نحن نستيقظ في الصباح، نفرك أسناننا بالفرشاة، نشرب كوبًا من القهوة ونذهب إلى العمل، بالنسبة لمعظمنا؛ فإننا نقوم بهذه العمليات بشكل تلقائي، لكن بالنسبة للذين يعانون من مشاكل حركية أو نفسية؛ فإن هذه العمليات وغيرها تشكل تحديًا كبيرًا.. بهذه الكلمات وصفت الأخصائية مي رشوان، العلاج الوظيفي الذي يكون في بعض الأحيان السبيل الوحيد للانتقال من حياة التبعية والخلل الوظيفي، إلى حياة الاستقلالية.. مجلة «سيدتي» التقت بها للتعريف بكل التفاصيل المتعلقة بهذا المجال، من خلال التالي:
- ما هو تخصص العلاج الوظيفي؟
العلاج الوظيفي هو مهنة في الحقل الطبي المساند، تعنى بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، المصابين بمشاكل جسدية، حسية، حركية، فكرية، عقلية، نفسية أو اجتماعية.. تعمل على تأهيل أو إعادة تأهيل المهارات والقدرات التي تساعد على التكيف الوظيفي والسلوكي للأشخاص، وذلك من خلال نشاط هادف، إن الهدف الرئيسي للعلاج الوظيفي، هو تطوير استقلالية الفرد الشخصية والاجتماعية والمهنية، ودمجه في مجتمعه.
- ما هي أهم الحالات التي تتطلب العلاج الوظيفي؟
أمراض العظام والعضلات، أمراض الجهاز العصبي، الحروق، الشلل الرباعي والنصفي، وصعوبة حركة الأعضاء الكبرى «الساقين والجذع»، مشاكل حركة العضلات الدقيقة «الأصابع، الأيدي»، مشاكل الإدراك «التناسق أو التآزر بين حركة اليد والعين»، مشاكل حسّية «بصرية، سمعية، لمسية، وتعبيرية: ابتسام، حزن، فرح، بكاء»، مشاكل تنظيمية «صعوبات التذكر، وفهم الوقت، والمفاهيم المكانية»، صعوبات تركيز الانتباه، بالإضافة للمشاكل الشخصية «صعوبة متعلقة بالبيئة المدرسية والاجتماعية».
- وما هي إستراتيجية العلاج الوظيفي؟
عند حضور المريض إلى العيادة، يجب أن يكون محولاً من طبيب مختص إلى قسم العلاج الوظيفي، نبدأ بعمل دراسة للحالة؛ لتحديد المشاكل الطبية التي تحتاج علاجًا وظيفيًا، ويتم عمل تقييم شامل، وبناءً عليه، يتم وضع خطة العلاج والأهداف طويلة المدى وقصيرة المدى، وبعض الأجهزة المساعدة في حال تستدعي الحالة، ثم مناقشة الأهداف مع المريض أو مرافقيه، وتطبيقها من خلال الجلسات الفردية أو الجماعية، وعمل إعادة تقييم كل شهرين؛ لتطوير الأهداف إن كان هناك تقدم في الحالة.
- ما هي أهم مهارات المعالج الوظيفي ودوره؟
متطلبات مهنية، جسمية، الشروط البيئية، التحضير المهني الذي يتطلبه العمل؛ إذ يتعامل المعالج الوظيفي مع مرضى الجلطة الدماغية «stroke»، ومرضى ارتجاج الدماغ «TBI»، بالإضافة لدوره في تأهيل مرضى الحروق والتأهيل البصري «vision rehabilitation» ومرضى إصابات العمل، ويقوم بأدوار هامة جدًا في حياة الأطفال والكبار، ويتضمن ذلك:
* المساعدة في الحصول على الأجهزة التعويضية المساعدة على الحركة والتنقل.
* التنسيق مع المسئولين عن برامج التربية الخاصة.
* تدريب الأسرة على بعض التمرينات والأنشطة الحركية لمتابعتها مع الطفل في المنزل.
* تدريب المعلمين على المعدات والأجهزة المساعدة التي يستخدمها الطفل في المدرسة.
* تعليم مهمّات وظيفية تتناسب مع العمر، والنضج، والقدرة، والعجز، ومظاهر النمو عبر مراحل الحياة المختلفة.
- التوجه نحو العلاج الوظيفي بالسعودية يعتبر محدودًا.. لماذا برأيك؟
نظرة المجتمع العربي بأكمله نظرة غير مكتملة عن هذا النوع من العلاج، ومازلنا بحاجة إلى توضيح بعض مبهمات التخصص، وتكثيف وسائل نشر التوعية بأهميته، وبكل أسف، العلاج الوظيفي تخصص غير معروف ومحدود جدًا بأغلب الدول العربية، باستثناء الأردن، حيث كانت الدولة العربية الوحيدة التي تقوم بتدريس هذا المجال، ولكن في الآونة الأخيرة بدأ يظهر؛ فأصبح يدرس كتخصص طبي بجامعة الملك سعود، ونأمل من جميع الأطباء والأخصائيين، المساهمة في توعية المجتمع ونشر الثقافة حول أهمية العلاج الوظيفي، ودعمه في جميع أقسام التأهيل بالمستشفيات والمراكز الطبية.
- حالة أشرفتِ على علاجها وتغيرت حياتها؟
طفل كان يعاني من شلل نصفي بسبب ارتفاع ضغط الدم للأم بالولادة، وأصيب الجنين بشلل نصفي قبل الولادة، بدأ في الجلسات وهو بعمر 3 أشهر؛ حتى أصبح 6 سنوات ودخل المدرسة، وأصبح طفلاً طبيعيًا، يمشي ويقفز ويلعب ويسبح ويمارس جميع الأنشطة الحياتية باستقلالية، ويرجع ذلك، بعد الله، إلى إصرار والديه وإيمانهما القوي بأن يجعلا من الإعاقة انطلاقة.