هل مقارنة نفسك بالآخرين أمر سلبي أم إيجابي؟

   فتاة تقف في ظهر نفسها تقارن بين نفسها والآخرين يفصلها حائط النفس عنهم
فتاة تقف في ظهر نفسها تقارن بين نفسها والآخرين يفصلها حائط الذات حيث لدى الناس ميل طبيعي لمقارنة أنفسهم بالآخرين -المصدر freepik

يعتقد الكثيرون أن مقارنة النفس مع الآخرين أمر غير مفيد وله العديد من السلبيات، وقد يصل آخرون لحد رفضه تماماً؛ فهم يعتقدون أن هذا الأمر محبط ومثير للغيرة، ويعزز مشاعر الكراهية والحقد على الآخر، على أن هذا الأمر ليس بهذا السوء؛ فمسألة المقارنة الاجتماعية بينك وبين الآخرين ليست بهذه البساطة، بالسياق التالي "سيدتي" التقت أميرة ناجي سيدهم استشاري دعم ذاتي وخبير تنمية بشرية؛ لتحدثنا عن إيجابيات وسلبيات مقارنة نفسك بالآخرين، تعرفي إليها وأخبرينا هل عادة ما تقارنين نفسك بالآخرين؟

 الناس تميل لمقارنة نفسها بالآخرين

فتاتان تنظران لبعضهما بعضاً وتقارنان بعضهما الناس لديهم ميل طبيعي لمقارنة أنفسهم بالآخرين -المصدر freepik by master1305


تقول أميرة ناجي سيدهم لـ"سيدتي": في كثير من الأحيان ربما سمعت أو قرأت أن مقارنة نفسك بالآخرين هو شيء ليس مفيداً ومن الأفضل تجنب المقارنات، إلا أننا يمكننا القول إن مقارنة نفسك بالآخرين هو فعل طبيعي له معناه التطوري؛ فالمقارنة تعني ببساطة جمع شيئين أو أكثر، سواء في الواقع أو في الفكر "الخيال"، وفحصها بشكل منهجي، بغرض تحديد أوجه الشبه والاختلافات، والمقارنة لا تكون بغرض الإساءة أو التقليل من شأن شيء أو شخص، حيث المقارنة الاجتماعية ما هي إلا عملية يحصل من خلالها الأشخاص على معلومات يتم التعرف إليهم من خلالها من خلال مقارنتهم مع أشخاص آخرين.
تؤكد أميرة أنه لدى الناس ميل طبيعي لتقدير خصائصهم الذاتية "قدراتهم، مهاراتهم، نجاحاتهم، صحتهم، آراؤهم ، وما إلى ذلك" عبر المقارنة مع الآخرين. لذلك، إذا وجدت نفسك يوماً تقارن نفسك بالآخرين؛ فلا تفكر بأنك "غريب الأطوار" أو أنك ترتكب خطأً من الأفضل تجنبه، فالمقارنة لا تعني أنك الأسوأ أو الأقل بالإمكانات؛ فقد تكون أنت الأفضل أو الأكفأ، فأنت عندما تقارن نفسك بشخص تدرك أنه أسوأ منك أو يفتقر إلى شيء تملكه تقول: "هذا الشخص لا يصل إليَّ في هذا الجانب"، أو "إنه يعيش حياة أسوأ من حياتي" فتشعر بالتميز، وقد تكون مقارنة نفسك بأشخاص تتصور أنهم أفضل فتقول "حياته أفضل من حياتي"، أو "هو أكثر نجاحاً وتميزاً" فينتابك الضيق، ومن ثَم لا بُدَّ من الأخذ في الاعتبار أننا جميعاً نقارن أنفسنا بالآخرين في مرحلة ما، وأن هذا الأمر قد يكون سمة شخصية. على أن الأشخاص الذين يقارنون أنفسهم بالآخرين بشكل مستمر يميلون إلى الشعور بعدم الأمان، والحساسية الشديدة تجاه سلوك الآخرين، ويعانون من مشاكل تتعلق بتقدير الذات.
وفق هذا السياق تشدد أميرة أن مقارنة نفسك بالآخرين من حين لآخر أمر يختلف تماماً عن أن تكرس حياتك بشكل مستمر للمقارنات؛ فيؤثر هذا بشكل كبير في سلوكك وشعورك وثقتك بنفسك.
وإذا تابعت الرابط التالي ستتعرفين إلى: 9 نصائح لتتوقفي عن مقارنة نفسك مع نساء أجمل منك

جوانب إيجابية لمقارنة نفسك بالآخرين

فتاة تنظر في مرآة نفسها تقارن نفسها بالآخرين -المصدر freepik


تقول أميرة: هناك جانب مهم لا بُدَّ من الانتباه له وهو الطريقة التي نفسر بها المعلومات التي نحصل عليها عند مقارنة أنفسنا بالآخرين، وهو يمكن أن يخفف من تأثير المقارنات التي نجريها حيث يمكن تفسير المعلومات نفسها بطريقة مواتية؛ فالمقارنات يمكن أن يكون لها عواقب إيجابية إذا:

  • أدركت أن المقارنة تساعدك معرفة نفسك وتحسينها وتعزيز نموك الشخصي؛ فالإنسان بطبيعته يسعى إلى معرفة نفسه أكثر.
  • المقارنة مع الآخرين ما هي إلا عملية معرفية طبيعية وتلقائية تهدف إلى اكتشاف الحقيقة حول أنفسنا حيث تساعدنا المقارنات على اكتشاف مكان وجودنا، والمكان الذي نرغب في الذهاب إليه، كما أن النظر إلى كيفية قيام الآخرين بذلك قد يكون مفيداً.
  • مقارنة نفسك بالآخرين تحفزك حيث المقارنات التصاعدية قد تجعلك تقرر أن تسعى إلى الأشياء المرغوب فيها عندما تراها في الآخرين. كما أنها يمكن أن تحفزك على تحسين المجالات التي تعتبرها ناقصة في نفسك.
  • المقارنة تجعلك تتلقى رد الفعل؛ فمن خلال مقارنة نفسك بالآخرين فإنك تتلقى معلومات مثيرة للاهتمام التي يمكننا من خلالها تقييم ما إذا كنت تقوم بالأشياء بشكل أفضل أو أسوأ وتحليل الطرق الممكنة للتطور.
  • المقارنة مع الآخرين تجعلك تحصل على بعض الجوانب الإيجابية. فقد تبين أن المقارنات التنازلية بشكل عام تميل إلى أن تكون مصدراً للتحسينات في التأثير والرضا والرفاهية.
  • من المحتم أن ندرك أننا لسنا جميعاً متساوين في ظروف حياتنا. ومن ثَمَّ فمقارنة وضعنا بوضع الأشخاص الذين يعيشون في ظروف غير مواتية ويواجهون العديد من الصعوبات يمكن أن يؤدي بنا إلى توليد مشاعر الرضا عن حياتنا، والامتنان، والرفاهية، وكذلك التعاطف تجاه الأشخاص الأقل حظاً والمواقف المساعدة.

جوانب سلبية لمقارنة نفسك بالآخرين

  • مقارنة نفسك بالآخرين تعمل على تقويض احترامك لذاتك؛ فالمشكلة بالنسبة للكثيرين هي أننا تربينا على مقارنة أنفسنا بالآخرين، وكنا دائماً نخسر في المقارنة، ومن ثَمَّ ينتهى بنا الأمر إلى اكتساب المزيد من السلبية والحزن الذي ينتهي بالأمر إلى التأثير بشكل كبير في حياتنا.
  • زعزعة الثقة بالنفس حتى عندما نركز فقط على الجوانب الإيجابية للأشخاص الذين نقارن أنفسنا بهم، كما يحدث غالباً على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا الأمر يمكن أن تكون له آثار ضارة على احترام الذات.
  • نتوقف عن التركيز على أنفسنا ونبدأ بالتركيز على الآخرين. وهذا يمكن أن يقودنا بعيداً عن قيمنا وأهدافنا الشخصية، ويجعلنا نشعر بعدم الكفاءة، أو الإحباط، أو الفشل، أو اليأس إذا علمنا أو تصورنا أن شيئاً مرغوباً يمتلكه الآخرون لا يمكننا تحقيقه.
  • أنها تولد مشاعر غير سارة فينا؛ فتعريض أنفسنا بشكل مستمر للمقارنة مع الجوانب الإيجابية لدى الآخرين يمكن أن يؤثر في مستوى رفاهيتنا. الشخص الذي يميل إلى مقارنة نفسه قد يصبح مدركاً لحدوده أو عيوبه، ويمكن أن يرتبط هذا غالباً بالحسد والغيرة والغضب والحزن والخوف.
  • عندما نقارن أنفسنا عادة لا نأخذ بعين الاعتبار كل جوانب الشخص الآخر، بل بعض الخصائص، ومن دون الخوض في عمق التفاصيل، على أننا إذا ركزنا فقط على ما نجده ممتعاً أو مرغوباً فيه في حياتنا؛ فإننا سنشكل أفكاراً جزئية وغير واقعية حول ما نقارن أنفسنا به.

بالنهاية تقول أميرة:
المقارنات يمكن أن تكون مفيدة عندما تساعدنا على التعرف إلى أنفسنا وتشجعنا على التحسن من خلال أهداف واقعية وقابلة للتحقيق، ولكنها لن تكون مفيدة عندما تؤدي إلى التساؤل عمن نحن، أو تغرقنا في رؤى غير واقعية وغير قابلة للتحقيق للحياة، أو تحبطنا، أو تبعدنا عن قيمنا وجوهرنا الشخصي، أو تجبرنا على الشعور أو نتصرف بطرق غير أصيلة من أجل التشبه بالأشخاص الذين نجد حياتهم أكثر مرغوبية.
ومن الرابط التالي تعرف: للشباب والبنات.. كيف يمكن تحقيق تقدير الذات؟