لم تكن زينب سوى حلقة في مسلسل بيع الأطفال، وتجارة الصغار، ولربّما كان وراءها عصابة كبرى، وربّما كانت هي "المجتهدة".. لكنّها احترفت المهنة، منذ فترة طويلة، اعترافاتها أكّدت أنّها لم تفعلها مرّة واحدة.
لقد كرّرت جريمتها الشنعاء مرّات ومرّات، ولم تهتمّ بما كانت تلاقي الأمّهات من ألمٍ...
من خلال اعترافاتها المثيرة، كشفت زينب عن "مافيا" خطف الأطفال الصّغار وبيعهم، فضلاً عن الاستيلاء على أطفال السفاح، حيث كانت تخلّص أهلهم منهم، عن طريق بيعهم للسيّدات العاقرات...
سقوط زينب كشف عن توّرط عدد غير قليل من الممرّضات والأطبّاء، من الفاقدين ضمائرهم، والذين يُشكّلون أكبر شبكة لتجارة الرقيق في مصر!.
لكنّ زينب سقطت أخيراً في قبضة رجال الأمن المصريّ، حيث نجحوا في استنقاذ مجموعة كبيرة من أطفال السّفاح الرضّع، في "مسلسل" دراميّ، كانت أحداثه الأخيرة تجري في مستشفى بمدينة "عين شمس"، بعد أن وضعت إحدى السيّدات، عند السابعة صباحاً رضيعاً من السّفاح، وكان خلاصها من الفضيحة على يد زينب.
طفل للبيع
أخذت الممرضة زينب الطفل، ثمّ استقلّت سيّارة تاكسي، وابتعدت كثيراً عن منطقة "عين شمس" حتّى وسط مدينة القاهرة، حيث قرّرت أن تستغلّ أولئك الأبرياء، لكن الأثرياء، مؤكّدة لهم بكلمات مقتضبة أنّها فقدت كلّ أموالها في المواصلات العامّة، وهي تحتاج إلى 1000 جنيه لإجراء جراحة للطفل الرضيع!
ساهمت ملامح الطفل الرضيع في الحصول على شفقة الجميع، وتدفّقت الأموال الحرام على زينب التي أدركت بالفعل أنّها تمتلك دجاجة تبيض ذهباً. وبرغم أنّها لم تكن المرّة الأولى التي تؤدّي زينب فيها هذا الدور إلا أنّها حصدت الكثير من أموال الضحايا هذه المرّة بالذات!
وفي كلّ يوم كانت تؤجّل موعد السيّدة التي تريد شراء الصغير، فيما الأرباح كانت في تزايد مستمرّ. لكنّها في نهاية الأسبوع، خشيت أن تفسد الصّفقة، وقرّرت أن تتخلّص من الصغير فقابلت سيّدة الأعمال، وسلّمتها الصّغير، وشاهدت الفرحة العظيمة على وجه المرأة التي احتضنت الطفل وهي تردّد: "الآن فقط سأعرف معنى الفرحة مع هذا الصغير الذي سأطلق عليه اسم حسن".
انتبهت السيّدة لوجود زينب، ففتحت حقيبتها، وأخرجت حفنة من الجنيهات، وقدّمتها كباقي ثمن صفقة بيع الصغير.
رحلة السقوط!
في هذه الأثناء، كانت الأمور مختلفة في قسم شرطة السّلام ثان، حيث كانت والدة أحد الأطفال في حالة يُرثى لها، تقصّ على الرائد حسام ناصر، رئيس المباحث، حكايتها الكاملة، من بدايتها.
وفي سياق التحريّات تأكّد للمباحث قيام ممرضة وطبيبين وسيّدتين بالاتجار بالأطفال، عبر تشكيلهم عصابة لبيع حديثي الولادة، ونتيجة عمل البعض منهم في عيادة تجري عمليات إجهاض أو ولادة لذوات الحمل غير الشرعيّ. وتبيّن للمباحث المصريّة أن المقابل المالي الذي كانت تتقاضاه العصابة كان يتراوح ما بين 2500 و5 آلاف جنيه مصريّ.
وبملاحظة الوضع الماديّ للممرضة زينب، وبعد وضعها تحت المراقبة، أدرك رئيس المباحث حقيقة زينب، وتمّ القبض عليها متلبّسة بجرمها. وأمام اللواء سيّد شفيق، مدير الإدارة العامّة لمباحث القاهرة، فجّر المتّهمون العديد من المفاجآت، حيث اعترفت الممرضة أنّها تعمل في مجال التمريض منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً، وفي المسنشفى المشبوه منذ عدّة سنوات، حيث أشار إليها مدير المستشفى بأن تأخذ هؤلاء الأطفال وتقوم ببيعهم، خاصّة وأنّ عدداً كبيراً من الأطفال يولدون أحياء؛ فما كان من تلك الممرضة إلا أن استعانت بسيّدتين من جيرانها لتسويق الأطفال، معترفة ببيع أكثر من300 طفل، مشيرة إلى أنّها كانت تبيع الطفل الواحد بمبلغ 5 آلاف جنيه، ففتقاسم نصف المبلغ مع مدير المستشفى، فيما توزّع الباقي عليها وعلى السيّدتين الآخريين.
كما كشفت التحقيقات عن مفاجأة أخرى، وهي أنّ الطبيب الذي كان يجري عمليّات التوليد هو طبيب متخصّص في المسالك البوليّة، وليس طبيب نساء، وأنّه كان يوهم ضحاياه بعكس ذلك، وكان له عيادة طبيّة بمنطقة "عزبة النّخل"، حيث يتّخذ منها مكاناً لاستقطاب زبائنه، وكان بالشراكة مع مدير المستشفى يتقاضى2000 جنيه عن كلّ حالة إجهاض.
وقد تمّ تحرير محضر بالواقعة وإحالة المتهمة إلى النيابة التي أمرت بحبسها مع شركائها، فيما يجري البحث عن الأطباء الفارّين.