من القصص الفكاهية المستوفاة لشروط مسابقة «سيدتي» للقصة الفكاهية القصيرة، نقدم لكم قصة: «حجر عثرة» لنجيب شجاع الدين. مع العلم أن القصص لم تخضع لأي تصحيح، عدا التصحيحات اللغوية والإملائية، على أن تقوم لجنة الجائزة باختيار الأصلح بينها.
حجر عثرة
لم أؤلف كتاباً ولم أبتكر اختراعاً تخصني براءته عند التسجيل، ولم أعين وزيراً في أي تشكيل حكومي.
رغم أن هذا وارد بقوة حالياً ولا ينقصه سوى: أن تتحقق الأمنيات!!
لم أفق بعد من صدمة خيانة من سبقوني بمئات السنين وسلبوني أدوات التباهي بالإنجاز.
بسببهم لا مجال الآن لمغامرات اكتشاف قارة جديدة أو كوكب في مجموعتنا الفضائية.
حتى شفرة الحامضD N A تم حلها!!
هذا التقدم العلمي أتعامل مع تطبيقاته كإنذارت تحثني على الرحيل سريعاً.
إذ أعيش في زمن لا يسمح لأبنائه بالتنافس سوى في انتظار وقوع الكوارث والشعور بالازدراء على الدوام.
كل ما في الأمر أني ألهو. الهدف من وجودي «اللهو» بسخرية!
تقول شركة تسهيل الحصول على شغل دوت كوم إنني ترقيت في إمكانية نيل وظيفة.
بعد مداولات ونقاشات مستفيضة خرجت جلسات خبراء ومستشارين ورؤساء ومديرين بالتصويت إيجاباً على منحي 10نقاط لا أكثر.
أظهرت التزامي للشركة، فقد أبلغت الأصدقاء بفرحتي العارمة وأطلقت الأعيرة النارية في سماء القرية احتفاء بهذا الحدث الجلل.
«عاشت العدالة» هناك من يعيش حياته يحلم في نيل نقطة واحدة. وبالذات منتخبنا الوطني لكرة القدم.
أرسلت على الإيميل صورة حديثة رسمت فيها ابتسامة تضاهي إعلانات معجون الأسنان لإثبات أني سعيد حقاً.
أقسمت لهم: الصورة للتعبير عن ابتهاجي الغامر ولا تتعارض مع مصالحي الخاصة في التوظيف.
تقول الشركة إنني كنت في المرتبة الـ28 من بين 244 متقدماً.
تهانينا واستمر في المشاركة لحصد المزيد من النقاط.
في الأثناء تنبهت لرسالة تحثني على الاستعداد.
في حال وجدني المختصون ملائماً لطبيعة الوظيفة الشاغرة فسيتصلون بي. بالطبع سيعودون لمعلومات سيرتي الذاتية المكتمل تحديثها للتو بـ3 أرقام هاتفية.
الأول لاستقبال الاتصالات صباحاً، الثاني لفترة المساء والسهرة، والأخير لما بعد منتصف الليل.. وهكذا تصير الأمور تماماً.
تصورت أنه لم يعد ينقصني سوى ألا تخذلني صناعة جمهورية الصين الشعبية.
بصفتي حاد الذكاء فقد تجنبت الأسئلة المحرجة كيف يمكن لعاطل عن العمل وفي مثل حالتي أستند إلى رصيد هائل من الحرمان، وأمتلك كل ما ليس له قيمة.. كيف يمكنني اقتناء 3 هواتف ذكية؟!
فهمت أن من يوضعون في صدارة اللائحة يحظون دون غيرهم بأمل القبول باختيارهم.
لذا أثبت قدرتي على التنفيذ والعمل والأمل بصمت، واستخدمت أذكى هاتف لدي لسؤالهم: ما الخطوة التالية؟!
قضيت اليوم منشغل الفكر في الراتب المستحق.
يقربني لمئات التوقعات استعجالهم «أبلغنا في أسرع وقت».
كان علي الاختيار.. لن أبالغ ولن أظلمهم. الواقعية هي المبدأ الذي أسترشد به على الدوام.
سأكون عادلاً، دقيقاً، وافياً، مسئولاً، مستقلاً، شريفاً.
300 ألف دولار كمبلغ أولي قابل للتفاوض.
حقيقة صغت وثيقة كاملة من شروط ونصوص لا تقبل الانتقائية أو التجزئة في الموافقة والتنفيذ، وكأني مسئول أممي ينتطر منه حل مشكلات وتلبية تطلعات دولة نامية.
ولازلت أفاوضهم وأقارع كبار المختصين والمعنيين من أجل أفضل راتب.
وجدت أخيراً.. عدم الجدية والتمادي الزائد في الإهمال، فقررت مخاطبة المؤسسة صاحبة الإعلان مباشرة.
تقول رسالتها: مرحباً.. لقد تلقينا طلبك ونقوم بمراجعته.. نرجو منك التحلي بالصبر بينما ننتهي من مئات الطلبات المماثلة.
سنتصل بك للمضي قدماً في هذه العملية في حال تطابقت مؤهلاتك مع متطلباتنا. أطيب التحيات.
على الفور طالبت بحقي في الحذف من قائمة شركة توظيف نص كم.. مع الاحتفاظ بالنقاط العشر للذكرى.