لا ندري هل هو الدم أم الهرمون الذي حول المرأة منذ قديم العصور إلى مخلوق غيور؟ فهي تغار على شريك حياتها ومن زميلاتها، وصديقاتها، وتبدأ بنسج خيوط قصص وهمية يطلق عليها بالعامية «الفشخرة»، وفي هذا التحقيق نعرض أطرف المواقف التي أخبرتنا بها مجموعة من الفتيات والسيدات.
في السعودية «يتفشخرن» في السفر وموديلات السيارات
عندما دخلت سيدة على أحد البازارات النسائية، والتي حضرتها مديرة الإصدارات الخاصة في مؤسسة عكاظ منال فيصل الشريف، كانت تريد أن تشتري لرمضان ثلاثين جلابية لتلبس في كل ليلة واحدة، وأخذت تقلب البضاعة ولم يعجبها شيئاً، فاتصلت بالسائق بكل فظاظة قائلة له: «أين أنت تعال بسرعة، وأحضر بالسيارة الجديدة، ولا تنس أن تبردها فالجو حار»! وعندما خرجت تتابع منال مندهشة: «صعقت من السيارة التي ستقلها، والتي لا تتناسب مع أسلوب كلامها فموديلها يكاد ينقرض».
فوبيا البريستيج، هي سبب «فشخرة» النساء برأي مشعل العتر، رئيس تحرير صحيفة أنت وأنا الإلكترونية، حتى لو لجأن إلى الكذب، يتابع: «روت لي شقيقتي أن إعلامية ادعت أن عباءتها بعشرة آلاف ريال، لكنها شاهدت تلك العباءة نفسها بألفي ريال فقط».
في الإمارات: العريس إماراتي وغني
تستنكر مريم عبدالله الشامسي، طالبة في كلية الأعلام، ما وصلت إليه إحدى صديقاتها من «فشخرة» مرضية تروي مريم: «قالت إن والدها سيبعثها إلى أمريكا للدراسة الجامعية، ورأيناها بعد فترة بسيطة تعمل بائعة في أحد المحلات... وعندما سألناها قالت إن والدها اشترى لها المحل، وهي تعمل بائعة لا أكثر». وعندما جاءت صديقة سارة علي، طالبة ثانوية، لـ«تتفشخر» وتّدعي بأن شاباً إماراتياً من أسرة ثرية خطبها مدت يدها لتريهم «دبلة الخطوبة»، وادّعت أن ثمنها عشرين ألف درهم، وعندما رأينا أمها صدفة وباركنا لها، انعقد لسانها ولم تجب بكلمة واحدة».
شبان الإمارات يتراجعون عن طلب يد الفتاة «المتفشخرة» حتى إن عبدالعزيز الأحمد موظف، صرف نظره عن فتاة؛ لأن همها الظهور وكأنها ابنة مليونير، علماً بأن والدها موظف بسيط.
في البحرين بنات «الواو»
في محلات القطع المقلدة!
يربطون «الفشخرة» بالعاملات في الفضائيات والتلفزيون، فإحدى المذيعات كما روت الإعلامية والمذيعة التلفزيونية سهير عصفور كانت «تتقشخر» بملابسها أمام الأخريات، فهذا الطقم من «إيف سان لوران»، والشنط والملابس من.. تتابع سهير: «حتى جاء أحد العمال بيده كيس، لا يعرف صاحبه وكانت المفاجأة أن الكيس كان يحتوي على طقم لبسته الممثلة غادة عبدالرازق في مسلسل «مع سبق الإصرار»، ولكن الكيس كان لمشغل خياطة يديره خياط هندي، وعرفنا بعدها أن زميلتنا «تصور» الأزياء، وتأخذها للخياط الهندي؛ ليعمل عنها «كوبي بست»، وتقول إنها من فرنسا ولندن وسويسرا.
مظهرهن لا يتفق مع مستواهن الاجتماعي، هو رأي الشبان بـ«المتفشخرات»، فقد أحب عزيز أحمد، طالب تخصص هندسة مدنية، فتاة اكتشف أنها تقترض حتى تظهر بالمظهر المطلوب، يتابع: «اتصلت بها الشرطة بعد أن أصبح عليها مبلغ كبير لأحد محلات الملابس».
في الكويت: يتباهين بإجادة الطبخ والسفر وشراء الماركات!
تشبه ربا الحلبي، معلمة، تجمع الصديقات بالحرب الباردة، فتلك سافرت إلى لندن وباريس، وما رأيكن بهذه الساعة التي وصلت لي بطلبية خاصة حتى إن نسبة الصدق في كلامهن لا تتجاوز ٢٠% بالمئة تتابع: «إحداهن تباهت بساعة تدعي أنها بقيمة 10 آلاف دولار أمريكي، ثم تبين أنها لا تساوي الـــ150 دولاراً أمريكياً، بعد أن كشفتها إحدى الخبيرات في الجلسة، فادعت «المتفشخرة» أن زوجها اتصل بها، ويطلب منها الحضور إلى المنزل بسرعة.
الاختلاف الطبقي في الكويت والمجتمعات الخليجية بخاصة التباين الاقتصادي في المستوى المعيشي بين أفراد المجتمعات يسهم كثيراً في وجود حالات مرضية.
وباعتقاد سلطان الرقاع، موظف، أن بنات حواء من الأكثر تقليداً، يتابع: «الطامة الكبرى أن من يدفع الثمن هم الأزواج، والكثير من النساء مديونات، وعليهن التزامات مالية كبيرة من أجل مواكبة الموضة».
الرأي الاجتماعي.. أحلام يقظة
حب الظهور والتقليد وتتبع الموضة والمفاخرة بامتلاك ما لا يملكه الآخرون، ظاهرة تنتشر في السعودية، برأي الباحث الاجتماعي فياض العجمي؛ لذا تبدأ «الفشخرة» والمفاخرة الكذابة، والتي يسهل على المثقفين اكتشافها يتابع العجمي: «هذه العادة غالباً ما تكون لدى المراهقات، ولا تختفي إلا في حالة الإشباع الذاتي».
وبرأي، الأخصائية النفسية والإكلينيكة في مركز النعيم الصحي الدكتورة عزيزة أحمد علي، من البحرين أن طغيان الحياة المدنية المعاصرة أفرز ظواهر اجتماعية غريبة منها «الفشخرة»، ويرادفها بالبحريني «الفوشرة»، تتابع: «قد تظهر الشابة كل يوم بملابس غالية وماركات عالمية لتبدو ثرية رغم فقرها، هن فتيات صدقن أنفسهن، لذلك يجب عدم الاستهزاء بهن، ومعالجتهن».
أجرت «سيدتي» استفتاء على 500 عينة عشوائية في البلدان العربية الخمسة المشاركة في الملف، حول أهم ما «تتفشخر» به الفتيات، وكانت الإجابات كالآتي:
33 % بالمستوى الاجتماعي، «أصل العائلة، وقرابتها بعلية القوم».
29 % بالشكل الخارجي والجمال، والملابس والمجوهرات، وإعجاب الآخر بهن.
25 % بالرحلات والسفر إلى جميع البلدان.
13 % بالمستوى التعليمي والثقافي.