في ظل التطور العالمي وتسارع الحياة تطورت كل شؤون الإنسان، وتغيرت الكثير من مبادئه وأفكاره، وتحدثت كل أهدافه وكثرة إنجازاته. فكما حصلت هناك ثورة التغيير بسبب عوامل مواكبة العصر نحو ما يفيد الإنسان ويزيد قدراته، توجد خلف تلك الإنجازات ـ للأسف ـ جرائم متطورة تسارعت أهدافها وتطورت متطلباتها، وزادت معدلاتها عن السابق، ما أصبح يشكل خطراً جسيماً قادراً على إفساد أي خصوصية والتلاعب بمصالح الغير وسمعته على الملأ بلا رقيب أو حسيب..
حتى أنه أصبح باستطاعة الطفل الصغير في أي مكان في العالم أن يرتكب جريمة في حق أي إنسان من خلال نشر صورة أو توثيق موقف لأحد أقرانه، أو بثّ معلومات مغلوطة عنه من خلال الإنترنت أو خدمة البلاك بيري، أو الواتس أب وصولاً إلى برنامج keek، التطبيق الذي أحدث نقلة نوعية وضجة كبيرة في مجال التواصل المرئي. والبرنامج باختصار هو نوع جديد من الشبكات الاجتماعية، ويعد من أسهل الطرق لمشاركة آخر الأخبار عبر الفيديو مع الأصدقاء. فهو يمكن من التواصل المرئي بكل سهولة، وكذلك نشر الفضائح وهتك الخصوصيات بصورة مرئية فورية وبمنتهى السهولة أيضاً.
حول هذه التقنيات الحديثة وتأثيرها على خصوصية الفرد والأسرة، وعما يعرف بالجرائم المعلوماتية يخبرنا المستشار الأسري والاجتماعي عبد الرحمن القراش قائلاً: "للأسف لقد أصبح الإنسان بسبب هذه التقنيات وجانبها السلبي المظلم مرهوناً لتصرفات ابنه أو ابنته، أو أحد أقاربه الطائشين. مفتقداً أمانه وخصوصيته حتى في بيته. ناهيك عن الكبار الذين يقومون بابتزاز دول بأكملها أو شركات أو شخصيات عامة أو أفراد عاديين، من خلال تهكير حواسيبهم أو بياناتهم، ووضعهم تحت الإقامة الجبرية لتصرفاتهم".
سبب المشكلة:
سألنا القراش حول سبب انتشار ذلك في مجتمعنا المحافظ؟ فأجاب: يعود ذلك إلى عدة أسباب منها:
- ضعف الوازع الديني لدى البعض الذين همهم تتبع عورات الناس.
- انتشار الأجهزة الذكية والتقنية وسهولة التعامل معها.
- قلّة الرقابة، والثقة المفرطة في الأبناء.
- صعوبة تعيين الجاني تقنياً.
- عدم وجود كوادر مؤهلة لمتابعة الأنظمة المعلوماتية.
أين الرقابة والحلول؟
حول أحدث القرارات المتخذة من قبل الدولة لمكافحة هذه النوعية من الجرائم، والتي زادت في الآونة الأخيرة بصورة لافتة للنظر يقول القراش: "أقر مجلس الوزراء الموقر في جلسته يوم الاثنين 7 ربيع الأول 1428هـ، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك
عبد الله بن عبد العزيز، نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الذي يهدف إلى الحد من نشوء جرائم المعلوماتية، وذلك بتحديد تلك الجرائم والعقوبات المقررة لها. ومنها: فرض عقوبة بالسجن لمدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على خمسمئة ألف ريال أو بإحداهما على كل شخص يمس حياة الآخرين الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا، أو ما في حكمها بقصد التشهير أو إلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة".
الرادع الذاتي هو الأساس
ويرى القراش أنه مهما بلغت العقوبة ومهما وضعت القوانين فإنّ الرادع الذاتي هو الأساس، مضيفاً: "مهما كانت العقوبات المقررة على الفرد من قبل الدولة حول الجرائم الإلكترونية فهو لا يقارن مع عقاب الله سبحانه وتعالى للمتتبع عورات الناس. لذلك فيجب على وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة والإعلام التركيز من خلال المدارس والجامعات والقنوات الفضائية على نشر الوعي التثقيفي المعلوماتي، ومخاطر هذه التقنية على الفرد أو المجتمع. كما آمل من كل أب وأم الحرص على أبنائهما، ومتابعتهم، ونصحهم، وعدم إعطائهم الثقة المفرطة، وتحذيرهم من الإثم المترتب على إساءات استخدام هذه النعمة، التي قرّبت البعيد وسهّلت الحياة، وحققت الكثير من الأحلام فهي تحتاج منا لشكر الله عليها وحفظها من الزوال".