هو تلميذ في سنّ المراهقة، يركب كلّ صباح الحافلة المخصّصة لنقل التلاميذ من أمام منازل أسرهم إلى المدرسة.
ذات يوم، وكان عمره 15 عامًا، وهو في البيت، عثر على مسدّس والده، ودون أن يعلم أحد أخذه معه، وبعد قليل من صعوده للحافلة بادر بإظهاره مزهوًّا متباهيًا بحمله أمام أقرانه، ثمّ فجأة وجَّه فوهته إلى الأرض وأطلق النّار فلم تخرج أيّ رصاصة. وفي حركة غير مفهومة وجَّه مسدّسه بعد ذلك نحو بنت بجانبه في الحافلة عمرها 13 عامًا، وهي صديقة طفولته وضغط على الزناد فانطلقت رصاصة وأصابتها في رقبتها، فسقطت تتخبّط في دمائها، وماتت وهي في طريقها إلى المستشفى. حدثت هذه المأساة في مدينة جنوب «فلوريدا» بالولايات المتّحدة الأميركيّة.
المحاكمة
طالت التحقيقات والاستجوابات، وطالبت الأم في البداية بتسليط أقسى العقوبات على قاتل ابنتها، وبعد ثلاثة أعوام تمّت محاكمته بتهمة القتل على وجه الخطأ. وفي أثناء المحاكمة، وبعد استنطاق المتّهم، عبّر عن ندمه وأعلن أنّه لم يكن أبدًا في نيّته القتل.
وعند قرب صدور الحكم، تقدّمت «آدي»، أم الضحيّة، وقد اغرورقت عيناها بالدّموع، واتّجهت إلى قاتل ابنتها واحتضنته، معلنة أنها سامحته لاقتناعها بأنه لم يقتل ابنتها عمدًا، وأنه ليس مجرمًا. كان المشهد مذهلاً للجميع؛ فلا أحد توقّع هذا الموقف من أمّ مكلومة في فلذة كبدها.
تقول القاضية داء إبلان فنزر: خلال 20 عامًا من ممارستي القضاء اعترضتني مآسٍ إنسانيّة كثيرة، ولكنّي لم أعش مشهدًا كهذا، ولم أتخيّل يومًا أنّ أمّ ضحية تقبّل وتحتضن قاتل ابنتها!
معًا.. في حملات توعيّة
ولأنّه قاصر، فإنّه تمتّع بظروف محاكمة خاصّة، واعتبارًا لعمره الذّي لم يبلغ سنّ الرّشد القانونيّة، وبسبب صفح الأمّ عنه؛ لم يتم إيداعه بالسّجن، وصدر حكم يقضي بوضعه في الإصلاحيّة عامًا، وسيبقى تحت المراقبة الإدارية إلى أن يبلغ 21 عامًا.
واليوم وقد بلغ «هواي جوردين» 18 عامًا، فإنّ علاقة قويّة أصبحت تربطه بأمّ الضحيّة، وهما معًا يقومان هذه الأيّام بحملات من أجل منع حمل الأسلحة الناريّة لعامّة النّاس، وخطورة بيعها وامتلاكها بحريّة، وهما معًا يطوفان المدارس والكليّات والجامعات، في حملات توعيّة عن مخاطر حمل الأسلحة النّاريّة؛ حتّى لا تتكرّر المأساة نفسها التي عاشتها الأم.