى، وكلها تندرج تحت باب «الحرية الشخصية» ولكن ما حدث قبل أيام أثار استغراب الناس ودهشتهم، وتحول إلى نقاشٍ صاخبٍ على وسائل التواصل الاجتماعي.. فماذا حدث؟
رد فعل غاضب
في إحدى عربات المترو اللندنية أخرجتْ إحدى السيدات مرآتها الصغيرة وأدوات الزينة، وبدأت بوضع المساحيق على وجهها بكل هدوء، وهنا ثارتْ ثائرة أحد الرجال الموجودين في العربة، وطلب من المرأة صارخًا أن تتوقف عن هذا الفعل المشين الذي لا يليق بالمرأة المحترمة، وقد كان تصرف الرجل صاعقًا، لأنه تكلم بصوتٍ عالٍ وأمام الناس وفي عربة القطار التي هي ليست ملكه الخاص، فماذا كان رد فعل الناس؟
هكذا تضامنت النساء
لقد كان رد الفعل طريفًا ومفاجئًا وعفويًا، حيث أخرجتْ كل النساء الموجودات في العربة مرايا صغيرة ومساحيق تجميل، وبدأن بوضعها على وجوههن وخاصة أحمر الشفاه وبالغن في ضغطه بقوة، وقد كانت إدانة قوية وتضامنًا صامتًا مع المرأة التي هاجمها الرجل بغير وجه حق من وجهة نظرهن، بعدها انتقلتْ الحكاية إلى مواقع التواصل الاجتماعي وجرى نقاش حاد كانت الغلبة المطلقة فيه لمناصري المرأة، وكان أبرز ما جاء في تغريدات النساء والتي حصدت آلاف المتابعين:
# اليوم انتظرت حتى امتلأتْ عربة القطار بالناس وقمت بوضع أحمر الشفاه أمامهم رغم أني لا أستعمله إلا نادرًا.
# ربما تكون الموسيقى الصاخبة أو الحديث بصوتٍ عالٍ جدًا أمر مستفز للآخرين، ولكني لا أفهم غضب الرجل من امرأة تضع المساحيق على وجهها.
# إذا كان وضع المساحيق في مكانٍ عام لا يليق بسيدة محترمة، فنحن نساء سيئات، وفخورات بذلك.
# أنا لا أضع الماكياج في مكانٍ عام، ولكن لماذا يغضب البعض من ذلك وكأنه إعلان حالة حرب؟