من يصدّق أنّ باريس مدينة الأنوار والمدينة السياحيّة الأولى في العالم مهدّدة بهجوم للذئاب المتجمّعة في غابات قريبة منها؟
فقد أكّد المرصد الفرنسي للذّئاب ويضمّ مختصّين في الجغرافيا والبيولوجيا وهو مكوّن من 15 خبيرًا وباحثًا، أنّ هجوم الذّئاب على باريس أمر وارد.
حسب ما يقول خبراء فرنسيّون فإنّ هناك اعتقادًا بوجود ذئاب على بعد50 كيلومترًا من باريس، وأنّها هاجمت قطيعًا من الأغنام والأبقار وافترست بعضها في منطقة لا تبعد كثيرًا على العاصمة الفرنسيّة، وهناك من يقول إنه استمع ليلاً إلى عواء الذّئاب آت من بعيد.
وذكرت دراسات علميّة أنّ الذئب يقطع أحيانًا 400 كلم في اليوم الواحد وأنّه حيوان مزاجي لا يمكن التكهن مسبقًا بمكان وزمان تنقّلاته، وأنه لا يخشى الطرقات والكلّ يجمع على القول بأن الذّئب هو مضرب الأمثال في الدّهاء والمكر والمراوغة. ولذلك هناك من الباريسيين من أخذوا خبر هجوم الذّئاب على مدينتهم مأخذ الجد.
ممنوع
إنّ عدد الذّئاب في فرنسا في ازدياد كبير وهي تنتقل بين الغابات العديدة والسّهول والجبال، وتهاجم وتفترس عددًا كبيرًا من الخرفان والأبقار والماعز في العديد من المقاطعات الفرنسية، وإنّ الفلاحين والرعاة يشتكون منها، وقد تمّ إحصاء 9788 خروفًا افترستها أو جرحتها ذئاب خلال 735 هجومًا أثناء عام 2016.
ويمنع القانون الفرنسي على الفلاحين والرّعاة إطلاق النار على الذّئاب لصيدها أو قتلها باعتبارها حيوانات محميّة ومهدّدة بالانقراض، إلاّ في حالات الدّفاع عن النّفس، وترخّص وزارة البيئة الفرنسيّة قتل 36 ذئبًا فقط في العام بعد التثبت والتحقيق في كل حالة على حدة، حسب مقياس خطورتها، ويقوم بإطلاق النار عليها أعوان مكلّفون بهذه المهمّة.
وتتولّى الدولة دفع تعويضات للفلاحين المتضرّرين من هجوم الذئاب على قطعان خرافها.
جدل
في فرنسا جدل كبير بين جمعيّات كثيرة تضمّ عددًا كبيرًا من المدافعين عن الذّئاب وهم من أنصار الطبيعة وحماية البيئة، وبين الفلاحين والرعاة المطالبين بالقضاء عليها وقتلها للتخلص من مضارها على مزارعهم وأبقارهم وخرفانهم. وكلّ طرف له حججه ويدافع عنها بشراسة.
وسبق لمربّي الخرفان أن احتجوا مرّات كثيرة ونظموا مظاهرات في قلب باريس للتعبير عن غضبهم ورفضهم لحماية الدولة للذّئاب، وقد أحضروا ذات مرّة عددًا من الخرفان قرب برج «إيفل» ليحسوا الرأي العام بما يهدّد قطعانهم من مخاطر بسبب الذّئاب.
ولكن من بين الباريسيين من يقول إن الذئب حيوان يخشى الإنسان ويفر منه، وبالتّالي فانه لن يكون هناك خطر للذّئاب على باريس وسكّانها، والبعض يؤكّد أنه لم يسمع أنّ ذئبًا افترس إنسانًا في فرنسا وأوروبا، وفي المقابل هناك من ينبّه أنّ هجومًا للذئاب على باريس أمر ممكن ويمثّل خطرًا على السكّان.
ولا يزال الجدل متواصلاً.