جلست الزوجة العشرينية الشابة، على مقعد في غرفة بمكتب تسوية المنازعات الأسرية، في محكمة الأسرة بالقاهرة الجديدة، في انتظار أن يفرغ الموظف القابع خلف مكتب خشبي، من أعماله الكتابية، كي تسرد له أسباب طلبها الخلع من زوجها، وتقر برفضها الصلح معه، وتنازلها عن جميع حقوقها المالية والشرعية مقابل هذا الطلاق، ليدوّنها فى تقريره.
تبدأ الزوجة الشابة حديثها بنبرة متحفظة في حديثها أمام الموظف: كان زواجنا تقليديًّا، حيث رشّحني له أحد معارفنا، وقال عنه إنه رجل طيب الخلق والأصل، وسيوفر لي حياة كريمة ومستقرة، ولأنني وحيدة أمي، ظنت أنها ستضمن لي الراحة والأمان بتك الزيجة، فوفقًا لحساباتها هو عريس مناسب، يعمل مهندسًا بإحدى الشركات، ورزقه وفير ومستقبله مضمون، ومن دون أن تتقصّى أثره، أو تتحرى عن مدى صدق كلمات الوسيط وافقت عليه، وخلال شهور معدودة تم الزفاف، لأكتشف بعدها أنّ الرجل الذي سأكمل ما تبقى من حياتي معه، "مدمن مخدرات"، وسبق وأن تم إيداعه بمصحة لعلاج الإدمان تواصل سرد حكايتها: "لم يكن أمامي خيار آخر، بعد أن تلقيت صدمة إدمان زوجي، سوى الصمت، فلم يمر على زواجي سوى شهور معدودة، لكن دفعت ثمن الصبر غاليًا، فقد بات زوجي يقذفني فى لحظات انتشائه بسيل من الشتائم والسباب، وينهال عليّ بالضرب حتى أنزف دمًا، وحينما يسترد وعيه، يتعجب من الزرقة التي تزيّن وجهي وجسدي، ويتساءل عمّن فعل بي هذا؟!، وحتى عندما قررت أن اتخلى عن خوفي، وأعلنت رغبتي فى الانفصال عنه، نصحني الجميع بالصبر عليه، لعلّ حاله يتغيّر ويتعافى من إدمانه، وذكّروني بالجنين الذي يتحرك فى أحشائي"."
تعاقبت الأيام والشهور، ولم يعد يربطني بزوجى سوى كلمات قليلة عن الأكل والملبس، ومصاريف البيت، وتفرغت إلى تربية ابني الوليد، بينما انغمس هو في شد الأنفاس وبلع الأقراص المخدرة، حتى بات لا يقوى على الحركة، وكلما سار خطوة بدا كالذي يتخبط من المس، وفي آخر مرة ضربني فى لحظة من لحظات انتشائه المزيفة، وطردني من بيتي فى منتصف الليل من دون سبب، غير عابئ بتوسلاتى وصرخات الصغير"."
تكمل الزوجة قائلة: عدت بعدها إلى بيت أمي وأنا أجر أذيال الخيبة، وسردت لها ما حدث معي، وتدخّل الوسطاء للإصلاح بيننا، لكنه تعدى عليهم بالقول والفعل، ومر أكثر من عام وأنا مقيمة فى بيت أهلي، أُمنّي نفسي باليوم الذى يتذكر أنّ له ابنًا بحاجة إليه، لكنّ مثل هذا الرجل الذي يعيش لمزاجه ورغباته فقط، لن يهتم إلا بنفسه، وبعدما يئست من تبدل حاله، قررت أن أتخلص منه للأبد، وطرقت أبواب محكمة اﻷسرة، وأقمت ضده دعوى قضائية، طالبت فيها بتطليقي منه طلقة بائنة للخلع، مقابل تنازلي عن حقوقى المادية والشرعية كافة.