بدأ اليوم الثالث من عروض باريس للخياطة الفاخرة لربيع وصيف 2018 بعرض "ميزون مارجيلا"Maison Margiela ، حيث أعاد جون غاليانو، المدير الفني لهذه الدار، مراجعة "الترانش" Trench، وأدخل على هذه القطعة الأيقونة تغييرات عدة، بحيث حولها الى قطعة فنية مطعمة بالكثير من التفاصيل المستوحاة من الفن التشكيلي. وغلبت عليها الألوان الصارخة، فيما جاءت معظم القصات عبثية ومبعثرة المعالم، لتعكس بامتياز شخصية جان غاليانو ونظرته الفنية الخاصة للموضة. وكان ملفتا في عرضه هذا أنه استخدم الكثير من الأقمشة الميتاليك، مازجا بينها وبين الأقمشة المنقطة والمخططة.
أما المصمم إيلي صعب، فقد أخذنا في رحلة الى باريس في حقبة العشرينات من القرن الماضي، حيث عكس وهج وبذخ هذه الحقبة من خلال فساتين خطفت الأنظار بألق ترصيعاتها وأقمشتها البراقة. وعلى وقع موسيقى الجاز، تهادت العارضات بفساتين تضج بالتفاصيل الأنثوية التي ترمز إلى الحرية والاحتفالية التي طبعت تلك الحقبة، حيث كانت المرأة الباريسية مصدر إلهام الكثير من الفنانين، وجسّد إيلي صعب تراث تلك الحقبة الذهبية في أزياء تضج أنوثة، سواء منها الفساتين ذات الفتحات الجريئة أو فساتين البوستييه التي طعمها بربطات الفراشة على مستوى الرقبة.
كعادته أبهر إيلي صعب جمهوره بالتنوع الكبير في القصات والتفاصيل الجمالية، حيث تلاعب بشكل محكم بين مختلف الأشكال الهندسية التي استوحاها من فن "الأرت ديكور"، ورسومات الأزهار الغنية بتطريزات الخرز والأحجار التي طعم بها كل فساتينه. كما أنه استعمل الريش بقوة، حيث كان يتطاير طوال العرض مصاحبا حركات العارضات اللواتي جسدن بطريقة مشيتهن الحرية التي طبعت الحقبة الذهبية الباريسية.
من جهته، غاص المصمم زهير مراد في ثقافة الهنود الحمر، حيث استوحى جماليات الأزياء التي عرضها من قصات فساتين المرأة في هذا المجتمع، وجسدها في فساتين سهرة طويلة غاية في الأناقة غلب عليها قماش الدانتيلا الأبيض ونسقت مع أحذية جلدية طويلة من نفس اللون. وقد جاءت فساتينه الأخرى مطرزة برسومات وخطوط متمايلة استوحاها من الرسومات والخطوط التقليدية لأزياء الهنود الحمر، وزين معظمها بالريش الناعم، واتسمت بفتحات على مستوى الساقين والأكتاف.
من جهة أخرى عرض زهير مراد أيضا مجموعة من التنانير الطويلة المصنوعة من الأقمشة الشفافة التي نسقها بكنزات مطرزة بزهريات من قماش التول الأحمر عليها رسوم تعكس الطبيعة التي يعيش فيها الهنود الحمر.
بدوره بقي المصمم الفرنسي جان بول غوتييه Jean Paul Gaultier وفيا لأسلوبه المشاكس الذي برز هنا من خلال أزياء ذات قصات جريئة. وغلبت على العرض البدلات الرجالية التي أعاد غوتييه مراجعتها، وخاصة منها الكنزات التي جاءت غنية بالأفكار التجديدية. أما الفساتين، فرغم قصاتها الجريئة، إلا أنها اتسمت بالكثير من التجديد في اُسلوب تصميمها. وتخللت العرض الذي طغى عليه اللونان الأبيض والأسود بعض الألوان الفاقعة، وبالأخص منها الأصفر والأخضر والزهري الصارخ. واتسم العرض بحضور مُلفت لبعض الاقمشة المطبعة، بينما جاء حضور الجلد محتشما، مقارنة بما هو معتاد في عروض جان بول غوتييه.