سارة المرغلاني: أنا شغوفة ومنظّمة وإيجابية

حلمت سارة المرغلاني في البداية بمهنة في الأوساط الأكاديمية، والعميقة منها، حيث توجهت للحصول على درجة الماجستير في اللغويات لتحقيق هذا الهدف، لكن الأمور تغيرت، مصادفة، كما تقول، وبدأت مقابلة غير متوقعة لوظيفة منسقة حفلات مع مجموعة فنادق محلية ما سيصبح شغفها الجديد، العمل في مجال لم يخضْه سوى عدد قليل جداً من السعوديين، لكن تغيرت الأمور أكثر عندما أصبحت أول سعودية تحصل على وظيفة في قطاع الضيافة في جزر المالديف.
فما الذي غير أحلام تلك الشابة ذات الملامح العربية السمراء، هذا ما كشفته لـ"سيدتي" من خلال الحوار الآتي.

سارة المرغلاني وقطاع الضيافة

سارة المرغلاني


لم تتوقع "سارة" مدى سرعة وتيرة الحياة وديناميكيتها في العمل مع الفنادق وصناعة الضيافة، أو مدى تغير حياتها خلال مسيرتها المهنية في السياحة، تتابع قائلة: "لقد كانت مصادفة بحتة، كانت وظيفتي الأولى بعد الجامعة في فندق محلي، والتي عملت بها بشكل أساسي لاكتساب خبرة عملية قبل متابعة درجة الماجستير في اللغويات، وبشكل غير متوقع، وقعت في حب صناعة الضيافة، مما قادني إلى هذا المسار الوظيفي المثير.
في إطار منصبها الجديد، ستتولّى "سارة" قيادة فريق متخصّص من اثني عشر موظفاً، وستشرف على جميع العمليات في المنتجع الحصري الذي يمتدّ على مساحة 15.000 متر مربع، ويمثّل الجزيرة الخاصة الوحيدة التي يمكن حجزها على ساحل البحر الأحمر، وبهذا ستكون أول سعودية تعمل في قطاع الضيافة وتعود بخبرتها إلى الوطن، تعلّق قائلة: "إنه لمن دواعي سروري أن أعود بهذه الخبرة الفريدة إلى المملكة، ومن المثير أن أساهم في صناعة الضيافة المتنامية في المملكة العربية السعودية بمنظور عالمي".

العودة إلى بلدي

تعرّفت "سارة" منتجع ثول الخاص لأوّل مرة في العام 2021، ولذلك تُعتبر عودتها إلى الجزيرة بمثابة محطة بارزة في حياتها المهنية، فبعد أن شغلت دورها كمديرة مكتب الاستقبال في فندق ترتل باي (Turtle Bay Hotel)، قبلت فرصة إدارة الجزيرة في يونيو 2023، وقد تم اختيارها لأنها تتميّز بمخزونها الثقافي الغني، حيث تحمل شهادة في اللغويات من جامعة إسطنبول، واكتسبت على مرّ السنوات فهماً عميقاً بقطاع الضيافة والعلاقات مع الضيوف، تتابع سارة: "أعود بذاكرتي إلى قراري بالذهاب إلى جزر المالديف والذي كان مدفوعاً بشغفي بالوظيفة ورغبتي في التعلم أكثر من خلال الخبرة العملية، في ذلك الوقت، لم تكن لدينا فرص التعلم والدورات التدريبية المذهلة التي تقدمها وزارة السياحة الآن، ومع ذلك، عندما علمت برؤية 2030، كانت فكرتي المباشرة هي العودة إلى بلدي والمساهمة بكل ما اكتسبته من خبرات خلال فترة وجودي في جزر المالديف".

تحقيق الرؤية

منتجع ثول في البحر الأحمر - المصدر شركة البحر الأحمر


تُعد برامج تحقيق الرؤية القوة الدافعة لتحقيق رؤية السعودية 2030، حيث تعمل على ترجمتها وتحويلها إلى واقع ملموس، يمثل كل برنامج خارطة طريق محددة، تتم مواءمتها من خلال خطط التنفيذ المعتمدة، التي تسترشد بالأهداف المحددة مسبقاً ومؤشرات الأداء الرئيسية في غضون خمس سنوات، حيث أعيدت هيكلة بعض برامج تحقيق الرؤية؛ لتلبية الاحتياجات المتغيرة، وعكس طموحات وقدرات المملكة، وضمان تحقيق رؤية 2030 على أكمل وجه، وهذا ما أثر في الخطة الطموحة على حياة "سارة" اليومية، كغيرها من السعوديين تستدرك قائلة: "كان برنامج ision 2030 ملهماً حقاً، فقد حفزني على النمو على المستويين الشخصي والمهني، حيث رأيت الفرص الهائلة التي يخلقها في قطاع الضيافة، إنه تذكير دائم بضرورة وضع أهداف أعلى والمساهمة في تقدم بلدي وأن أكون جزءاً من هذه الرحلة التحويلية، حيث رأيت الفرص الهائلة التي يخلقها في قطاع الضيافة، إنه تذكير دائم بضرورة وضع أهداف أعلى والمساهمة في تقدم بلدي وأن أكون جزءاً من هذه الرحلة التحويلية".

معايير عالية في الاستدامة

أبرز ما في التجربة، التي عاشتها سارة، هو تقديم نفسها للضيوف في المنتجعات، الذين جاءوا من العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، تفاعل معظمهم بدهشة عندما قالت إنها جاءت من المملكة العربية السعودية وطرحوا الكثير من الأسئلة، تستطرد قائلة: "أخبرتهم عن كنوز المملكة المخفية وجمالها الطبيعي، فضلاً عن إمكاناتها السياحية الكبيرة"، كان هذا قبل أن تُعلن المملكة العربية السعودية عن خططها للتنويع الاقتصادي في السياحة والترويج لوجهاتها الجميلة، وكان السائحون في المالديف متشوقين لمعرفة ما تخفيه المملكة العربية السعودية وكانوا متحمسين لاكتشافه بأنفسهم.
كان هذا الشغف هو الذي دفعها للعودة إلى المملكة والانضمام إلى شركة تطوير البحر الأحمر، وهو الأمر الذي قالت إنه يجعلها فخورة ومتحمسة بشكل لا يصدق، وتابعت قائلة: "إنه حلم أن ألعب دوراً في مشروع السياحة المتجددة الأكثر طموحاً في العالم وأن أدعم نمو السياحة السعودية، كنت أخطط لمواصلة عملي في الخارج في جزر المالديف، ولكن بعد سماعي عن هذا المشروع الفاخر وفهم معاييره العالية في الاستدامة، بالإضافة إلى النهج التجديدي للسياحة، لم يكن لدي خيار آخر سوى العودة وأن أكون جزءاً من هذا الفريق الطموح".

ليست مجرد وظيفة

منتجع ثول - مصدر الصورة شركة البحر الأحمر


إن صناعة السياحة والضيافة في المملكة، لديها القدرة على الازدهار، فهنا تجد الكثير من الناس شغوفاً بالسفر، فالسعودية من البلدان القليلة المتبقية التي لم يتم استكشافها نسبياً حتى الآن وتعتقد "سارة"، كما قالت لوسائل الإعلام سابقاً، أن هذه ميزة لنا، حيث تتمتع المملكة العربية السعودية بتاريخ لا يصدق وكنوز مخفية لا حصر لها، والتي تشمل البحر الأحمر نفسه وصحارينا الضخمة غير المستكشفة وشعبنا الاستثنائي والمضياف".
تجاوزت وزارة السياحة بعد الوباء وعام 2020، كل التوقعات، ومع أن هذه الفترة، على حد تعبير منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة (UNWTO)، "أسوأ عام على الإطلاق في تاريخ السياحة"، لكن العالم فوجئ بالارتفاع المذهل في السفر المحلي بنسبة 50 في المائة أكثر مما توقعه المسؤولون، وساعد هذا في إنقاذ الشركات والوظائف، فضلاً عن تعزيز الاقتصاد.
هذه الحياة التي تأقلمت مع وتيرتها وديناميكيتها "سارة"، وضعتها في مواجهة بعض التحديات، التي تمكنت من إدارتها، وعن هذا تقول: "نعم، قد يكون العمل في قطاع الضيافة أمراً شاقاً، ولكنني محظوظة لأنني لا أرى ذلك باعتباره مجرد وظيفة، بل هو شغف، الضيافة متجذرة بعمق في ثقافتنا، وهي تأتي إليّ بشكل طبيعي، وللتكيف، ركزت على الحفاظ على موقف إيجابي، والبقاء منظمة، وتحسين مهاراتي باستمرار لضمان قدرتي على تلبية الاحتياجات الديناميكية للصناعة بحماس".

"الثقوب الزرقاء"

تمتلك "سارة" ذخيرة معلوماتية رائعة عن كنوز المملكة المخفية وجمالها الطبيعي، وقد وصفت الجزيرة قائلة: "المملكة العربية السعودية هي كنز يتم اكتشافه أخيراً، مع نسيج غني من المناظر الطبيعية والثقافة والتراث ينتظر من يستكشفه، لدينا كل شيء، من المناظر الصحراوية الخلابة إلى السواحل البكر والمدن النابضة بالحياة، المملكة العربية السعودية هي مكان للفرص اللامحدودة والجمال غير المستغل، وبالنسبة للبحر الأحمر فقد أذهلتنا عجائبه بمزيج من الجمال والغموض، ومن بين هذه العجائب، تبرز "الثقوب الزرقاء" كظاهرة طبيعية فريدة، تثير فضول العلماء والباحثين، وتجذب الغواصين من جميع أنحاء العالم، أما بالنسبة لمنتجع ثول الخاص، فهو يبرز كأول جزيرة يتم شراؤها في دول مجلس التعاون الخليجي، الاحتمالات لا حصر لها حقاً - جزيرتك، وقواعدك، إنها تجربة حصرية وهادئة تجسد الفخامة وجوهر الرحلات الفريدة والشخصية، أنا عائدة بمشاعر لا نهاية لها من العاطفة والدافع، كما سبق وقلت".

السعوديون وصناعة السياحة

منتجع ثول في البحر الأحمر-مصدر الصورة شركة البحر الأحمر


تغيرت مواقف السعوديين تجاه صناعة السياحة هذه، فقد وجدت دراسة بحثية أُجريت هذا العام، بتكليف من شركة البحر الأحمر للتطوير أن 90% من الشباب السعوديين الذين شملهم الاستطلاع كانوا مهتمين بوظائف السياحة والضيافة.
وذكرت الدراسة أيضاً أن الشباب السعودي بدأوا يدركون الدور الحيوي الذي ستلعبه السياحة والضيافة في الاقتصاد المتنوع الجديد للبلاد، تستدرك سارة: "هذا يؤكد ما سبق وقلته إن الضيافة شغف لدى السعوديين، وأرى ذلك كل يوم في زملائي السعوديين الذين يعملون بلا كلل لضمان سعادة ضيوفنا، إن الطاقة والتفاني الذي يتمتع به الشباب السعوديون، وخاصة الشابات، ملهم حقاً، لقد أثبتنا مراراً وتكراراً أننا قادرون على تحقيق العظمة والتفوق في كل جانب من جوانب عملنا.
وعن اعتياد العاملين في الاقتصاد، الذي تشكل الضيافة جزءاً منه، أن يصمموا شعارات خاصة لمشاريعهم، فماذا لو تسنى لسارة الاختيار بين تأليف شعار، أو مقطوعة موسيقية خاصة بالجزيرة، أيهما تختارين، وكيف تصممه، تعلّق قائلة: "لن أغير شعار منتجع ثول الخاص لأي سبب من الأسباب! إذا نظرت عن كثب، ستجد أن التصميم هو في الواقع ثول باللغة العربية"!


اقرأ أيضا  :هتان السيف من حفل جوائز Joy Awards‏: استمروا في أحلامكم