أغلب علاقاتنا وارتباطاتنا محكومة بالمصالح، وينطبق عليها المثل الدمشقي: «حكّلي لحكّلك» سواء بين الأصدقاء، أو الجيران، أو حتى زملاء العمل؛ فالكل يشار إليه بالبنان، فهل تدوم مثل هذه العلاقات؟ وهل صحيح أن الزواج هو أكثر حالة اجتماعية ترتكز على المصالح؟
في السعودية.. مصالحهم في العمل
ربما لأنه بلد خليجي؛ يجمع أناساً من جنسيات مختلفة، يفقدون اعمالهم أعمالهم بسهولة، وهذا يضطرهم للتقرب من الآخرين؛ حتى لا يخسروا إقاماتهم.
لهذا قابلت الفنانة لمار أناساً، همهم في الحياة هو المصلحة، حتى لو لم يستفيدوا سوى بشيء تافه، وباتت تدرك وجود صديقات يتقربن منها لفترة ما يخدعنها ويجعلنها تظن أنهن يحببنها، تستدرك لمار: «ثم أكتشف غايتهن في مصلحة شخصية أنجزها لهن؛ فقطعت علاقتي معهن؛ لأنني تربيت على أن أحب من حولي دون أن أطلب منهم شيئاً».
كذلك الفنان هاني ناظر، يعاني ممن يتقربون لمصالح خاصة، فمنهم من يرغب بالتمثيل معه، أو يكتب مسلسلاً أو يصل للوسط الفني عن طريقه، ومنهم من يريد العلاقة معه للتوسط له في الجهات الحكومية، أو يريد مساعدة مالية.
أمَّا هند طالبة جامعية فكانت ضحية لزواج المصلحة، حيث أجبرها والدها على الزواج من ابن شريكه في المؤسسة التي كانا يمتلكانها؛ خوفاً من أن تفض هذه الشركة.
في الإمارات.. الراتب أساس المجاملات
سمية إبراهيم، مدرسة، ترى أن الإمارات بلد زيجات المصلحة؛ لأجل الراتب بين مجتمع الموظفين، حيث يستغل الرجل زوجته ويستحوذ على راتبها، ويعمل به ما يشاء باسم المصلحة، تتابع: «يصرفها على نزواته، ومنهم من يتزوج امرأته؛ كي تصرف عليه لأنه عاطل عن العمل».
يتذكر عصام النبراوي، مدرس تربية فنية، ذلك اليوم الذي أتى هو وزوجته به إلى الإمارات؛ فقالت له: الزواج شيء والحياة شيء آخر، والمصالح تختلف! وأصرت أن يكون راتبها لها، وامتنعت عن المشاركة. يعلّق: «رغم مرور سنوات؛ لازلت أجهل المصلحة التي بنت عليها علاقتنا».
حتى الشاب يلاحق الفتاة، ويعزف بكلامه لها أحلى الألحان، ثم يشرح لها عن ظروفه، وأنه سيعمل كل شيء؛ من أجلها برأي سناء عبد العزيز، طالبة.
في المغرب.. زيجات مدبرة
قد تصل المصالح إلى حد التجارة، فمن تجد مصلحتها مع فلان، كأنها باعت نفسها أمام المجتمع، فعندما تزوجت سناء سرار، ربة منزل، من أميركي عمره 80 سنة؛ التقته في العالم الافتراضي، تصورت أنه يفهمها ويقدر صغر سنها ورغباتها. يومها لم تكثرت للمجتمع الذي عارضها، وتعترف أنه زواج مصلحة، ولم تستغرب زكية زهوان، طالبة، مما فعلته سراء، فالفتاة اليوم باتت تتباهى بزواجها من رجل أعمال، وإن كان أكبر منها سناً، تضيف: «هي تجارة يبيع فيها طرف نفسه للآخر، مقابل ثمن لا يمكن أن يصل لقيمة مشاعره الإنسانية».
فيما لاتجد غيتة فارس، طالبة، عيباً في أن يرتبط اثنان لأجل مصلحتهما، وتتابع: «الحب قد يأتي بعد الزواج، المهم تقبل كل طرف للآخر، كما أن قرار الانفصال يكون أسهل إن لم يتفق الطرفان في زواجهما».
في اليمن.. للحصول على الجنسيات والمال
دخلت نادية عالم المال والتجارة، وتعرفت على عدد من التجار ورؤوس الأموال المحلية، وكانت تحصل على تسهيلات كبيرة من قبل أحد التجار الكبار، وعند حلول الأزمة السياسية، أصبحت مديونة لذلك التاجر؛ فاستغل إفلاسها وهددها أن يلجأ إلى النيابة، أو ترضى به زوجاً بشكل سري.. فقبلت به مقابل إعفائها من الديون له، وتسديد ما عليها من ديون أخرى للغير، كما اشترطت عليه إعادة فتح شركتها التي أغلقت نتيجة تراكم المديونية عليها، تتابع نادية: «قبلت بالزواج منه رغم معارضة أهلي».
ويكثر في اليمن وجود شبان يسعون وراء الأجنبيات للحصول على الجنسية.. فعشرات، بل مئات اليمنيين حصلوا على الجنسية الأميركية بعد أن تزوجوا من أميركيات، وهو ما يسمى بزواج الفيزة والحصول على الجنسية، الذي يتم بعده انفصال أغلبهم.
في مصر.. يفسرونها بعد فوات الأوان
مصالح تنقلب إلى حالات من النصب والاحتيال، فقد تزوج عبدالله سعيد حامد، محامٍ، 4 مرات بعد وفاة زوجته الأولى، لمصلحة بناته، لكنه في كل مرة يجد أن زوجته تعامل بناته في البداية بعطف وحب، ثم يسقط القناع، فالأولى كانت تجعلهما تعملان في المنزل ليل نهار، بدعوى تعليمهن، والثانية كانت تسيء معاملتهما بالضرب والإهانة، والثالثة كانت تجعلهما تشاهدان أفلاماً إباحية عبر الإنترنت، والرابعة كانت دائمة الشكوى منهما، وأرادته أن يتخلى عنهما، ويتركهما لوالدته المسنة، فانهارت البنتان وأصبحتا غير قادرتين على استكمال الدراسة، يعلّق عبدالله: «وجدت بأن مصلحتي هي في العزوف عن الزواج، ربما أنا صاحب المصلحة في هذه الحالة، لكنني لا أعتبرها أنانية».
فيما تستغرب نرمين طلعت، محاسبة، من خطيبها الذي كان يتصل دائماً في فترة الخطوبة، وعندما كان يزورها في بيت الأسرة يظل جالساً لفترة طويلة، وهو ما جعل والدها يسرع في الزواج، وبعد الزواج انقلب هذا المخلوق رأساً على عقب،
وعندما تسأله عن سبب هذا التحول يقول: «لم تعد لي مصلحة معك»!
يرحم أيام زمان
في بلدان الخليج عامة تكثر بناء علاقات؛ من أجل المصلحة، أو زواج المصلحة، كما ترى الاختصاصية الاجتماعية، منال أحمد، فأصبح الناس مع الأسف يلهثون وراء شخص ليتذللوا له؛ من أجل أن ينهوا موضوعاً معلَّقاً لديهم، والتودد له بعبارات والتقرب عبر الهاتف، حيث يصبح هذا الأمر مصدر إزعاج؛ لكثرة الاتصالات في أوقات مختلفة.
يوافق الدكتور رشيد البكاج، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب السويسي الرباط، المغربيات في شكواهن من الزواج المدبر، والذي يمثل أساس المصلحة، حيث يحكمه المال في المجتمع؛ فليس غريباً أن يرتبط اثنان؛ لأن أحدهما أو كليهما غني ومن طبقة اجتماعية مرموقة، ولو مع انعدام شروط، ثم يحكمه التظاهر والتفاخر بين أفراد المجتمع، فيتم الارتباط بشخص لا يتوفر فيه أي شرط من شروط الشريك الذي يرغبونه، ثم الرغبة في تحسين الوضع الاجتماعي، أو بدافع الإنجاب، يعلّق البكاج «في كل الحالات تحكمه الأنانية».
زواج وخطوبة
أجرت «سيِّدتي» استبياناً على 500 عينة عشوائية في البلدان العربية المشاركة، حول أهم المصالح، التي تسيطر على العلاقات الاجتماعية، وكانت النتائج كالآتي:
33 % الزواج وتدبير الخطوبات؛ لأجل الحصول على الجنسية والمال.
29 % لإنهاء معاملات وأوراق سفر وعمل.
24 % من أجل الحصول على مساعدات مالية.
14 % لأجل السهر وتمضية الوقت على حساب الطرف الآخر.