هناك من يمتهن الإبداع بعيداً عن الأضواء والصخب. يكتب ويؤرخ ويسطر الخيال في صفحات تجعل منا أجمل وأبهى بعد موازنة بين الحقيقة والمحال. هذه هي الروائية المصرية سلوى بكر، التي صنفتها إحدى المقالات الصحفية بالعبارة التالية: «لا تتقن فن إبراز الذات»، على الرغم من أنها تعد من بين أبرز الكاتبات والمثقفات في مصر.
تجربتها
ولدت سلوى بكر في القاهرة في عام 1949. حاصلة على بكالوريوس إدارة أعمال بكلية التجارة- جامعة عين شمس في عام 1972، ثم ليسانس نقد مسرحي عام 1976. عملت كمفتشة تموين منذ عام 1974 حتى عام 1980، ثم انخرطت في الكتابة الأدبية والفنية، حيث عملت كناقدة مسرحية وسينمائية. وفي عام 1985 دخلت عالم الرواية والقصة والمسرحية. وبسبب تميز نصوصها الأدبية تم ترجمتها إلى تسع لغات. بالإضافة إلى أنها منذ عام 2001 أستاذ زائر بالجامعة الأمريكية في القاهرة، وعضو لجنة تحكيم مهرجان السينما العربية. كما حصلت أعمالها على جوائز دولية عديدة، مثل جائزة دويتشه فيله للآداب في ألمانيا سنة 1993.
حرية تعبير
تتميز كتاباتها بالسرد الكثيف، حيث تسمح لأبطال روايتها بالتعبير عن أنفسهم خصوصاً النساء؛ ما شكل رافعتها الأدبية في تبني قضايا المرأة المهمشة مثل: الأرملة، المعاقة جسدياً وعقلياً، وذوات السوابق الإجرامية بسبب ظروف حياتهن المزرية. بمعنى آخر تكتب سلوى بكر عن المرأة التي لا يراها أحد، أو نادراً ما تظهر على السطح، أو تدخل دائرة الضوء لكن مازال لديها القليل من الأمل. وهذا ما عبرت عنه بوضوح في روايتها «العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء»، التي تعرض قصص مجموعة من النساء يجتمعن في سجن النساء بمدينة الإسكندرية.
امرأة وحقوق
تؤمن سلوى بكر بأن قضايا حقوق المرأة لا تشكل أهمية لدى المثقفين المصريين، الذين يناقشون السياسة والثقافة. لذلك ترى أن ثورة 25 يناير غيرت حياتها تماماً، بعد أن شهدت كيف استطاعت النساء القيام بأشياء لم تكن تحلم بالقيام بها في السابق، وخصوصاً إقامة مجتمع يساوي بين الجنسين. لذلك تعتبر أن أهم رسالة للثورة تغير نظرة المرأة لنفسها. «لقد أصبحت فجأة قادرة على المساهمة بأمور مهمة. وهي تكافح اليوم بشكل أكبر من أجل حقها؛ مما سيحسن وضعها. والدليل الأحاديث المثارة الآن عن قضايا مثل التحرش الجنسي أو الاغتصاب، التي لم يكن هناك حملات فعلية للتوعية من أجلها قبل الثورة. إذ جرت العادة على أن تلقي الضحية باللوم على نفسها، وبالأخص الفتيات الشابات، اللواتي كنّ يصمتن بسبب الخوف والخجل. أما الآن فقد بدأن بالتغلب على مشاعر الذنب وإيصال قضايا الاغتصاب إلى المحكمة. وهذا تغير كبير».