لا أحد يحتمل كلمة أحد حتى لو كانت في محلها، وكل المشاكل تجيء من وراء كلمة أو ربما جملة، ألم يكن المثل الشعبي القائل «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»! أفضل لهن.
في السعودية: كلام نساء يقلب الحال لمصائب
كأن المثل يخص النساء أكثر من الرجال، فلو أن «تهاني علي» المخطوبة لابن خالها، لم تشعل نار الغيرة في قلبه عندما ذكرت أن ابن عمها كان يريد خطبتها، لما تركها، وعندما وقع زميل الكاتب الدكتور محسن الشيخ آل حسان، في قضية مشبوهة وكانت كل الأدلة ضده، أراد أن يورطه بها، يتابع د.آل حسان: «كلما كان يسألني سؤالاً لا يجد الإجابة التي تدينني. فبقلة (كلامي) لم يستطع إثبات شيء».
المثل قد لا يكون صحيحاً في كل المواقف، فالسكوت، قد يفسر بأنه علامة الرضى، الذي لا يرتبط بأمر إيجابي، لهذا فضلت مصممة الأزياء زاكي عبود، الكلام؛ لتنقذ صديقة لها كانت قد بدأت بتنفيذ مشروع مع شريكة، ولم تدرسه بالطريقة الصحيحة وحين جاءت شريكتها لمساءلتها، تدخلت زاكي بالموضوع، وأقنعتها بأن ما حدث كان خطأ وارداً وأنّ النتيجة ستتضح خلال عدة أشهر وليس شهراً أو شهرين، تعلّق زاكي: «كلامي أنقذ الموقف وصديقتي معه».
وعندما أرادت زوجة أخ، أم طلال، ربة منزل أن تشعل عبر (الوتس آب) عداوة بين زوجها وأهله، لم تدعُ والدته وشقيقاته، إلى حفلها اليوم؟. ففضلت أم طلال السكوت؛ تعلّق: «سكوتنا أنقذ أخي من غضب والدتي، ومر الموضوع على خير».
وبرأي الاختصاصية الاجتماعية منال أحمد، من السعودية، أن فالأزواج يخافون من سكوت المرأة؛ حتى الرجل الذي يتذمر أحياناً من ثرثرتها نجده لا يحبها صامتة.
في الإمارات: «الحكي بالفايت نقصان بالعقل»
يتهمون كلام المرأة بتخريب المواقف لذلك يجد عمر حمدان، مدرس ثانوي، أن الصمت في مواجهة المواقف مهارة لابد أن تتوفر بين الزوجين، فإذا تحدث أحدهما فعلى الآخر أن ينصت، ويفترض عمر السكوت والإنصات من المرأة، يتابع: «زوجتي كثيرة الصراخ، وأنا بدوري أظل صامتاً لا أرد، وأحياناً أتجمد، وبالإشارة أقول لها اهدئي»!
أما عبدالله ماجد، يعمل في إحدى الفضائيات، فيسكت حتى لا ينفذ كل مطالب عروسه، وما يفعله أقرب إلى التطنيش، فيما أفضل شيء تفعله المرأة أمام الرجل الغاضب، برأي مهرة اللبان، موظفة، هو الصمت حتى يهدأ وأفضل شيء يفعله الرجل أمام المرأة الغاضبة هو الموافقة على كل كلمة تقولها؛ حتى تهدأ لأنه إذا سكت فسوف يشحنها أكثر، ويجعلها تنفجر أما لو احتال عليها بالكلام الطيب فستأتي وتعتذر.
لكن حسناء خالد، موظفة في شركة خاصة، نصحت إحدي صديقاتي على الفيس بوك بألا تتكلم مع أحد الزملاء بدأت بالشتم وبلغته فقام بحذفها من قائمته، تعلّق: طمالي انا لأنصحها؟».
«إذا لم تجد ربحاً فلست بخاسر»، حيث تهرب سلمى حسنين، بصمتها ممن أساء إليها لتبكي بمفردها، ثم تظهر أمام الناس قوية.
ويعترف الباحث الاجتماعي في التراث الإماراتي بأن بنات اليوم أعقل من الشباب؛ لأنهن يفضلن في كثير من الأوقات الصمت، ويعتقد أن عندهن قدرة في صنع قرارات صحيحة.
في المغرب الكلام الزائد يقطع الأرزاق
حسب رأي خبراء الاجتماع، أن المغربيين لا يمكنهم السكوت فالكلام عندهم فضول، فعندما سكتت جارة الإعلامية فاطمة عاشور، عن إخبار عائلتها بمعاناتها مع عائلة زوجها، اقترحت عليها أن تتصل بزوجها؛ لكي تحسم الأمر في علاقتهما الزوجية، واتفقت معه على أن يستأجرا شقة بعيداً عن الصراعات العائلية، فكان الكلام سبب سعادتها عكس صمتها الذي جلب لها التعاسة لسنوات.
الكلام الزائد يقطع الرزق أحياناً، حكاية ترويها فريدة الشريشي، مصففة شعر مع إحدى العاملات في البيوت، وتقول: «بدأت أسئلتها الفضولية: «بكم استأجرت البيت؟ لم المطبخ موجود في هذا الركن وليس بآخر؟، فقطعت رزقها بكثرة كلامها».
فيما وضعت إقبال جامود في موقف حرج مع صديقاتها بسبب زميل لها قدمته لهن على أنه رجل نصير للمرأة، تتابع إقبال: «عندما أردنا الاستئذان للانصراف بحكم مسؤولياتنا الأسرية، سأل: هل أنتن متزوجات؟ وتمنت إقبال لو سكت لكان أفضل.
ويعترف المتخصص في علم الاجتماع المغربي رشيد قويدر أن المغاربة يحبون الثرثرة في الأمور الشخصية والمادية وطبيعة العمل الذي يقوم به الجار.
في مصر: المهم سكوت الزوجات
حكمتهم تقول «ندمت على السكوت مرة وندمت على الكلام مراراً»؛ لذلك يروي لنا سمير نبيل، محاسب عندما شهد أحدهم مع صديقه بالمحكمة؛ لكي يصلح بينه وبين زوجته فقال إنه رآه يطعم الزوجة بيده هذا العام، رغم أن الزوجة لم تر زوجها منذ ثلاث سنوات، فحكم القاضي عليه بالحبس ثلاثة أشهر لتضليل العدالة!.
وتتهم سوسن الشيخ، مدرسة، جارتها بفسخ خطوبتها عندما قالت أمام العريس: «يا رب تعمر لك هذه الخطبة ولا تكون كسابقتها».
لكن صدمة محمد إبراهيم، خبير شبكة معلومات، كانت كبيرة، أثناء قراءة الفاتحة، عندما تكلمت العروس التي أعجب بشكلها في الشارع، يتابع: «كانت مخارج الألفاظ متآكلة كأسنانها، فهمست لوالدي ألا يقرأ الفاتحة».
وينصح الدكتور رياض عبد السميع، أستاذ علم الاجتماع في مصر، المرأة بأن تتخير الوقت المناسب للكلام، يتابع: «للصمت مميزات تجعلك تسيطرين على من أمامك من خلال نظرات محملة بمعان غير منطوقة، كما أنه يولد الاحترام».
في الأردن: الكلام من «تنك»
هذا إن خرج بدون وزن أو حساب لمعانيه، فهو عند الكثيرين لا يرتقي مطلقاً للفضة، فصديق بلال فهمي، موظف، قاطعه لأشهر طويلة يتابع: «أوصيته على دلة قهوة أنتيكة من السعودية مشترطاً دفع ثمنها له، وفوجئت به يقدم لي دلة قهوة حديثة تجارية، فقلت له ممازحاً: لم يعد ذوقك رفيعاً كالسابق، فاستاء مني وقاطعني شهوراً».
وبدت تمارا عبد الهادي، مذيعة، مقتنعة بالسكوت أمام صديقاتها اللواتي يشكون لها مشاكلهن الخاصة، تعلّق: «هن يستأن عندما أصدقهن الرأي».
أما فادية نوفل، موظفة، خانها حذرها مع زوجها حين أتاها يشكو لها همومه الاقتصادية، فأخبرته أنها ادخرت من راتبها مبلغاً للطوارئ، فطلبه منها.
وتعيد إلهام الراميني، اختصاصية علم اجتماع، في الأردن، كلام الناس إلى رغبتهم بالتدخل في شؤون غيرهم حتى لو أوقعهم في المشاكل.
في فلسطين: ملف السكوت من الذهب
البطالة وضيق الحال هي التي تدعو الناس للتدخل فيما لا يعنيهم، حيث يعترف أحمد محمود عوض، عاطل عن العمل، أن كلامه في إرث أهل زوجته أوصله إلى الطلاق.
وعندما رأت أم عاطف عاشور، ربة بيت، شقيق كنتها يحمل حقيبة بلاستيكية كبيرة مليئة بأدوات منزلية فخمة، قالت لجارتها: «مش حرام الطفل الصغير يحمل هذه الحقيبة الكبيرة وحده»، معتقدة أن كنتها قد أرسلتها معه للتنظيف، لتتبين فيما بعد أن كنتها قامت بتهريبها دون علمها بهدف سرقتها وإيصالها لبيت أهلها، والنتيجة أن كلامها حمس ابنها لضرب زوجته، ووصل الأمر للشرطة.
وعندما تدخّل عمار أحمد الدمثي، موظف حكومي، بين خطيبته وشقيقها في أثناء مشادة بينهما، ورغم أنها المخطئة، فسخت خطوبتها بحجة أنه يتدخل بخصوصياتها، يتابع عمّار: « لو صمتت لانهال شقيقها عليها ضرباً وهو مصارع».
فيما ترى الاختصاصية الاجتماعية حياة خليل، أن سكوت الناس في فلسطين من وجهة نظرهم مضيعة للحقوق.
إحصائية
أجرت «سيدتي» استفتاء على 600 فتاة ورجل، في البلدان الـ6 المشاركة، حول أهم القضايا التي لا يسكتون عنها، وكانت النتائج كالتالي:
37 % في القضايا الأسرية، وما وصل الحال إليه من زواج وطلاق.
33 % ما في جيب الآخرين، وما عندهم من مقتنيات.
30 % عبارات الغرض منها الإيذاء.