غالية امرأة في العقد الرابع من عمرها.. ربة منزل.. مقيمة في قرية صغيرة تدعى نجع العدوة بالكلاحين الواقعة في مركز قفط.. وهو أحد مراكز محافظة قنا.. هي زوجة لرجل بسيط.. يخرج في الصباح الباكر ولا يعود إلا بعد منتصف الليل، من أجل الحصول على بضعة جنيهات قليلة تكاد تكفيهم.
احترفت تجارة المخدرات منذ عشر سنوات تقريباً، وكونت شبكة ضخمة من العلاقات والمصادر المختلفة مع كل تجار الكيف، وكل أنواع المخدرات مرت عليها، حيث تعاملت مع كل الأصناف والمدمنين، حتى قررت أن تتخصص في الحشيش فقط ولا شيء غيره؛ فمن وجهة نظرها لا توجد فيه مشكلة!.. كانت تعدّه بمثابة البيضة التي تبيض ذهباً، حتى وصلت إلى مرحلة التحكم في مدمني ومتعاطي "الحشيش" كما كانت تتحكم في التجار الكبار.
قلعة الحشيش الحصينة!
كانت غالية تعيش في منزل بسيط، حتى بعد أن كسبت أموالاً كثيرة، قررت عدم الذهاب إلى بيت آخر، وكانت ترفض كل المحاولات والنصائح التي تقترح عليها أن تنتقل إلى منزل فخم، حيث تقول دائماً: أنا امرأة بسيطة الحال بطبعي.. والكل يعرف أنني أنتمي إلى الطبقة المعدومة، ولو اشتريت منزلاً جديداً بهذه السرعة ستزيد الشكوك حولي.. والناس سيتحدثون كثيراً عني، وسوف ألفت أنظار رجال الشرطة.
من أسرارها التي جعلتها تدير صفقات المخدرات داخل محافظتها بعيداً عن أعين رجال المباحث، أنها كانت تنشر حولها الإشاعات المريبة والمرعبة، مثل أنها تتعاون مع رجال الشرطة وأنهم يعرفون عنها كل شيء.. كما أنها تستطيع أن تبلغ رجال الشرطة عن أي شخص لإلقاء القبض عليه.. وبهذه الطريقة استطاعت أن تثير خوف الجميع من مجرد الاقتراب منها.. وأصبح من الصعب أن يقوم أي شخص بالتفكير في الإبلاغ عنها، خاصة أن رجال الشرطة سوف يقفون بجوارها وليس بجوارهم.
لكن في الوقت نفسه كانت بعض المعلومات تصل إلى رجال الشرطة بأن هناك بعض التجار يديرون تجارتهم في بعض القرى بمحافظة قنا فتضع قوات الأمن خططاً للإيقاع بهم، وبعد ساعات قليلة يسقط بعض التجار المعروفين ويظن رجال المباحث أنهم وضعوا أيديهم على السر، وأن تجارة المخدرات اختفت تماماً بالقبض عليهم.. لكنهم يكتشفون بعد أيام قليلة أن المخدرات ما زالت منتشرة كما هي وأن سوق الحشيش لم يتأثر بأي شيء.. بحث رجال المباحث بين المسجلين خطر وأرباب السوابق، وأطلقوا رجال الشرطة السريين.. وكانت النتيجة واحدة: لا جديد، ولا أي دليل يقود إلى غالية، تلك المرأة التي كانت حريصة جداً.
الصفقة الأخيرة !
أوراق القضية تؤكد أن أحد الضباط استطاع معرفة سر انتشار المخدرات في قرى قنا من خلال أحد مصادره الخاصة.. وكانت المفاجأة أن وراء رواج وانتشار هذه التجارة سيدة في الخامسة والأربعين من عمرها، سمراء اللون، متوسطة الطول، حادة الملامح، تقوم بالاتجار على نطاق واسع.. وأنها وحدها التي تتحكم في سوق الحشيش على مستوى المحافظة.. وعلى الفور قام رجال الشرطة بإجراء تحريات للتأكد من صدق التحريات ومحاولة القبض عليها وبحوزتها كميات من المخدرات.
ولكن بداية النهاية لغالية كانت من خلال معلومة غاية في الأهمية وصلت إلى رجال مكافحة المخدرات تفيد بأنها سوف تنطلق خلال أيام إلى محافظة السويس لاستلام كمية كبيرة من مخدر الحشيش من أحد المهربين الكبار؛ وعلى الفور تم إعداد خطة للقبض عليها أثناء حصولها على البضاعة بعد أيام قليلة حيث حددت ساعة الصفر.
انطلقت سيارات الشرطة وراء سيارة المتهمة قبل وصولها إلى قريتها ببضعة كيلو مترات. وكانت المفاجأة عندما عثروا معها على 450 طربة حشيش تزن نحو 50 كيلو جراماَ، كما تم ضبط مبلغ مالي كان بحوزتها يقدر بـ 350 ألف جنيه.. وبمواجهة إمبراطورة الحشيش بالمضبوطات بكت واعترفت قائلة: نعم تخصصت في تجارة الحشيش من فترة طويلة، لأنني عشت حياة طويلة في فقر وذل، وعندما جاءتني الفرصة على يد أحد المقربين قررت استغلالها حتى أهرب من حياة الفقر والحرمان.
أضافت المتهمة: وبخصوص هذه الصفقة.. فتعود حكايتها عندما اتفقت مع أحد المهربين الكبار على الحصول منه على كميات الحشيش التي بحوزته مقابل مبلغ مالي كبير.. وكان ترتيب سير العملية يقضي بأن أستلم البضاعة، ثم أقوم بتوزيعها على بعض تجار التجزئة في محافظة قنا والمحافظات المجاورة لها، إلا أنني فوجئت برجال الشرطة يلقون القبض علي قبل أن أتمكن من تهريب وتوزيع كميات الحشيش التي بحوزتي.
تمت إحالة المتهمة إلى النيابة، التي أمرت بحبسها 15 يوماً على ذمة التحقيقات مع تحديد جلسة لمحاكمتها.