يحمل الأدب سواء أكان محلياً أم عالمياً حكايا عشق كثيرة، الأسطوري منها والواقعي، والمبدعون والمبدعات حين يقصّون تلك الحكايا فإنهم يسردون تفاصيلها بطريقة شائقة، تدفع القارئ لإسقاطها على ذاته، أو يتمنى لو أنه يعيشها.
وإذا شئنا الكتابة عن أهم الإبداعات الإنسانية التي تندرج في سياق الشعر لما تمكنّا من حصرها؛ لكثرتها ولوجودها بعدة لغات، معظمها غير مترجم إلى العربية، أو لعدم تدوينها حين تكون شفاهية. فالغناء الشعبي الغزلي مثلاً له حتى اليوم ذلك الحضور البهي؛ لأنه يكشف بصراحة عن لواعج النفس، كما الحال للأغنية الفراتية التي يتردد فيها:
بعدما يغيب القمر.. سمرة تعالي لي تانشوف عقد الجواهر كيف مبنيّا.
ومع أن المكتبة العربية لا تجمع بين رفوفها كل الإبداعات التي كتبت للحب وعن الحب، إلا إن ما فيها كثير وجدير بالقراءة وبالإهداء أيضاً، كما يفعل البعض في عيد الحب الذي يصادف 14 نوفمبر من كل عام، والذي جاء ذكره في قصيدة «بارلمنت أوف فولس»، التي كتبها الشاعر الإنجليزي جيفري تشوسر عام 1382؛ تكريماً لملك إنجلترا ريتشارد الثاني بمناسبة مرور عام على خطوبته من حاكمة مملكة بوهيميا.
وتكاد دواوين الشعر لا تخلو من قصائد العشق ووصف الحبيب، فخلّد التاريخ أسماء شاعرات كان الحب محور ما كتبنه، ومنهن: بيتوجا مصر، وبُلبابة سومر، وعناة أوغاريت، وغيرهن كثيرات. فيما حفلت الحضارة العربية بأسماء مهمة كانت خلاقة في شعر الغزل، إلى درجة أن أسماء بعض الشعراء اقترنت بأسماء معشوقاتهن، مثل: جميل القضاعي، الذي فتنته بثينة بنت يحيى، وقال فيها شعراً لم يقله سواه، والشاعر كُثيّر، الذي هام في عشق عزة الكنانية، وقيس بن الملوح «مجنون ليلى» الذي عشق ليلى العامرية، فكتب فيها أجمل الشعر وأكثره جرأة:
بربّك هل ضممت إليك ليلى قبيل الصبح أو قبلت فاها.
فيما قالت ليلى في قيسها:
باح مجنون عامر بهواه وكتمت الهوى فمتُّ وحدي
ولن يغيب عن البال عنترة العبسي، الذي امتطى صهوة حصانه والشعر أيضاً، وقال في حبيبته وابنة عمه عبلة شعراً يكاد يكون أسطورياً من فرط جماله، كما فعلت الشاعرة ضاحية الهلالية، التي عُرفت بعذب الكلام ورقته، وفي العصر العباسي ظهرت علية أخت هارون الرشيد، التي كانت صريحة في مشاعرها.
وإذا كان الشعراء الأولون قد أبدعوا في وصف محبوباتهم فإن شعراء العصر الحديث فعلوا ذلك، مثل نزار قباني، شاعر المرأة، الذي وصف اللائي أحبهن بأجمل الكلمات، وكتب في حبيبته وزوجه بلقيس الراوي، حتى بعد رحيلها المفجع على قبرها:
بلقيس
يا عطراً بذاكراتي
يا زوجتي وحبيبتي وقصيدتي
نامي بحفظ الله أيتها الجميلة
فالقصيدة بعدك مستحيلة
حكايا العشق
في باب الحب والغرام استطاع العديد من الروائيين والروائيات إبداع أعمال باتت من روائع الأدب العالمي في القرن الـ20، وفي هذا المقام لا يمكن لأحد تجاهل رسائل غادة السمان لغسان كنفاني التي قالت في إحداها:
«حين أمسكت هذه الورقة لأكتب لك كنت أعرف أنّ شيئاً واحداً أستطيع أن أقوله وأنا أثق من صدقه وعمقه وكثافته، وربّما ملاصقته التي يخيّل إليّ الآن أنها كانت شيئاً محتوماً، وستظلّ، كالأقدار التي صنعتنا: إنني أحبّك».
كما لا يستطيع المتتبع للأدب الرومانسي تجاهل تولستوي حين كتب آنا كارنينا، التي تتحدث عن زوجة شابة يدفع بها القدر نحو علاقة عاطفية تضطرها للانفصال عن ابنها الوحيد. وفي المقابل أبدع قلم إيريش سيجال رواية تتحدث عن شاب وفتاة يقعان في حب بعضهما، ثم يتزوجان على الرغم من ممانعة عائلتيهما، فيبدأ الزوجان رحلة كفاحهما في الحياة محاولين تجاوز كل المصاعب والعقبات والمآسي؛ كي تستمر علاقتهما.
أما في رواية البحر البحر للكاتبة إيريس مردوخ يقرر تشارلز المتقاعد العيش في منطقة إلى جانب البحر، وهناك عثر على حبيبته ماري التي ظلت رفيقة حلمه، فعاش ثانية وهم الحب، لتكشف أحداث الرواية وتفاصيلها التي تجمع بين عالمي السيكولوجيا والرومانسية أي حياة يعيش البطل، وأي حب يسيطر عليه.
ومع الحب في زمن الكوليرا وضع غابرييل غارسيا ماركيز القارئ في جو سحري، ليروي له قصة فلورينتينو وفرمينيا، اللذين عشقا بعضهما منذ سن المراهقة، وبين الحب والحرب يروي قصة زواج الحبيبة من طبيب شاب وناجح، وكيف حاول كسب الثروة لاستعادة حبيبته التي بقي يحبها طوال 50 عاماً، وبعد وفاة خصمه الطبيب يدعوها إلى رحلة نهرية معه، فوافقت الحبيبة التي عادت مشاعر حبها إليه، على الرغم من شعورها بأن عمرها وهو 70 عاماً لا يصلح للحب، وكي تطول فترة وجودهما معاً يوهم الجميع بأن على السفينة من هو مصاب بالكوليرا، لينقلب السحر على الساحر، ويعود الأمر عليه بالضرر.
وفي ذهب مع الريح، الرواية الوحيد للروائية مارغريت ميتشيل يطلع القارئ على حكاية من فترة الحرب الأهلية في أميركا، تتناول قصة فتاة عاشت علاقة حب مع رجل أحبها بشدة، لكن تلك العلاقة دمرتها، فبادلت الرجل مشاعر الكراهية والانتقام، وبين الحب والحرب تدور أحداث رواية قرأها مئات الملايين.